Menu Close

الحب في زمن السوشيال ميديا : دليل للحفاظ على علاقة صحية في العصر الرقمي

العلاقات الرقمية ناجحة أم هناك رأي أخر؟

كتبت : ندى علاء

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وليس فقط الشباب بل أصبح كبار السن والصغار وجميع الفئات العمرية يعتمدون عليها بشكل أساسي. 

الحب في زمن السوشيال ميديا
الحب في زمن السوشيال ميديا

وتسيطر العلاقات العاطفية على حياة معظمنا، ولكن تظهر بعض التحديات التي تفرضها السوشيال ميديا على العلاقات العاطفية والاجتماعية أيضا، فتطرح مشكلات مثل غياب التواصل البصري المباشر بين الطرفين واللجوء إلى السوشيال ميديا لحل الخلافات والوصول إلى حل.

وفي الحقيقة لا يساعد التواصل عبر السوشيال ميديا إلى الوصول إلى حل بل من الممكن أن تتفاقم المشكلة بسبب سوء فهم بين الطرفين.


الحب في زمن السوشيال ميديا.. معنا أم ضدنا؟

يمكن أن تؤثر السوشيال ميديا على مستوى العلاقة العاطفية، فالحب في زمن السوشيال ميديا يغير في ثوابت العلاقات العاطفية، فعندما ينشر المرء منشورا على إحدى مواقع التواصل لتقديم المدح والتقدير للشريك بدلا من مشاركة تلك العواطف والمشاعر مباشرة مع الشريك، 

فذلك يضر بخصوصية العلاقة بينهما، وتتحول المودة من مودة حقيقية إلى مودة رقمية يغيب عنها المشاعر الحقيقية، فالتعبير عن المشاعر عند النظر إلى شريكك تختلف تماما عن مشاركتها مع الأخرين على السوشيال ميديا.

وتكثر المشكلات والتحديات التي تفرضها السوشيال ميديا على العلاقات العاطفية وجودتها، وأيضا استمرارياتها ففي بعض الحالات يمكن أن تنهي السوشيال ميديا العديد من العلاقات وليست العاطفية فقط، وهذا ما سنسرده معك في هذا المقال، وذلك لأن كوكب المعرفة يهتم بكل جانب من حياتك ويسعى لمشاركتك به والتأثير بحياتك إيجابيا.

أهمية العلاقات الصحية في حياتنا

دعونا في البداية نتحدث عن العلاقات الصحية وأهميتها في حياتنا، وكيف يمكن للسوشيال ميديا أن تؤثر على هذه العلاقات، العلاقة الصحية هي عكس “العلاقة التوكسيك” أو العلاقة السامة بلغة السوشيال ميديا، فالعلاقة الصحية في حياة الفرد تكون أكبر داعم له، فتساعده في تحقيق أهدافه وتحسين جودة حياته، وهي دائما ماتمد الفرد بالراحة والرضا والاستقلال.

ومن أهم خصائص العلاقات الصحية هي الدعم المتبادل بين طرفي العلاقة لتحقيق الأهداف الشخصية والمهنية، والتواصل الفعال ويكمن في التحدث بصراحة وصدق عن أي شئ دون خوف من الحكم عليه أو نقده، والاحترام المتبادل بين الطرفين ووضع الحدود بينهم لتعزيز الثقة والاندماج، والاستقلالية ففي العلاقات الصحية يترك كل طرف للأخر مساحته الشخصية مما يمنحهما الحرية والاستقلال في العلاقة.

وبالتحديات التي تفرضها السوشيال ميديا على العلاقات العاطفية، كيف يمكننا أن نحافظ على علاقاتنا لتكون صحية وغير سامة، ونبتعد عن تأثيرات السوشيال ميديا الضارة ونستغل فقط إيجابيتها؟ 

تأثير التكنولوجيا على العلاقات

 أولا، دعنا نتعرف على كيف يمكن لتكنولوجيا السوشيال ميديا أن تؤثر على العلاقات العاطفية، فمثلا من الإيجابيات التي تطرحها وسائل التواصل الاجتماعي بشأن العلاقات أنها تتيح:

  • سهولة التواصل، جعلت السوشيال ميديا العالم كقرية صغيرة يمكن لأي شخص أن يتواصل مع الأخرين حتى لو يبعدوا عنهم بلاد وقارات، فتساعد السوشيال ميديا على سهولة الوصول إلى شريكك أيا كان مكانه وفي أي وقت تحتاج إليه.
  • دعم العلاقات عن بعد، وفرت السوشيال ميديا أداة رائعة للتواصل ودعم الأخرين عن بعد بدون الحاجة للمقابلات المباشرة وانتظار الوقت المناسب للمقابلة وأخذ موعد سابق، فكسرت السوشيال ميديا تلك الحدود الزمانية والمكانية.
  • تعزيز العلاقات، عندما تمضي وقتا طويلا على السوشيال ميديا وتتحدث مع شريكك في أي موضوع كان، يساعد ذلك على تعزيز العلاقات بينكما وبناء الروابط الوثيقة، ويساعد على التعرف على بعضكم البعض بطريقة فعالة إن كان التواصل المباشر صعبا.
  • اكتشاف شركاء جدد، عند دخولك على مواقع التواصل الاجتماعي والدخول في مجموعات التواصل بين مختلف الفئات، يمكنك التعرف على شريك حياتك، أو حتى شريك للعمل، أو صديق جيد تفوز به من خلال إمضاء الوقت على تلك المواقع.

سلبيات السوشيال ميديا

  • إدمان الشاشات، من أولى السلبيات التي تطرحها وسائل التواصل الاجتماعي هل الإدمان، فإنك إن اعتدت على استخدامها فلن تتركها أبدا، خصوصا لو كانت كل علاقاتك عليها.
  • المقارنة مع الأخرين، ينشر كل ناس من كل الفئات يومياتهم الشخصية وصورهم وتفاصيل حياتهم على السوشيال ميديا، وذلك ما يجعل الناس تدخل في حرب المقارنة مع الغير، فإن كان الأخرين يفعلون ما يرغب أحدهم بفعله لكنه لا يستطيع، يبدأ الفرد في مقارنة نفسه بالأخرين وما يمتلكوه، لتثار مشاعر الغيرة والحقد والكراهية، وكلٌ سيسعى للتقليد الأعمى.
  • غياب الخصوصية، ينشر البعض على السوشيال ميديا أجزاء وتفاصيل من حياتهم لابد وأن تكون خصوصية ولا يطلع عليها أحد، فمثلا النشر حول علاقتك بشريكك ودعمه ومدحه كل ذلك لابد وأن يكون خصوصي بين الطرفين المعنيين فقط، لا يجب أن يطلع عليه الأخرين، لأنها تعد خرقا للخصوصية.
  • ضعف التواصل المباشر، سهولة استخدام السوشيال ميديا وسهولة التواصل عبرها أدت إلى ضعف التواصل المباشر بين الناس، وهو الذي يعد أمرا مهما في أي علاقة فالتواصل البصري من أهم أنواع التواصل والذي يشعرك بالقرب ممن تحب.

التحديات التي تواجه العلاقات في العصر الرقمي

  • الوقت، عندما ينشغل أحد طرفي العلاقة بالتصفح على السوشيال ميديا والتطبيقات الأخرى، يفقد جزءا كبيرا من الوقت الذي ينبغي أن يقضيه مع شريكه، فيغفل عن حاجته للاهتمام وتقديمه أيضا لتعزيز الثقة والتقارب بين الطرفين.
  • الغيرة، وهي واحدة من أكثر المشاعر تدميرا للعلاقات العاطفية، وتعزز السوشيال ميديا من مشاعر الغيرة في العديد من المواقف، فيمكنك أن تشعر بالغيرة عندما ترى أن شريكك تلقى رسالة من شخص من الجنس الآخر، أو أعجب بصور شخص من الجنس الآخر.
  • انعدام الأمان، يمكن أن يشعر البعض بانعدام الأمان عندما لا ينشر شريكهم أي شيء عنهم وعن علاقتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ويربطون “حضورهم غير الكافي” على صفحة شريكهم بقلة محبته واهتمامه به.
  • المقارنة، يرى طرفي العلاقة العاطفية من التفاصيل عن حياة الآخرين وعلاقاتهم العاطفية من خلال منشورات السوشيال ميديا، فعندما ترى أصدقائك يذهبون في مواعيد غرامية وإجازات مذهلة، فتقارن نفسك وتقارن ظروف حياتك بحياتهم دون أن تشعر، مما يثير مشاعر غير محببة في النفس والدخول في اكتئاب.

ويغفل الكثير أن كل علاقة لها طرق تواصل مختلفة، وطرق مختلفة لقضاء الوقت معا وطرق التعبير عن المشاعر، وينسوا أن كل ما ينشر على السوشيال ميديا ما هو إلا جزء من القصة وليس القصة كاملة، فخلقت السوشيال ميديا مشاعر الغيرة والكراهية بناء على أوهام وعلى علاقات لا وجود لها في الأساس.

  • الثقة، لدى الكثير من الشركاء مخاوف بشأن نشاط شركائهم عبر الإنترنت كأن يتعرفوا على أخرين أو يقوموا بخيانتهم عبر السوشيال ميديا بدون معرفة الطرف الأخر والذي يعد غشا كبيرا، فيلجأ البعض إلى التجسس والتحقق من الحياة الافتراضية لشركائهم أكثر مما ينبغي، وبذلك تكون كسرت الثقة بين طرفي العلاقة مما يؤدي لانهيارها بكل سهولة، فالثقة هي أساس أي علاقة أدمية. 
  • التواصل، تعتد السوشيال ميديا اعتمادا كبيرا على الرسائل النصية في التواصل، وبهذه الرسائل تغيب وسائل التواصل العميق والمباشر، مما يقلل من فهم الطرفين لبعضهما البعض.

نصائح للحفاظ على علاقة صحية في العصر الرقمي

  • بناء الثقة، لابد وأن تحافظ على مستوى الثقة بينك وبين شريكك في العلاقة وتحرص على الشفافية وتطبيق مبادئ الصدق والأمانة، واحترام الطرف الأخر حتى لو لم يكن مطلعا على حسابات على السوشيال ميديا خاصتك، فالاحترام المتبادل والثقة في غياب الشريك هي أساس نجاح العلاقات.
  • احترام الخصوصية، بعيدا عن الغيرة وقلة الثقة التي تنبع من استخدام الشريك للسوشيال ميديا ورغبة الطرفين في الاطلاع على حسابات البعض، لكن الخصوصية هي أهم شئ بين الطرفين، فلابد من احترام خصوصية البعض وعدم التدخل في الحسابات الشخصية وترك المساحة الكافية للطرف الأخر وإعطائه الثقة.
  • تحديد حدود لاستخدام التكنولوجيا، لابد وأن تحدد أوقات معينة مع شريكك بعيدا عن السوشيال ميديا وازدحامها، وقضاء بعض الوقت المميز معا لتعزيز العلاقة.
  • التواصل الجيد، من الضروري أن يحرص الطرفين على التحدث معا بصراحة وبدون خوف عن الاحتياجات والمخاوف وجها لوجه، والابتعاد عن حديث السوشيال ميديا السطحي.
  • جودة الوقت، يجب أن يحرص الشريكان على قضاء الوقت المميز “Quality Time” معا بعيدا عن الشاشات وتنفيذ النشاطات والأعمال المختلفة معا.
  • التجديد المستمر، بين كل فترة وأخرى يجب أن يحرص الشريكان على قضاء الأنشطة المختلفة والجديدة، بعيدا عن ملل السوشيال ميديا وتجديد العلاقة وتطويرها.
  • لا تقارن، ولا تنظر إلى علاقات الأخرين على أنها صادقة وكاملة، لأن في الواقع كل العلاقات معقدة ولايمكن الحكم عليها بالظاهر فقط على السوشيال ميديا، وركز مع حياتك وشريكك فقط.
  • اسأل شريكك دائماً قبل مشاركة أي شيء يتعلق بعلاقتكما، فمثلا اسأل شريكك “هل تمانع إذا نشرت صورةً لنا؟” يسهم في التخلص من الجدل، وتجنب المشاجرات عبر الإنترنت.

دور التكنولوجيا في تعزيز العلاقات

يمكننا استخدام التكنولوجيا والسوشيال ميديا لتعزيزعلاقتنا بالأخرين، فتتعدد التطبيقات التي يتم استخدامها للتواصل مع الأخرين، ومن تلك التطبيقات:

  • تطبيقات المراسلة الفورية، مثل واتساب، ماسنجر، وتيليجرام، والتي تسمح بالتواصل المستمر والمباشر، ومشاركة الصور والفيديوهات والملفات.
  • تطبيقات المكالمات المرئية، مثل زوم، جوجل ميت، وسكايب، وبوتيم، والتي تتيح إجراء مكالمات فيديو جماعية أو فردية، مما يعزز من التواصل بين الطرفين.
  • تطبيقات التخطيط المشترك، والتي تنقسم إلى تطبيقات التقويم المشترك مثل جوجل كالندر، والتي تساعد في تنظيم الأنشطة والفعاليات المشتركة، وتجنب التعارضات في المواعيد، وتطبيقات قوائم المهام المشتركة مثل Trello و Asana، والتي تساعد في توزيع المهام وتتبع تقدمها، مما يسهل التعاون في المشاريع المشتركة.
  • تطبيقات تعزيز العلاقات، مثل Between و Couple، والتي تقدم مميزات مثل المذكرات المشتركة، والتحديات اليومية، والرسائل السرية، مما يساعد على تقوية الروابط العاطفية بين الشريكين.

استخدام التكنولوجيا بطريقة إيجابية

 يتطلب الحب في زمن السوشيال ميديا بعض الاستراتيجيات الهامة التي يجب اتباعها للحفاظ على العلاقات، واستخدام إيجابي للسوشيال ميديا يضمن الحفاظ على العلاقات والحفاظ عليها صحية، ومن هذه الاستراتيجيات:

التواصل المستمر والإبداعي
  • المفاجآت الرقمية، لتعزيز العلاقة العاطفية والتعبير عن الحب والتقدير، يمكنك أن ترسل الرسائل الصوتية أو صورًا معبرة، أو حتى فيديوهات قصيرة للتعبير عن حبك وتقديرك.
  • كما يمكنك استخدام التطبيقات المتخصصة لتقوية الروابط العاطفية، مثل تطبيقات المذكرات المشتركة أو التحديات اليومية.
خلق ذكريات مشتركة
  • يمكنك إنشاء قائمة تشغيل مشتركة على إحدى منصات الموسيقى، واستمع إليها مع شريكك واصنعوا الذكريات المميزة معا.
  • استخدم تطبيقات تحرير الصور ومقاطع الفيديو وإنشاء ألبومات رقمية مشتركة لصنع الذكريات الخاصة بكم.
  • استخدم التطبيقات المتخصصة للتخطيط لرحلات أو فعاليات مشتركة، مما يعزز الشعور بالانتماء المشترك.

وأخيرا، لابد وأن توازن بين الحياة الرقمية والحياة الواقعية في علاقتك العاطفية، فالحب في زمن السوشيال ميديا شئ ممتع بعض الشئ لكن يسوده بعض التحديات والسلبيات التي ذكرناها أعلاه.

فيجب أن تحافظ على العلاقة العاطفية على أرض الواقع بعيدا عن السوشيال ميديا، فالحب في الواقع يكون أصدق وملئ بالشفافية والصراحة متجردا من الكذب والخداع.

ولا تنظر إلى سلبيات الحب على السوشيال ميديا فقط، لكن انظر إلى الاستراتيجيات الإيجابية التي يمكن أن تحققها على السوشيال ميديا.

استغل الحب في زمن السوشيال ميديا استغلالا صحيحا، لبناء العلاقات الصحية باتباع ما ذكرناه لك لتعزيز علاقتك مع شريكك لتصلوا إلى بر الأمان.

مقترح لك ...