الصحة النفسية والغذاء
تأثير خيارات الطعام على الصحة النفسية وأفضل الأنظمة الغذائية
كتبت: خديجة حداد
تأثير الغذاء على الصحة النفسية، من الواضح للجميع تأثير الغذاء على الصحة الجسدية والبقاء بعافية، لكن هناك تجارب حديثة تؤكد علاقة ما تتناوله من طعام على ما تشعر به.
صحتك العقلية والعاطفية تعتمد على نظامك الغذائي وهذا ما لم يعرفه الكثير ويجب أن يؤخذ في الاعتبار.
في مقالتنا هذه نذكر لكم ما هو تأثير الغذاء على الصحة النفسية، واقتراحات لأفضل الخيارات الغذائية الصحية لأفضل حالة مزاجية وإرشادات يومية لتعزيز الصحة النفسية والرفاهية العقلية، فلنتابع أصدقائي.
الطب النفسي الغذائي..ماهو تأثير الغذاء على الصحة النفسية؟
حالات كثيرة من الاضطرابات النفسية تم التعامل معها من خلال العلاج النفسي كالاستشارات النفسية وتمارين الاسترخاء وغيرها.
مؤخرا ظهر مجال حديث يسمى (الطب النفسي الغذائي) وهو يدرس علاقة وتأثير الغذاء على الصحة النفسية و يعتمد بشكل أساسي على تغيير الأنظمة الغذائية ونمط الحياة، لتعزيز ودعم الصحة النفسية العقلية منها والعاطفية على وجه الخصوص.
فكرة الطب النفسي الغذائي قائمة على حقيقة علمية وهو الارتباط القوي بين القناة الهضمية والدماغ حتى أنه يطلق على القناة الهضمية والمقصود بها الأمعاء الدماغ الثاني.
فالأمعاء يستقر بها تريليونات من الميكروبات الحية النافعة وهي البكتيريا ويوجد منها حوالي 30.000 نوع والتي تؤدي وظائف حيوية عديدة بالجسم.
من أهمها هو تصنيع النواقل العصبية مثل السيروتونين، الدوبامين و GABA وهي منبهات كيميائية ترسل إلى الدماغ لتنظيم وظائف النوم والعاطفة والألم والمزاج والشهية.
أشارت أبحاث الطب النفسي الغذائي إلى تأثير الأنظمة الغذائية على صحتنا العقلية والعاطفية، ما نأكله من طعام يؤثر على الأمعاء التي تتصل بالدماغ الذي يحدد لنا ما نشعر به عن طريق نقطة اتصال الأمعاء والدماغ.
فالأمعاء الصحية تساعد على امتصاص المغذيات الضرورية لدعم الصحة العقلية؛ كلما استمر التواصل بين الأمعاء والدماغ كلما كان الدماغ بحالة جيدة ويشعرنا باليقظة والإيجابية .
ما هي أهم العناصر الغذائية لدعم الصحة العقلية؟
من بين كثير من العناصر الغذائية والأطعمة المتنوعة توجد أنواع خاصة محببة للدماغ وضرورية لتحسين الأداء الذهني والشعور باليقظة والحفاظ على حالة مزاجية جيدة.
هذه العناصر هي الأفضل لصحة الدماغ وسعادته والأطعمة الغنية بها مثل:-
1. المعادن الغذائية
تتمثل المعادن الغذائية في كلا من:
- الأوميجا 3: الأسماك الزيتية ( السلمون، السردين، الرنجة) والجوز وبذور الكتان والشيا.
- الحديد: كبدة البقر- المحار- الحبوب الكاملة- السبانخ- الفاصوليا البيضاء-العدس- الشوكولاتة الداكنة.
- حمض الفوليك: كبدة البقر- السبانخ- البازلاء- الأرز- الحبوب المدعمة.
- الماغنسيوم: الفاصوليا السوداء- السبانخ- اليقطين- حليب الصويا- اللوز-الكاجو- الفول السوداني- بذور الشيا.
- الزنك: لحم الدجاج- اللحوم البقرية- اللحوم البحرية(المحار- السلطعون- سرطان البحر)- بذور الشيا.
- فيتامين A: الكبدة البقرية- اللبن البقري- جبنة الريكوتا- الجزر – الشمام- البطاطا الحلوة.
- فيتامين B: صدور الدجاج- كبدة البقر- الأسماك- البطاطس الحمص- الموز.
- فيتامينC: الفلفل الأخضر والأحمر- البروكلي-البرتقال- الجوافة- الفراولة- عصير جريب فروت.
2. الخضروات والفاكهة
تناول الكثير من الخضروات والفواكه يساهم بشكل كبير في صحة الأمعاء والجهاز الهضمي، كما لها تأثير كبير في سعادة المخ وتحسين الحالة المزاجية.
وذلك لما تحتويه من العناصر الغذائية المهمة مثل الألياف والكربوهيدرات المعقدة والفيتامينات العديدة المهمة لتحفيز الأداء الذهني ودعم الصحة النفسية والصحة العامة.
دراسات عديدة أثبتت بالتجارب أن تناول الفاكهة والخضروات كان مرتبط بمعدلات تفاؤل عالية ونشاط ذهني أكبر، و معدلات أقل لأعراض الاكتئاب والاضطرابات النفسية المزعجة.
من الخضروات والفاكهة التي يجب تناولها لدعم صحتك العقلية هي العنب البري والتوت والحمضيات والخضروات الورقية.
3. الحبوب الكاملة
تشمل الحبوب الكاملة كلا من الأرز والقمح والشوفان، كما أنها تحتوي على نسبة كبيرة من الألياف والمغذيات المفيدة.
دراسة حديثة:- تناول الكثير من الحبوب الكاملة الغنية بالألياف الغذائية كان مرتبط بمخاطر أقل للإصابة بالتوتر والاكتئاب والاضطرابات النفسية.
تعمل الألياف الموجودة في الحبوب الكاملة كمضادات للالتهابات أثناء الهضم في الأمعاء مما يساعد على صحة الأعصاب والشعور بالاسترخاء من خلال نقطة التواصل بين الأمعاء والدماغ.
4. البروبيوتك والبريبيوتك
البروبيوتك prebiotic هي الأطعمة التي تحتوي على البكتيريا النافعة التي تعيش في الأمعاء ولها أدوار فعالة في الجسم، فهي تساعد في عمليات تخمير الغذاء وهضمه و تصنيع النواقل العصبية لدعم الصحة العقلية.
الباريبيوتيك Prebiotics هي نوع الأطعمة التي تتغذى عليها ميكروبات الأمعاء، من المهم جدا زيادة أعداد الميكروبات النافعة في الجسم لصحة الأمعاء والدماغ فإن 90% من النواقل العصبية الضرورية لنشاط المخ وسعادته يتم تصنيعها في الأمعاء بمساعدة البروبيوتك.
النظام الغذائي الذي يحتوي على البروبيوتك والبريبيوتك يساهم بدرجة كبيرة في الحفاظ على توازن الجهاز الهضمي والأمعاء، كما أشارت الدراسات إلى أنها لها دور فعال في استجابة الجسم ومقاومته لمشاعر التوتر والاكتئاب.
تشمل الأطعمة التي تحتوي على البروبيوتك :-
- الأطعمة المخمرة: الزبادي- اللبن الرايب- الكفيار- مخلل الملفوف- كمبوتشا
أما الأطعمة الغنية باللريبيوتيكز هي:
- الأليوم: الثوم- البصل-الكرات
- الحبوب: الشعير- الشوفان
- الخضروات: الخرشوف- الهليون
- الفواكه: التفاح والموز
العادات التي تضر بصحتك النفسية
توجد بعض العادات الخاطئة والتي تضر الصحة النفسية وهي كالآتي:
مواعيد الوجبات غير المنتظمة
أثبتت التجارب ان تناول الوجبات الأساسية في أوقات غير منتظمة يؤثر بالسلب على توازن الميكروبات المعدية، وإيقاع الساعة البيولوجية وحتى زيادة الالتهابات بالجسم.
وجدت دراسة أجريت على أكثر من 4000 عامل أن أوقات الوجبات غير المنتظمة ارتبط بمستويات أعلى من العصبية وقلة الإنتاجية ومشاكل في النوم وعوامل أخرى تؤثر على سوء الحالة العقلية.
حاول بقدر الإمكان تناول الطعام في أوقات منتظمة لتحقيق التوازن النفسي والبقاء بحالة مزاجية جيدة.
استهلاك الأطعمة المصنعة
الأطعمة المصنعة والمعبأة تخضع لعمليات معالجة أثناء التصنيع وإضافات للمواد الحافظة الضارة لتجدها تحتوي على سعرات حرارية عالية(كالوري) والكثير من الملح والسكر المضاف والدهون المشبعة.
تشمل الأطعمة المصنعة كلا من المخبوزات- الوجبات السريعة- الحلوى- المشروبات السكرية ومشروبات الصودا- الوجبات الخفيفة المملحة(السناكس).
الاستهلاك المتزايد للأطعمة المصنعة خلال أيام الأسبوع يتسبب في زيادة أعراض القلق والاكتئاب والتوتر.
مشروبات الكافيين
على الرغم من أن مشروبات الكافيين تسبب الشعور الفوري بتحسين المزاج واليقظة إلا أن الزيادة في تناول مشروبات الكافيين يضر بالصحة العقلية ويؤثر على جودة النوم.
أشارت دراسة بين طلاب الجامعات إلى أن الاستهلاك الزائد للكافيين يزيد من الإصابة بأعراض القلق والاكتئاب والضغط النفسي.
في دراسة كبيرة على أكثر من 66.000 بالغ وجد أن مشروبات الطاقة تتسبب في مشاكل النوم والأرق و التوتر المستمر وأعراض الاكتئاب، وقد كان التأثير مضاعفا لمن يتناولون الأطعمة المصنعة.
قلة النوم
مع الاهتمام بجانب النظام الغذائي الصحي فالنوم الجيد من أهم عوامل تحسين الصحة النفسية والابتعاد عن الكآبة والتوتر.
الأشخاص الذين ينامون أقل من ست ساعات ليلا أكثر عرضة للتوتر والاكتئاب وسوء الحالة المزاجية وتدهور الصحة العقلية.
لا تؤثر قلة النوم على تدهور الصحة العقلية وحسب وإنما يؤثر على توازن الميكروبات المعدية وصحة الجهاز الهضمي وكذلك على خيارات الطعام.
إن كنت تعاني من قلة النوم فابتعد عن تناول مشروبات الكافيين من بعد ساعات الظهر، تجنب التعرض للضوء الأزرق لشاشات التليفزيون والموبايل قبل ساعتين على الأقل قبل الذهاب للنوم.
ما هي الأنظمة الغذائية لصحة نفسية جيدة؟
لازالت أبحاث الطب النفسي الغذائي قائمة في حين أعطت بعض التجارب نتائج مقنعة لبعض الأنظمة الغذائية التي تحفز نشاط الدماغ والذاكرة وتساعد في مواجهة نوبات الاكتئاب والقلق وتحافظ على حالة مزاجية جيدة بعيدا عن التوتر وتحسن من جودة النوم.
للحماية من الاكتئاب.. اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط
طبقا للأبحاث التجريبية خلال السنوات الأخيرة هناك روابط بين الأنظمة الغذائية وصحة القناة الهضمية واحتمالات الإصابة بنوبات الاكتئاب.
تعد حمية البحر المتوسط من أفضل الأنظمة الغذائية المعتمدة لتعزيز صحة الجهاز الهضمي والأمعاء وتقليل خطر الإصابة بنوبات الاكتئاب.
حيث أثبتت دراسة أن اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط ارتبطت باحتمالات أقل لظهور أعراض الاكتئاب بنسبة 10%
كما قامت دراستان بقياس قدرة حمية البحر الأبيض المتوسط على تقليل نسب الاكتئاب في مجموعة تجريبية وكانت النتائج مذهلة.
تعتمد حمية البحر المتوسط على الأكثار من تناول الآتي:-
- الفواكه
- الخضروات
- البقوليات
- السمك
- منتجات الألبان
- المكسرات
- زيت الزيتون
والابتعاد عن الأطعمة التالية:-
- اللحوم المصنعة
- الأطعمة المقلية
- المخبوزات
- المشروبات السكرية
للتغلب على القلق والتوتر.. قلل من الكحول والكافيين والسكر
الزيادة من تناول الكحول والكافيين والمشروبات السكرية من أكثر العوامل التي تؤدي إلى زيادة القلق والتوتر المستمر وتقلب المزاج.
لاحظت الأبحاث وجود علاقة بين أعراض القلق والتوتر وتناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة مع قلة تناول الفواكه والخضروات.
في حالة أنك تشعر بالقلق الزائد والتوتر المستمر فإنك تحتاج لتعديل نظامك الغذائي وكبداية جيدة عليك التقليل من مشروبات الكافيين ومشروبات الصودا المليىة بالسكر المضاف والابتعاد تماما عن المشروبات الكحولية .
لتعديل المزاج والرفاهية.. اعتماد نظام غذائي غني ومتنوع
لتعديل حالتك المزاجية فإن أفضل الخيارات الغذائية أن تعتمد على نظام غني بالمغذيات المتنوعة من الألياف والمعادن والدهون غير المشبعة، البروبيوتك والبريبيوتك.
أكثر من دراسة أثبتت أن تناول المزيد من الخضروات والفواكه الطازجة يرتبط بمعدلات أقل من القلق والتوتر ومستويات أعلى من الرضا والتفاؤل.
الأشخاص الذين يتناولون 9 حبات من الفواكه أسبوعيا أكثر حيوية ونشاط ورضا عن الحياة من الذين يتناولون خمس حبات فقط.
يمكنك البدء بتغييرات بسيطة في نظامك الغذائي لتنعم بالاستقرار النفسي من خلال دمج الأطعمة الداعمة لصحتك العقلية بدلا من غيرها الغير نافعة:-
- المأكولات البحرية واللحوم البيضاء بدلا عن اللحوم الحمراء.
- الفواكه الطازجة عوضا عن الفواكه المجففة والعصائر.
- الأطعمة المنزلية بدلا عن الأطعمة المعلبة.
- الألبان المخمرة بدلا عن الألبان المحلاة بالسكر المضاف.
- الحبوب الكاملة عن الحبوب المكررة.
- المكسرات والبذور أفضل من السناكس المملحة
- الأعشاب الطبيعية بدلا عن الكافيين والصودا.
اقرأ أيضا: كيف تحقق القوة الذهنية والنفسية .. وتستمتع بها
بظهور مجال الطب النفسي الغذائي فإنه يعطينا فرصة لإعادة التفكير في خيارتنا الغذائية وتأثيرها على صحتنا العقلية ومشاعرنا العاطفية.
ما زالت الأبحاث قائمة لكن نتائج التجارب مرضية وواضحة بأهمية صحة الجهاز الهضمي واستقرار الميكروبات المعدية لسعادة المخ ودعم الصحة الصحية والتوازن العاطفي.
ماذا تنتظر؟ ابدأ الآن ولو بخطوة بسيطة لتنعم بعقل سليم وروح إيجابية ومزاج معتدل، في حال أعجبتك الفكرة شاركها مع الأصدقاء والعائلة في سبيل نشر العلم وحب الخير للجميع.
…………..دمتم سالمين
المصدر Can Your Diet Affect Your Mental Health? (healthline.com)
[latest-selected-content limit=”3″ display=”title,excerpt” titletag=”strong” url=”yes” linktext=”إقرأ الموضوع كاملا” image=”full” elements=”3″ type=”post” status=”publish” dtag=”yes” orderby=”dateD” show_extra=”taxpos_category_before-title”]
