Menu Close

حوار خاص مع سيدة القوة الأولى

د. فادية عبد الجواد
د. فادية عبد الجواد

هل تواجه بعض الصعوبات فى حياتك ، والتى تحول دون وصولك لأحلامك ؟
مهما كان حجم أحلامك .. ومهما كان حجم الإعاقة التى تحول دون تحقيق أحلامك .. عليك أن تؤمن بنفسك ، وتطلق العنان للأسد الرابض داخلك .. عليك أن تتولى مهمة تحويل أحلامك لحقائق معاشة.
لن يكون سهلا تحقيق تفوق دراسي وعلمي وشخصي وإجتماعي أيضا .. فى وجود إعاقة مثل فقدان السمع.. أليس كذلك ؟
ولكن هناك من كسر هذه القاعدة .. واستطاع تحقيق معجزته الخاصه به
إنها الدكتورة فادية عبد الجواد .. استشاري الأمراض الجلدية
التى استطاعت تحقيق تفوق مبهر ، والذى لم يكن سهلا حتى على الذين تتوفر لهم كل سبل النجاح.
98% فى الثانوية العامة ، التفوق الملفت للنظر فى دراسة الطب ، تأسيس الحياة الشخصية بنجاح ، تربية الأبناء بشكل فائق وتقديم نماذج مشرفة للمجتمع.
تحدث عنها التليفزيون أكثر من مرة ، وتحدثت عنها الكثير من الصحف ووسائل الإعلام واستاضفتها أيضا منصة TedX العالمية .. ولذلك لم يكفينا أن نتحدث عنها فحسب ، وإنما كان الهدف هو النقاش والتحاور مع السيدة الفاضلة .. نموذج القوة والتحدي .
لمعرفة الدوافع التى أدت لتحقيق نجاح بهذه القوة ، وكيف استطاعت أن تواجه هذه الإعاقة وتتغلب عليها ؟؟
ليس هذا فقط .. وإنما أيضا استطاعت أن تعمل على تأسيس جمعية تهدف لرعاية وعلاج فاقدي السمع لمساعدتهم على تجاوز الأزمة نفسيا وطبيا .
وكأنها تدب صوت الحياة داخل القلوب قبل الأذن
لقد كانت ومازالت بالفعل .. مصباحا يضيئ الطريق للعالم كله

إليكم الحوار بالكامل :


نبذة بسيطة ومختصرة عن د.فادية ..

دكتورة فادية عبد الجواد
استشارى جلدية وتجميل .. مصرية حتى النخاع
وانا ام وجدة
ومعروفة كأول طبيبة بشرية صماء

ولدت طفلة طبيعية متفوقة دراسيا .. تسمع وتتكلم وتمارس جميع الانشطة المدرسية الفنية والثقافية
وفى عمر ١١ سنة فقدت السمع وانا فى الشهادة الابتدائية نتيجة حمى شوكية – وأحب أن أركز على أن الحمى كانت حمى شوكية وهو أمر هام لاجل التوعية بمخاطر الحمى الشوكية واهمية التطعيم للاطفال.
وأكملت تعليمى الإعدادي والثانوى فى مدارس عادية معتمدة على قراءة حركة الشفاة التى علمتها لنفسى
والتحقت بعد تفوقى فى الثانوية العامة بكلية طب عين شمس وكانت مرحلة اخرى فى غاية الصعوبة
وتخرجت منها بلا أى رسوب فى اى مادة طوال الست سنوات من الدراسة
عملت داخل وخارج مصر لمدة عشرين عاما قبل اول عملية زرع قوقعة عام ٢٠٠٦ واستعدت السمع فى احدى الاذنين ثم العملية الثانية عام ٢٠١٤ واستعدت السمع فى الاذنين بفضل الله
وخرجت من عالم الصمت والصمم لأحمل رسالة امل للجميع

كيف كانت بداية الأزمة ؟

لنقل بداية المنحة الإلهية التى لو خُيرت ما اخترت غيرها
كانت البداية يوم ٢٢مارس ١٩٧٣ بعد حفل عيد اﻻم مباشرة فى مدرستى الابتدائية والتى شاركت فيه بالغناء والتمثيل والجمباز والباليه وكان يوما حافلا
فى اليوم التالى شعرت بتعب ظننته نتيجة ارهاقى فى الحفلة وماسبقها من تدريبات
ولأول مرة فى حياتى تغيبت عن مدرستي.
وايضا لم أتمكن من مرافقة أسرتى لحفل زفاف أحد أقاربنا فى البلد
وفى اليوم التالى تفاقمت الحمى وبدأت افقد الوعى وأسرع بى أخى الضابط إلى الطبيب وأعطانى بعض الادوية ولم يتم التشخيص إلا فى الايام التالية بعد عودة والدى فجأة من حفل الزفاف على غير عادته
وكانت نهاية المطاف مستشفى الحميات حيث ظللت فى غيبوبة حوالى ٨ اسابيع كانت كل حواسي مهددة

كيف كانت مواجهة القدر والابتلاء وقبول الامر الواقع والتعامل معه .. ؟

بعد ان افقت من الغيبوبة ولازلت اذكر هذا اليوم كأنه حدث بالأمس
كانت والدتى ووالدى وإخوتى حول فراشي فى المستشفى ولاحظت ان شفاههم تتحرك وأنهم فرحون جدا أنى قد أفقت من غيبوبتى … ولكنى لم اسمع شيئا على الاطلاق
ظننت أنهم يمزحون معى
حتى جاء والدي بورقة وكتب لى فيها أننى كنت مريضة جدا وفى غيبوبة وأن سمعى متأثر ( مؤقتا ) وسوف يعود فى خلال اسابيع قليلة كما قال
لكنى شعرت انه وضع دائم وليس مؤقت
بالطبع كانت الصدمة هائلة فقد كنت لازلت طفلة
وبعد الاغانى والموسيقى والحفلات .. وبعد الحياة الصاخبة والتفوق والتكريمات … وجدت نفسى أسيره لعالم الصمت والصمم الكئيب
بالطبع كان هناك فترة من القلق والتوتر ورفض الواقع الجديد
لكن بفضل الله لم تستمر تلك الفترة طويلا
اكرمنى ربى بحالة من السلام النفسى والهدوء
بعد رؤيا أضاءت نفسى وقلبى بسكينة لاتزال تلازمنى حتى الان
وأدركت وقتها وانا طفلة انى لابد ان أتحرك وان ابذل اقصى جهدى لأساعد نفسى واتغلب على ماانا فيه وان اكسر حاجز الصمت من حولى
وبطريق المصادفة اكتشفت طريقة للتواصل مع من حولى بقراءة حركة الشفاة وتمسكت بهذا الخيط وظللت أدرب نفسى وأتمعن فى وجوه الناس والممثلين وقارئى نشرات الاخبار فى التليفزيون حتى انقنت قراءة حركة الشفاة بنسبة ١٠٠٪ تقريبا
واعتمدت عليها فى حياتى ودراستى لأكثر من ٣٣ عاما قبل اول عملية زرع للقوقعة

لماذا كان الإختيار هو مجال الطب بالتحديد ؟

كان حلم الطفولة والصبا الذى لم يتزعزع ابدا بل ازداد رسوخا بعد مرضى وفقدانى للسمع
كان حلم عمرى ان اكون طبيبة تداوى الناس ولاتتاجر بآلامهم
واعتقد فى هذا الوقت لم يكن هناك قوة فى العالم تستطيع ان تثنينى عن تحقيق حلمى
عشت هذا الحلم منذ الطفولة المبكرة وتجسدت فيه احلامى واعتبرته أمرا واقعا مسلما به وأنه سيتحقق لا محاله … فقط هناك مشوار وصعوبات وتحديات لابد من خوضها وكنت على أتم الإستعداد لذلك .
فالصعوبات أمور موجودة لكى نتخطاها وليس لكى تتغلب هى علينا
وهكذا مضت مرحلة الإعدادية والثانوية بسهولة وبمجموع ٩٨٪ فى الثانوية العامة معتمدة فقط على الكتب حيث كنت ادرس المادة الواحدة من عشرات الكتب
وكنت بفضل الله الأولى فى جميع المراحل الدراسية
وبعد تفوقى فى الثانوية العامة صممت على تحقيق حلم الطفولة رغم محاولات البعض تغيير مساري الدراسي ولكن هيهات
فأنا دكتورة فادية بالفعل “كان هذا إعتقاد راسخ فى أعماقى و كيانى وعقلى”
والتحقت بكلية طب عين شمس حلم حياتى
وكانت مرحلة أخرى تماما فى غاية الصعوبة بل فى غاية القسوة
كان تحديا يوميا بمعنى الكلمة
فقد كنت أقضي يومي وجزء من ليلي فى الكلية والمعامل والمشرحة أحاول فك شفرات المناهج الطبية الصعبة
ثم أعود لمنزلي فأظل أدرس وأدرس حتى ساعات الصباح الاولى مستعينة بعدد هائل من الكتب والمراجع الطبية
ومع الأسف لم اجد أدنى مساعدة من اساتذة الكلية باستثناء دكتورعلى خليفة رحمه الله ودكتور طلعت الديب استاذ الباثولوجى بارك الله فى عمره فهو أستاذي ومثلى الأعلى والمثل الأعلى لكل أستاذ جامعي وهو الوحيد الذى ساعدنى وشجعنى
وكانت مشكلتى الاساسية فى كلية الطب هى الامتحانات الشفوية حيث الدراسة باللغة الانجليزية وكنت علمت نفسى اللغة الانجليزية والفرنسية ايضا لكن لم اكن اجيد قراءة حركة الشفاة باللغة الانجليزية
وإن كان طلبة الطب يرتعدون خوفا من الامتحانات الشفوية خوفا من عدم معرفة الاجابة
أما أنا فكان كل خوفى وقلقى من عدم معرفة السؤال
أما الاجابة فأنا كفيلة بها
وكم تم ظلمي فى الامتحانات الشفوية لعدم قدرة الأساتذة على إستيعاب وجودي وأنا فاقدة السمع ، بل إن البعض منهم كان لا يصدقنى عندما أخبره بحالتى واطلب منه كتابة السؤال
وبعد ٦ سنوات فعلا شاقة ولكنها ايضا ممتعة تخرجت من كلية الطب وانا زوجة وأم لابنتى الكبرى الغالية
وعملت فى وزارة الصحة ، ثم سافرت للخارج لفترة طويلة وبعد العودة عملت فى التأمين الصحي ثم فضلت الاستقالة والعمل الخاص

ماهى دوافعك الأساسية لتحقيق النجاح ؟

كان شعارى فى الحياة ولايزال: انطلق نحو القمر … فحتى لو أخطأته فسوف تهبط بين النجوم
كنت فى طفولتى متفوقة جدا ومحط إعجاب وفخر شديد لأسرتى
وبعد فقدانى للسمع صممت أن أظل مصدرا للفخر والإعجاب وليس مصدرا للرثاء
وكنت فى أعماقى أحب التفوق وكنت أعشق الكتب والدراسة
كانت أحلامى تعانق السماء
لم يكن دافعي أبدا فى هذا الوقت هو إثبات الذات او ( استعراض القوى )
على الاطلاق
كانت تفوقى بالنسبة لى مسالة طبيعية تماما وإستمرارا لتفوقى قبل فقدان السمع
بالطبع تطلب الأمر مجهودا أكثر لكنى كنت مستمتعة بذلك
وعشت فى عالمى الخاص .. عالم ملىء بالكثير من الأمل والنجاح وببعض الألم أيضا.. عالم ملىء بالصمت والوحدة نعم لكنه ملىء ايضا بالارادة والتحدى.. وانشغلت بتطوير ذاتي ونسيت حقا انى صماء .. نسيت تماما.. وانطلقت أنهل من كل مصادر العلم والمعرفة وأطور من ذاتى
ولم انعزل ولم اشعر يوما انى أقل من غيرى على العكس بل شعرت ان الله سبحانه اكرمنى كثيرا… أخذ منى شيئا صغيرا واعطانى أشياء واشياء وسبحانه مااخذ الا ليُعطى وعطاؤه معى كان فى غاية السخاء

كيف تعاملتى مع الدراسه .. بوجود تحدى الصمم ؟

أفقت من غيبوبة الحمى الشوكية بعد فقداني السمع قبل إمتحان الشهادة الإبتدائية مباشرة
وخرجت من المستشفى إلى لجنة الإمتحان مباشرة حيث لم يتمكن والدى من عقد لجنة خاصة لى فى المستشفى
كنت فى الصف السادس الابتدائى وحاولت فى السنة السابقة أن أدمج الصف الخامس والسادس ابتدائى معا ولكن لم أتمكن بسبب صغر سنى .
ولذلك كنت قد إنتهيت من المنهج عدة مرات ولم اجد صعوبة فى الامتحان إلا بسبب درجات الإملاء فى الامتحان والتى فقدتها بالكامل حيث لم أسمع صوت المدرسة وهى تلقي قطعة الإملاء ولم اكن قد نميت بعد القدرة على قراءة حركة الشفاه ورفضت عرض المدرسة التى قدمت لى قطعة الإملاء لأقوم (بنقلها) فى ورقة اجابتى تعاطفا منها مع مرضي
فقد كنت طالبة متفوقة جدا ولم يكن فى قاموسى ابدا كلمة غش او حتى احتمال ذلك
وفقدت درجات الإملاء بالكامل ( وكانت ٣٠ درجة)
وحصلت على ٩٥٪ فى الشهادة الابتدائية
فى المرحلة الاعدادية والثانوية ورغم اتقانى لقراءة حركة الشفاة لكنى اعتمدت بالكامل فى دراستى على نفسى وعلى الكثير من الكتب التى كنت اعشقها
ولم اجد صعوبة تذكر فى استيعاب المواد الدراسية والتفوق فيها
وعلمت نفسى اللغة الانجليزية والفرنسية
وحصلت فى الثانوية العامة على ٩٨٪ والتحقت بكلية طب عين شمس وكانت مرحلة مختلفة تماما بل وشديدة الصعوبة كما ذكرت سابقا

ماهى الاستراتيجيات الخاصة التى استخدمتيها فى الدراسة ؟

الأساس هنا كان إيمانى بأنى أستطيع وساعدنى فى ذلك حبى الشديد للعلم
أما الإستراتيجية الخاصة بي فإنى كنت أتقمص ما أدرسه حرفيا خاصة المواد العلمية
وساعدنى ذلك فى دراستي الطبية حتى انى كنت أندمج كليا فى الدراسة واتقمص دور الخلية أو العضو الذى أدرسه فى حالته الطبيعية وفى الامراض المختلفة تقمصا تاما
حتى أنى أحيانا كنت أشعر بدبيب المرض الذى أدرسه يتسلل نحوي فعليا وكنت أقاوم ذلك بالإنتقال الى مادة أخرى أو مرض آخر …، وهكذا
كانت تجربة شاقة لكنها حقا ممتعة

كيف تعامل المجتمع .. مع الإنسانه التى حققت تفوق مذهل  رغم تحدى الصمم؟

فى مرحلة مابعد فقدان السمع مباشرة ..
لم اشعر أن المجتمع كان يرفضنى أو ينبذنى مطلقا وساعد على ذلك حرصي البالغ على مواصلة التفوق الذى تميزت به قبل مرضي .
واستمر ذلك فى المرحلة الإعدادية والثانوية ، وكنت نجمة مدرستى الإعدادية والثانوية ولاتزال صلتي وصداقتي مستمرة ببعض اصدقائى من تلك المرحلة
وكان مجتمع أسرتى وأقاربي يعتز بي ويعاملني بصورة عادية جدا ، نظرا لإجادتى قراءة حركة الشفاة ، بل إن الأقارب كانوا يحفزون أولادهم ليكونوا مثلى
كانت دائرة تعاملاتى محدودة بالأسرة والمدرسة وبعض الأقارب ولم أخرج الى العالم الخارجى وأجرب قسوته إلا بعد التحاقى بكلية الطب
حيث حاول أحد الأساتذة تحويلى من الكلية الى كلية نظرية ولكنى تصديت له ولم تكن هناك قوة فى العالم تستطيع أن تثنينى عّن تحقيق هدفى
حتى أنه قد صمم على اختباري بنفسه فى مادته ( نساء وولاده ) وبعد إنتهاء الإختبار صافحني وحياني ودعا لي بالتوفيق لأنى أجبت على اسئلة قال لى بنفسه أن طلبة الماجستير لم يتمكنوا من الإجابه عليها.

أكبر المعوقات التى واجهتك خلال تحقيق النجاح في الحياه بشكل عام ؟

اعتقد الجهل هو العقبة الاساسية
جهل الناس
جهل المجتمع
إعاقات العقول التى تتصور ان فقدان احدى الحواس معناه فقدان الموهبة والابداع
معاول الهدم التى حاولت إعاقة مسيرتي ولكني بفضل الله تجاهلتها بل كثيرا ماكنت استخدمها لمزيد من التفوق وشحن الإرادة.

فى جملة واحدة فقط ..  كيف يمكن التغلب على اعظم المعوقات؟

بالإيمان واليقين أن بداخل كل منا كنز الهى من الإرادة والعزيمة ..
بداخل كل منا أسد رابض ينتظر الإنطلاق وقد تكون المحن والآلام هى المحفز لهذا الانطلاق

متى وكيف تم استعادة السمع .. وكيف تعايشتي مع التجربة بعد أعوام طويلة من فقدان السمع ؟

تخرجت عام ١٩٨٦ وأنا زوجة وأم لابنتى الكبرى الحبيبة وعملت داخل وخارج مصر لمدة ٢٠ عاما قبل إجراء أول عملية زرع قوقعة عام ٢٠٠٦ بإلحا ح من ابنتى الكبرى جهاد.
واستجبت لأمنية الإبنة الحبيبة وكانت عروساً على وشك الزفاف وأجريت أول عملية زرع قوقعة
قبل العملية كنت أظن إنى بخير حال ولايوجد من هو أفضل منى وانى ناجحة فى عملى ومشغولة بأولادى ومتأقلمة إلى حد أنى نسيت انى صماء … وولكنى أدركت بعد إستعادة السمع أننى كنت مخطئة تماما
توكلت على الله وأجريت عملية القوقعة ولأول مرة فى حياتى أسمع كلمة ( ماما) وأسمع صوت أولادى الأربعة وهم شباب كبار
ولأول مرة ألبى نداء “ماما” وهو يأتينى من بعيد دون أن يكونوا أمامي لأقرأ حركة شفاههم
وامتلأت حياتى بالبهجة والروعة واستعدت التواصل الإنساني الطبيعى والبهجة وشعرت أنى استعدت الحياة وليس السمع فقط.
وبفضل الله أجريت العملية الثانية عام ٢٠١٤ بعد ٤١ عاما من الصمم واستعدت السمع فى الأذن الأخرى
وتعجز كل الكلمات فى كل قواميس اللغة عن وصف شعوري بعد إستعادة السمع .. صمتت حروفى وأبدت لغتى عجزها

أما كيف تعايشت مع التجربة بعد اعوام طويلة من فقدان السمع .. فهو أمر يحتاج عدة كتب لكى أوضح تفاصيله ومن العجيب أنى لم أكتب كثيرا عن ذلك لأنه ببساطة بعض المشاعر تعجز الكلمات عن وصفها
خاصة وأنى يوميا أخوض التجربة أى أعود لعالم الصمم مرة اخرى بعد نزع الجهازالخارجى للقوقعة
ولذلك فأنا فى حالة امتنان أبدي للخالق سبحانه
وتعبيرا عن هذا الإمتنان وهبت كل ماتبقى من عمرى لمساعدة فاقدى السمع على عودة السمع وعلى التعليم والنجاح والعمل
وذلك من خلال جمعية السمع صوت الحياة ، التى تم إشهارها مؤخرا وأتولى رئاسة مجلس إدارتها وأرجو ان تكون عونا وصوتا ونبضا لفاقدي السمع وأن يوفقنى الله للأخذ بايديهم الى بر الامان

كيف نؤهل أبنائنا لتقبل ابتلاءات القدر بقوة وصبر ؟

من رحم الالم يولد اﻻمل.. ومن عمق الظلام ينبثق النور
تأهيل الأبناء بالايمان أولا ، والثقة بالنفس ، وان الله سبحانه عادل رحيم ما أخذ إلا ليُعطى
والإقتناع بأن الابتلاءات هى إحدى الجوائز الإلهية التى هى فى جوهرها منحة لمن يثق بالله وبالقدر، وأنه كله خير
فالابتلاءات والصعوبات تصقلنا وتصهرنا وتستنهض قوتنا الداخلية وتستخرج طاقتنا الإيجابية لنتمكن من مواصلة الحياة بكرامة وشموخ

ماهى الرسالة التى تحملها د. فادية  للعالم ؟

رسالتى بعد ٤١ عاما من الصمم … هى رسالة أمل وإلهام
أن العلاج موجود وممكن
وأن كل إنسان قادر على أن يحقق أحلامه ، وأن يكون مايريد وأن يصنع معجزته الخاصة بنفسه
فالله سبحانه لم يختصنى بشىء دون الآخرين
فجميعنا لدينا تلك الارادة وتلك القوة … فقط علينا ان نكتشفها ونحسن توظيفها ونستعين بالله وننطلق

ورسالتى ايضا وأمنيتى وما أعيش له الآن
هو أن يعيش كل أصم تلك اللحظة الرائعة .. لحظة إستعادة السمع ، بل استعادة الحياة والتواصل الطبيعى مع الناس
ومن أجل ذلك قمت بإطلاق مبادرة : السمع حياة… فلنحيا.
كما قمت بتاسيس جمعية السمع صوت الحياة والتى أتولى رئاسة مجلس إدارتها لتكون صوتا ونبضاً لكل فاقد سمع أو ضعيف سمع ، وأرجو ان تكون هذه الجمعية رمزاً من رموز هذا الوطن الغالى وأن تساهم بقوة وفاعلية فى علاج جذري لمشكلة الصمم التى يعاني منها ملايين المصريين

كيف يمكن لأى إنسان أن يساهم فى هذه الرساله ؟

أعتقد أن كل مصرى بإمكانه المساهمة فى تحقيق هذه الرسالة ، وهى السمع وإستمرار السمع لكل المصريين.
حيث أن عملية القوقعة مكلفة جدا وتتجاوز تكلفتها ٣٠٠ الف جنيه هذا غير قطع الغيار والصيانة وتحديث الجهاز الخارجي للقوقعة كل بضع سنوات .
بالاضافة إلى احتياج الأطفال المولودين فاقدي السمع بعد زرع القوقعة يحتاجون الى تأهيل وتخاطب ليتمكنوا من الكلام بعد استعادة السمع
وهو مشوار مكلف وصعب وأغلب الأهالى غير قادرة عليه
واعتقد ان المجتمع كله يجب ان يتعاون لمساعدة هؤلاء ليتمكنوا من السمع ومن الكلام ومن التعليم والعمل وليكونوا أعضاء فاعلين فى المجتمع وليس عالة على هذا المجتمع

رساله شخصية لكل ذوي التحديات الخاصة ..

رسالتى إليهم
رسالة إعتذار أولا .. فقد أهملتهم مع كل الأسف طوال مشوار حياتى … إنشغلت بنفسى ودراستى وأسرتى وأولادى وعملى ولم أخرج اليهم لأحكى قصتي لعلها تكون ذات عون لهم
إننى بإختصار لم اشعر فعلا بمعاناة ذوي الإحتياجات إلا بعد ان خرجت فعليا من عالم الصمت الذى نسيت فيه انى كنت صماء نظرا لاجادتى قراءة حركة الشفاه وتأقلمى التام مع المجتمع
أما ثانيا: فإنى أدعوهم جميعا إلى العمل والهمة واستخراج كنوز الطاقة الإيجابية بداخلهم واليقين بأنهم قادرين على أن يكونوا مايريدون وأن يصنعوا معجزتهم الخاصة بأنفسهم فلايوجد مستحيل.. أكرر : لايوجد مستحيل
إن المستحيل كلمة لاتوجد إلا فى قاموس الضعفاء والمتخاذلين
وأرجو ان يكون شعارهم مثل شعاري الذى اتبعته طوال عمرى وهو:
انطلق نحو القمر فحتى لو أخطأته فسوف تهبط بين النجوم
فهيا انطلقوا .. إنطلقوا معي نحو القمر وسوف تصلون باذن الله

مقترح لك ...