ما هي قصة أكثر الأسلحة تدميرا،
القنابل النووية والذرية والهيدروجينية، من يمتلكها وما الفرق بينهم ؟
كتب : محمد عبدالخالق
نشهد اليوم نشاطا متزايدا من تصنيع الأسلحة ذات القدرة التدميرية القادرة على محو مدن كاملة في ثواني معدودة وتتنافس الدول فيما بينها على الوصول إلى أحدث التقنيات المصنعة لتلك الأسلحة، ولم تعد الدول النووية الكبرى وحدها هي من تملك زمام التحكم في تلك الصناعة بل أننا نجد اليوم دول ليست متقدمة أو دول صناعية كبرى ولكنها تملك أسلحة لها قدرات تدميرية لا حدود لها مثل القنابل النووية والذرية الهيدروجينية وتلك هو ما سنتحدث عنه ؟
أولاً : القنبلة النووية
تعتمد القنبلة النووية في عملها على إطلاق كمية هائلة من الطاقة التدميرية القادرة على محو مدن كاملة نتيجة لعملية الانشطار النووي أو عملية الانصهار النووي أو لكلا العمليتين معًا، كما أنّها تصنف من أسلحة الدمار الشامل التي يخضع تصنيعها إلى ضوابط دولية صارمة للدول النووية التي تمتلكها ، ونظرًا للشدّة التدميرية الهائلة التي تنتج عن إنفجار القنبلة النووية فإنّ قوة التفجير تُقاس بالكيلو طن من المواد الكيميائية المتفجرة، أو بوحدة الميغا طن والتي تساوي ألف كيلو طن من المواد الكيميائية المتفجرة.
بداية اختراع القنبلة النووية … مشروع مانهاتن
كان مشروع مانهاتن الاسم الرمزي للجهود التي بذلتها الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير قنبلة ذرية فعّالة في الحرب العالمية الثانية، وكان هذا المشروع تحت إشراف الفيزيائي النظري جي. روبرت أوبنهايمر الذي يدعى أبا القنبلة الذرية، وقد بدأ العمل على تصنيع القنبلة النووية استجابةً لمخاوف من أن علماء ألمان قد بدأوا العمل على سلاح باستعمال التقنية النووية منذ ثلاثينيات القرن العشرين.
بدأ العمل على هذا المشروع يوم 28 ديسمبر عام 1942 عندما أعطى الرئيس فرانكلين روزفلت الإذن لتشكيل مشروع مانهاتن للجمع بين مختلف العلماء والمسؤولين العسكريين العاملين في البحوث النووية، وفي يوم 16 يوليو عام 1945 فُجرت القنبلة الذرية بنجاح في موقع ناءٍ في الصحراء قرب ألاموغوردو في نيو مكسيكو، ونتجت عن الانفجار سحابةٌ هائلة على شكل فطر بارتفاع 40 ألف قدم معلنةً عن العصر النووي، وبذلك تكون الولايات المتحدة من أوائل الدول النووية.
ثانياً: القنبلة الذرية
تصنف القنبلة الذرية ضمن فئة الأسلحة النووية وتحدث نتيجة انفجار بسبب الطاقة الهائلة التي يطلقها الانشطار النووي ولذا يُعرف هذا النوع من القنابل أيضًا باسم “القنبلة الانشطارية”، حيث أن التأثيرات النووية تنتج بشكل رئيسي من شظايا الانشطار. وتتكون تلك المادة الانشطارية من اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم، ويتراوح إنتاج الطاقة من التفاعل إلى ما يعادل حوالي طن- 500 كيلوطن من مادة TNT المتفجرة.
ينتج عن انفجار القنبلة الذرية سحابة هائلة من الدخان الكثيف على شكل نبات الفطر، وصدور موجة من الطاقة التي تنتشر إلى بعض المناطق المحيطة، حيث يكون لها القدرة على الإطاحة بكل ما يقف في طريقها من المباني أو الأجسام أخرى.وفي حالة الانشطار التامّ للقنبلة الذرية التي تزن 1 كلغ من عنصر اليورانيوم 235 ينتج عن الانفجار إطلاق طاقة مقدارها 17 كيلوطن من المادة الكيميائية المتفجرة.
ما هي الدول النووية ؟
يوجد تسع دول تمتلك أسلحة نووية، حاليا، هي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية، وخمس دول منهم هي دول دائمة العضوية في مجلس الأمن ويمكن القول أن امتلاكها للأسلحة النووية والذرية يعد جزء من الهيمنة الدولية لها وباعتبارها الدول التي تحافظ على السلم والأمن الدولي وتلك الأسلحة امتلاكها من قبيل حالة الردع النووي لكل دول العالم وأنها بعيدة عن الاستخدام الذي يمكن أن يلحق الضرر بالمجتمع الدولي ككل.
لم تُستخدم القنابل النووية عبر التاريخ إلا مرتين؛ إذ استُخدمت ضد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية حين تم إلقاء القنبلة النووية عليها عام 1945، وخلَّفت دماراً كبيراً وخسائر هائلة في الأرواح حيث أدت إلى وقتل ما يقدَّر بنحو 80 ألف شخص، في حين أودت القنبلة التي سقطت على مدينة ناكازاكي بحياة أكثر من 70 ألف شخص واستمر الإشعاع الناتج عن القنبلة التي سقطت على مدينة هيروشيما عدة أشهر.وقد كانت الولايات المتحدة من أوائل الدول النووية التي تستخدم هذ السلاح.
ثالثاً: القنبلة الهيدروجينية، ما هي الدول النووية التي تمتلكها؟
يطلق عليها القنبلة الهيدروجينية أو القنبلة النووية الحرارية ويعود سبب تسميتها بالقنبلة الهيدروجينية لأنها تنتج عن تحفيز عملية الإدماج النووي بين نظائر عنصر “الهيدروجين” وبالأخص النظيرين “التريتيوم” و”ديوتيريوم”، حيث ينتج من اتحاد هذين النظيرين للهيدروجين ذرّة “هيليوم” مع “نيوترون” إضافي، ويكون “الهيليوم” الناتج عن هذه العملية أثقل كتلة من “الهيليوم” الطبيعي.
تحتوي القنبلة الهيدروجينية في داخلها على قنبلة ذرية تُحدث عند انفجارها انشطاراً نووياً ابتدائياً، مهمّته توليد حرارة مرتفعة من أجل إشعال تفاعل إدماج ثانوي هيدروجيني، وتمتلك القنابل الهيدروجينية ذات المراحل المتسلسلة قوة تفجيرية أكبر بكثير مقارنة مع أسلحة الانشطار ذات المرحلة الواحدة حيث يمكن للقنابل الهيدروجينية أن تنتج طاقة أعلى بكثير من القنابل الذرية، أي ما يعادل ميغاطن من مادة تي إن تي TNT . ومن الدول النووية التي تمتلكها كلا من الولايات المتحدة وروسيا.
ونظراً لما تحدثة القنبلة الهيدروجينية من آثار تدميرية، يُعتبر هذا السلاح الفتّاك محظور الاستخدام في الحروب، فهو يصعّب التحكّم به بشكل أكبر من القنبلة الانشطارية أو الذرية.
من الذي اخترع القنبلة الهيدروجينية أولاً، الولايات المتحدة أم الاتحاد السوفيتي؟
الولايات المتحدة الأمريكية كانت صاحبة السبق في إجراء أول اختبار لقنبلة هيدروجينية في “جزيرة بيكيني” المرجانية ضمن جزر مارشال في العام 1954 وكانت قوتها أكثر بألف مرة من قوة القنبلة الذرية التي أطلقت على هيروشيما في العام 1945، كما أنتجت بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين قنابل هيدروجينية، ولكن على الرغم من مرور نحو 7 عقود على إجراء أول تجربة لتفجير قنبلة هيدروجينية (قنبلة نووية حرارية)، إلا أنّ الجدل ما زال دائراً حول أوّل من أوجد هذا النوع المتطوّر من القنابل النووية.
حتى عام 1955، كان الإدماج النووي يُعتبر لغزاً علمياً فالولايات المتحدة لم تكن قد توصلت بعد لبنائها على شكل قنبلة يسهل استخدامها، وذلك لكثرة المشاكل التي واجهتهم حيث توصّل العلماء إلى أنّ الإدماج يتسبب بحرارة عالية لدرجة يحتاج إلى جهاز تبريد بحجم منزل، إلى أنْ توصّل العالم الفيزيائي السوفيتي أندريه ساخاروف إلى نتيجة هي وضع تفاعل الإدماج فوق تفاعل الانشطار النووي.
رابعا :ما هو الفرق بين القنبلة الذرية و النووية والهيدروجينية ؟
- يتمثل الفرق بين القنبلة النووية والذرية في مكونات كل من هاتين القنبلتين والطريقة التي يحدث بها الانفجار، حيث تعتمد الأسلحة الذرية على تحويل المواد الانشطارية مثل اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم إلى ما يسمى الكتلة الحرجة كي يبدأ التفاعل النووي و حدوث الإنفجار.
- تعتمد القنابل النووية على الانشطار النووي أو الاندماج النووي اما القنبلة الذرية فهي من الأنواع التي تعتمد على الانشطار النووي.
- تعتمد الأسلحة النووية على الإنفجار من خلال تفاعلات نووية تنقسم إلى قسمين رئيسيين و هما الأسلحة الذرية التي تعتمد على انشطار نووي، والأسلحة الهيدروجينية التي تعتمد على انصهار نووي وهي أكثر تطورا و فاعلية.
- تختلف القنبلة الهيدروجينية اختلافاً جوهرياً عن القنبلة الذرية في أنها تستخدم الطاقة المنبعثة عندما تتّحد نواتان ذريّتان خفيفتان أو تندمجان لتشكيل نواة مرجّحة. على النقيض من ذلك، تستخدم القنبلة الذرية الطاقة المنبعثة عندما تنقسم نواة ذرية ثقيلة أو تنقسم إلى نواتين أخفّ وزناً.
- لا تُنتج القنبلة الهيدروجينية مخلفات نووية تدوم لمدة طويلة على عكس القنبلة الانشطارية التي تكون فترة عمر النصف لمخلفاتها بضع آلاف من السنين.
خامسا: هل يمكن أن نشهد عالماً خالياً من الأسلحة النووية؟
من ضمن الأقوال التي تنسب لعالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين: «أنا لا أعرف ما السلاح الذي سيستخدمه الإنسان في الحرب العالمية الثالثة، لكنني أعلم أنه سيستخدم العصا والحجر في الحرب العالمية الرابعة»، وتدل تلك المقولة على فداحة ما قد تسببه الحروب التي تستخدم بها هكذا أسلحة كفيلة بتدمير الحضارة والتقدم البشري …
ونتيجة لذلك يوجد الكثير من الجهود التي تبذل للحد من تلك الأسلحة وعدم انتشارها وإن كان القضاء عليها تماما يعد حلم صعب المنال حاليا، ومن تلك الجهود المبذولة ما تقوم به الأمم المتحدة من جهود دبلوماسية في القضاء على تصنيع القنابل النووية وعدم انتشار مفهوم الدول النووية على نطاق كبير منذ عام 1946 لمعالجة المشاكل المرتبطة باكتشاف الطاقة الذرية وتقديم اقتراحات بشأن القضاء على الأسلحة الذرية وكذلك الدور الهام الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الصدد.
تم إقرار عدد من المعاهدات المتعددة الأطراف بغرض منع انتشار وتجربة الأسلحة النووية، مع تعزيز التقدم صوب نزع السلاح النووي. ومن هذه المعاهدات ما يلي:
معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، معاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء، المعروفة كذلك بمعاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية.
- معاهدة الحظر الشامل لتجارب القنابل النووية، التي وقعت في عام 1996 وإن تكن لا تزال رهن النفاذ.
- معاهدة حظر التجارب النووية لعام 1963.
- معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 1968.
وختاما، يمكن القول أن تلك الجهود المبذولة للحد من انتشار الأسلحة النووية قد نجحت إلى حدا كبير وانخفضت بالفعل أعداد الأسلحة النووية في العالم من 70 ألفاً، عام 1968، إلى ما يقارب 14 ألفاً، في الوقت الحالي وباتت أقل مما كانت عليه قبل 30 عاماً، وفي عام 2017 كانت قد وقَّعت أكثر من 100 دولة على معاهدة أممية لحظر الأسلحة النووية تماماً ،لكن دولاً تمتلك أسلحة نووية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا قاطعت المعاهدة ولم تشترك بها ضمن ما يطلق عليهم النادي النووي في العالم والذي يضم الدول النووية التي تمتلك أحقية ومشروعية دولية بإمتلاك أسلحة نووية ويضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى الهند وباكستان، ولا يمكن الجزم بان العالم سيصبح خاليا من تلك القنابل النووية في القريب العاجل ولكن ما يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي هو الحد من انتشار تلك الأسلحة وعدم حيازة دول أخرى لها.
المصادر :
- https://www.un.org/dis weapon /
- https://www.iaea.org/
- https://www.britannica.com/technology/atomic-bomb/Development-and-prolacing-of-atomic-bombs
- https://www.britannica.com/technology/nuclear-weapon/Principles-of-atomic-fission-weapons
- https://gate.ahram.org.eg/News/2608394.aspx
- موسوعة بريتانيكا: الأسلحة النووية
- موسوعة بريتانيكا: معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية
- المحيط الأطلسي: لماذا تخلى رئيس واحد عن الأسلحة النووية لبلاده
- تيد توك بواسطة ايرا هيلفاند
- تيد توك بريان تون
- https://www.youtube.com/watch؟v=pFDFtt_NUe4
- https://www.youtube.com/watch؟v=fPYCDLymh4Q
- https://www.youtube.com/watch؟v=0d4m32AXfT4
- https://www.youtube.com/watch؟v=YRpjnGnuPBo
- https://www.youtube.com/watch؟v=jajbncMG3W4
- https://www.youtube.com/watch؟v=bpC0aRGb_qg
- https://www.youtube.com/watch؟v=2DGJNwUy_EM
[latest-selected-content limit=”10″ display=”title,excerpt” titletag=”strong” url=”yes” linktext=”إقرأ الموضوع كاملا” image=”full” elements=”3″ type=”post” status=”publish” dtag=”yes” orderby=”dateD” show_extra=”taxpos_category_before-title”]
خريج اقتصاد وعلوم سياسية ،باحث ماجستير علوم سياسية ، جامعة الاسكندرية – خبرة في العمل البحثي في مراكز بحثية وفكرية