Menu Close

مهارات تربية الأبناء في العصر الرقمي: تحديات وفرص

الأبوة والأمومة في العصر الرقمي: نصائح للتعامل مع التكنولوجيا

كتبت: إيمان مرسي

 في ظل التقدم التكنولوجي السريع الذي يشهده العصر الرقمي، تواجه الأسر تحديات جديدة فيما يتعلق بتربية الأبناء في العصر الرقمي.

تربية الأطفال في العصر الرقمي
تربية الأطفال في العصر الرقمي

سوف نقدم من خلال هذه المقالة نظرة شاملة عن تأثير الإنترنت والتكنولوجيا على الأطفال، ونستعرض دور الأهل في توجيه استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي.

كما تركز المقالة على ضرورة تعزيز الأمن السيبراني للأطفال، فإذا كنت أحد الوالدين أو معلم أو من المهتمين بمجال التربية فهذا المقال لكَ عزيزي القارىء، وفي الختام يقدم المقال خطوات عملية للأهل لحماية أولادهم من التأثيرات السلبية  للعصر الرقمي.


تربية الأبناء في العصر الرقمي

باتت تربية الأبناء في العصر الرقمي أمر صعب بسبب التطور التكنولوجي الهائل فأصبحت الأسرة تواكب تحديات جديدة لم تعهدها سابقا.

فأنت الآن مضطر لمواكبة العصر الرقمي حولك، فكل شيء حولنا بات يدور حول الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الجديدة والمتغيرة دائما لكل شيء نحتاجه ونستخدمه، لذلك أصبح من الضروري أن تمتلك فهم شامل للتكنولوجيا وقدرة على توجيه أطفالك في استخدامهم لها بطريقة آمنة.

لذلك دعنا نتعرف في هذا المقال على هذه التغيرات وكيفية التعامل معها وطرق التعامل في المواقف المختلفة التي تتعرض لها بسببها.

بداية ظهور الانترنت

دعنا نتذكر معا و سويا أول مرة دخلت فيها إلى الإنترنت؟.

يحتمل أنك في الأغلب عرفت الحياة قبل الإنترنت، ولكن بالنسبة للأطفال الذين يكبرون على الإنترنت، فلا يمكنهم تصوُر الحياة بدونها، لقد حولت التقنية الرقمية العالم الذي نعيش فيه وغيرت المشهد الاجتماعي بأكمله، والطفولة ليست استثناء.

واحد من كل ثلاثة مستخدمين للإنترنت في جميع أنحاء العالم هو طفل، فالكثير من الأطفال لديهم بصمة رقمية قبل أن يتمكنوا حتى من المشي أو الحديث، والشباب هم الآن الأكثر وصولا للإنترنت من بين كل الفئات العمرية.

كيف بدأ العصر الرقمي، وماهو، وماهي مميزاته ؟

العصر الرقمي بدأ ظهوره مع ظهور الإنترنت، فهو أحد أعمدة العصر الرقمي وأهمها، وهو العصر الذي نعيشه اليوم، ويتكون من كل الأجهزة المتقدمة التي نستخدمها في يومنا، والوسائل الرقمية التي تسيطر على  مجال الاتصال ومعالجة وتبادل المعلومات.

مما سهلت علينا مهامنا وجعلتها تتسم بالسرعة والدقة وقامت على تقريب المسافات بيننا وبين الآخرين وعملت على إلغاء الحدود.

إدمان التكنولوجيا وتأثيراتها على تربية الأبناء في العصر الرقمي

أصبحنا بالتالي مدمنين على التكنولوجيا ولا يمكننا الاستغناء عنها، مما فرض علينا كوالدين أدوار إضافية جديدة بحكم التكنولوجيا وتأثيراتها علينا في تربية الأبناء في العصر الرقمي.

وأضافت قواعد جديدة أصبحت تحكم علاقتنا بأولادنا، لذلك أصبح يتطلب منا الإلمام بكافة التكنولوجيا التي يتعرضون لها ووسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمونها، لكي نتمكن من متابعتهم وتوجيههم بشكل سوي وسليم.

التواصل العائلي في العصر الرقمي

أصبح التواصل العائلي في العصر الرقمي يتخذ شكل مختلف عن التواصل الأسري قبل ظهور العصر الرقمي.

حيث أصبح استخدامنا واستخدامهم للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي يحدث فجوة بيننا وتباعد يزيد مع الوقت، و أصبحنا لا نعرف أغلب أخبارهم إلا من خلال وسائل التواصل.

العلاقات في العصر الرقمي

مما أثر بدوره على علاقاتنا الاجتماعية وأصبحت سطحية جدا، وقلت الزيارات العائلية والتجمعات بشكل كبير، واقتصرت علاقاتنا بالمحيطين على بوست مجمع على الفيسبوك، أو جروب عائلي على الواتساب لمشاركة الأخبار المهمة فقط.

مما جعل أطفالنا تنشأ وحيدة لا يختلطوا بالعالم الواقعي كثيرا، ولا يستطيعوا تكوين صداقات كثيرة في العالم الواقعي بشكل سوي وطبيعي، فأصبح عالمهم الاجتماعي يتمحور داخل عالم افتراضي فقط.

التعليم في العصر الرقمي

وامتد هذا ايضا ليشمل التعليم فأصبح التعليم الرقمي جزء أساسي من العملية التعليمية، وباتت أكثر الطرق التعليمية “الدروس والكتب والمحاضرات” على الإنترنت بشكل مدفوع أو مجاني، مما قلل من الذهاب للمدارس والمكتبات كما اعتدنا في السابق، وزاد من عزلة أولادنا الاجتماعية.

استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي

أما الأطفال أصبحت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي دون معرفة الطرق الصحيحة لاستخدامها، وبطرق لا تتناسب مع سنهم ومراحلهم العمرية بشكل سليم.

واليونيسف صرحت في تقرير لها أن اليوم أكثر من 175,000 طفل يستخدمون شبكة الإنترنت للمرة الأولى في كل يوم يمر، أي بمعدل طفل جديد كل نصف ثانية، وحذرت المنظمة المعنية بالأطفال من أنه على الرغم من الفرص والفوائد العديدة التي تتيحها إمكانية الوصول الرقمية لهؤلاء الأطفال.

إلا أن تأثير التكنولوجيا على الأطفال بات سلبي بشكل كبير حيث عرضهم لطائفة من المخاطر والأضرار، بما في ذلك الوصول إلى محتويات مؤذية، والاستغلال الجنسي والإساءات الجنسية، والتنمّر الإلكتروني، وإساءة استخدام معلوماتهم الشخصية.

الأطفال والألعاب الإلكترونية في العصر الرقمي

وبسبب مكوثهم لفترات طويلة على الإنترنت و عزلتهم الاجتماعية كذلك، كان النصيب الأكبر للألعاب الإلكترونية فأصبحت تتحكم بهم وتوجههم وتطلب منهم شروط معينة كي تمكنهم من الاستمرار عليها واستكمالها.

مما يؤدي بهم لارتكاب الكثير من الأخطاء، بل وأيضاً جرائم كثيرة سمعنا عنها مؤخرا، كانوا هم ضحاياها.

أساليب التربية المناسبة لتربية الأبناء في العصر الرقمي

وانعكس هذا على أساليب التربية التي لابد وأن تتناسب بشكل طردي مع معايير تربية الأبناء في العصر الرقمي حتى لا نفقد صلتنا بهم بسبب الأساليب التقليدية في التربية، ومن هذه الأساليب:

1. أسلوب التثقيف والتوعية

فأصبح لزاما علينا أن نجعل أبنائنا ملمين بأبعاد الثقافة الرقمية، حتى يمكنهم مسايرة التطورات الإلكترونية السائدة في هذا العصر، والتعامل الرقمي في جميع المجالات تعاملا آمنا وأخلاقيا، وحتى لا يقعوا في مشكلات عديدة نتيجة نقص الخبرة.

ونبدأ بذلك من خلال تنمية مهاراتهم للتعامل مع تطبيقات وأدوات وأجهزة التكنولوجيا الرقمية، والحوار الدائم مع الأبناء ومناقشتهم فيما يقرؤونه أو يتداولونه من آداب ومعارف عليها، وإكسابهم مهارات التفكير الناقد ومساعدتهم على البحث والتنقيب وانتقاء المحتوى الهادف.

2. أسلوب الإرشاد والتوجيه

وهذا الأسلوب تقوم فيه كوالد بشرح أسباب مطالبك لأبنائك، وتفسر لهم موقفك أنها في مصلحتهم ولأنك تحبهم فعلت ذلك وتوجههم إلى ما ينفعهم، مما يساعدهم على تكوين اتجاهات إيجابية.

3. أسلوب الضبط التربوي

وهو أن تضع أوقات مناسبة لكل نشاط يقوموا به خاصة استخدامهم للتكنولوجيا ووضع عواقب عدم الالتزام بما تم وضعه من حدود واتفاقية بينكم، وتقوم بمتابعة تنفيذ ما قومت بوضعه من حدود والتأكد من تنفيذها دون اللجوء إلى القسوة أو العقاب، وهو من الأساليب السوية في التربية الوالدية.

4. الأسلوب الحوار والمناقشة

يعتبر هذا الأسلوب من الأساليب الهامة في تربية الطفل لأنه يجعلك قادراً على التأثير في أفكار ومشاعر أبنائك و تغيرها نحو الأفضل وغرس القيم فيهم لأن الحوار الهادئ ينمي عقل الطفل، ويوسع مداركه، ويزيد من نشاطه في الكشف عن حقائق الأمور،وتدريب الطفل على المناقشة والحوار يقفز بالوالدين إلى قمة التربية والبناء.

ورغم ذلك لا تقع مسؤولية حماية الأطفال في العالم الرقمي على كاهل الأسرة فقط ، ولكن أيضاً يأتي بعدها على كاهل الجميع بما في ذلك الحكومات والمدارس والمؤسسات الأخرى.

الاستخدام الآمن للإنترنت في العصر الرقمي 

ولكي نضمن استخدام آمن للانترنت لأولادنا، علينا أن نتأكد من تعليم أولادنا أساسيات الأمن السيبراني لحمايتهم من المخاطر الإلكترونية، لأنه كلما زاد وعيهم بالمخاطر كان بإمكانهم حماية أنفسهم بشكل أفضل.

ومن أفضل الطرق المبدئية التي تساعد في ذلك هي إقامة حوار مفتوح وصريح بشأن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات والألعاب والإنترنت.

وأن نباشر في توجيههم وتشجيع العادات الآمنة والتوعية بالتهديدات على الإنترنت في أقرب وقت ممكن، ويُفضل أن يكون ذلك فور بدئهم في تصفح الإنترنت، أو بمجرد معرفتك لهذا المقال، من خلال توضيح أن هناك محتوى جيد وآخر سيء، وتحدث معهم عن الفرق بينهما.

خطوات تعليم الأبناء الأمن السيبراني  

عليك إنشاء حوار مفتوح معهم وتوجيههم للآتي: 

1-  حماية الخصوصية
  • أن يتحكّم بالأجهزة والمعلومات وكلمات السر الخاصة به، ويتحقق من معايير الخصوصية الخاصة به بانتظام للتأكد من أنها لا تزال مرتفعة.
  • لا يُعطِ اسمه الكامل أو تاريخ ولادته أو رقم هاتفه أو عنوانه أو اسم مدرسته خلال استخدامه للانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
2-  التواصل مع الأصدقاء عبر الإنترنت

عليه إدراك أن العالم الافتراضي مختلف تماماً عن العالم الحقيقي، وأن يفكر معك هل صديقه عبر الإنترنت هو الشخص الذي يعتقد؟!

وأنه لا يُمكننا أبداً مقابلة أي صديق افتراضي في الحياة الواقعية دون مناقشة الأمر معك، وإذا كنت توافق على مقابلة صديق من الإنترنت خارج الإنترنت، عليه أن يأخذ احتياطات السلامة، بصرف النظر عن عمره، وأن يُخبرك عن مكان اللقاء أو يأخذك معه.

3-  أن يفكر قبل التبادل
  • أن يفكر مليا في الرسائل والصور التي يتقاسمها حتى مع الأصدقاء، وإذا كان يخشى أن يقرأها أو يراها شخص ما، فلا ينشرها.
  • أن يثق بحدسه إذا شعر بعدم الارتياح للتحدث إلى شخص ما، فلا يردّ عليه.
  • أنه لا يمكنه أبدا محو ما قمت بنشره عبر الإنترنت فبمجرد نشره يفقد السيطرة عليه.
  • بلغ عن المحتوى
  • أن يلتقط صورة الشاشة لتسجيل أي محتوى يشعره بعدم الارتياح، ويعرضه عليك ويثق أنك ستتصرف بطريقة عقلانية في هذا الأمر ولمصلحتة، لأن الجميع يخطئ إذا فعل أو تبادل شيئاً ندم عليه، فلا يدع الإحراج يمنعه من الإبلاغ عن وضع منطو على خطر أو تهديد.

في بعض الحالات، يعتمد المحتالون عبر الإنترنت على الخوف الذي يشعر به الضحايا لطلب المزيد من الصور أو مقاطع الفيديو أو المعلومات الشخصية، وإذا كان هدفا للابتزاز أو التهديد، أن يوقف أي اتصال مع الفرد (الأفراد) ويتحدث إليك.

حقوق الأطفال في العصر الرقمي

أيضا نحتاج لمعايير أخلاقية بشأن البيانات والخصوصية، بالإضافة إلى ممارسات تخدم مصلحة الأطفال وتحميهم أثناء استخدامهم للإنترنت، و حقوق الأطفال في العصر الرقمي مكرسة في اتفاقية حقوق الطفل.

كما تعمل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل على مراقبة تنفيذ الاتفاقية وتحديد الطرق التي يجب أن يُعامل بها الشباب والأطفال في العالم الرقمي وكيفية حماية حقوقهم.

وفي هذا الصدد، أوصت اللجنة على الحكومات والمجتمع المدني بأن تتخذ الدول تدابير قوية، لا سيما خلال وضع قوانين لحماية الأطفال من المحتوى الضار والمضلل.

كما ينبغي حماية هؤلاء من جميع أشكال العنف التي تمارس في البيئة الرقمية، لا سيما الاتجار بالأطفال والعنف الجنساني والعدوان والهجمات عبر الإنترنت وحرب المعلومات.

طرق للرقابة الأبوية تساعد في تربية الأبناء في العصر الرقمي 

على الرغم من أن أدوات تصفية البيانات والإبلاغ الحديثة يمكن أن تكون مفيدة ومطمئنة للوالدين، إلا أنها لا تحل جميع المشاكل عبر الإنترنت.

لذلك يحتاج الأطفال لمراقبة أبوية مستمرة مِنكَ، ونؤكد كما ذكرنا سابقاً على أهمية أنه في حالة الوقوع فى خطأ أو التعرض لأي ابتزاز أو تعدى عليه، فيمكنه اللجوء لك فوراً دون الخوف منك.

خطوات تفعيل الرقابة الأبوية على تطبيقات التواصل الاجتماعي:-
  • تطبيق فيس بوك، فيشير إلى “مركز أمان العائلة”
  • تطبيق يوتيوب ضمن “إعداداته YouTube Kids”، يضمن لك التحكم في المحتوى الذي يشاهده طفلك، والوقت المسموح به.
  • تطبيق جوجل بلاي، تحميل ابلكيشن Family Link من Google play، فهو يتيح لك الأدوات سهلة الاستخدام في فهم كيف يقضي طفلك وقته على جهازه ومشاركة موقعه الجغرافي وإدارة إعدادات الخصوصية
  • تطبيق انستجرام
  • تطبيق سناب شات ، ابحث عن قائمة Family Center
خطوات عملية للأهل لحماية أولادهم من التأثيرات السلبية  للعصر الرقمي:-
  • كن قدوة حسنة لأبنائك من خلال الاستخدام الرشيد للتكنولوجيا.
  • قم بوضع قوانين تحدد وقت استخدامهم للأجهزة الإلكترونية.
  • استخدم برامج المراقبة الأبوية، كما ذكرناها لك لمتابعة نشاط الأبناء على الإنترنت وضمان سلامتهم.
  • تخصيص وقت للخروج معهم للحدائق والمنتزهات أو متاحف تعرفهم بالجانب التاريخي والتراثي أو زيارة الأقرباء.
  • تخصيص وقت لممارسة الرياضة سواء كان داخل المنزل أو خارجه

بالإضافة إلى تشجيع الأنشطة البدنية والاجتماعية لتحقيق التوازن بين العالم الرقمي والواقع، مثل:

  • تحديد ميول الطفل مثل الرسم أو الألعاب الذهنية أو الألعاب البدنية والعمل على تنميتها
  • شراء مجموعة من القصص التعليمية أو الترفيهية المناسبة مع مرحلته العمرية، ومساعدتهم في قراءتها.
  • توفير ألعاب يدوية تساهم في التفكير الإبداعي.
  • تخصيص وقت أطول للجلوس معهم أكثر من السابق للحديث معهم ومشاركتهم في ألعابهم ومواهبهم.

وفي الختام تتطلب تربية الأبناء في العصر الرقمي وعيا كاملا بالتحديات والفرص التي توفرها التكنولوجيا لنا، وعلينا التأكد من الإلتزام بكافة طرق الاستخدام الآمن وتحسين التواصل مع أبنائنا ومتابعتهم بشكل مستمر، ويُمكنك مشاركتنا تجربتك في تطبيق نصائح المقال مع أبنائك.

مصادر إضافية للإطلاع تساعد في تربية الأبناء في العصر الرقمي:-
للمساعدة في حالة التعرض للابتزاز على وسائل التواصل الاجتماعي:-

مقترح لك ...