رحلة الإسراء والمعراج القصة والدروس المستفادة
كتبت: خديجة الحداد
تطل علينا ذكرى ليلة الإسراء والمعراج وهي من الليالي المباركة التي حدثت فيها معجزات عظيمة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من ذهابه إلى المسجد الأقصى وصلاته بالأنبياء عليهم السلام إلى والمعراج به صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلا ومقابلته للأنبياء وفيها فرضت الصلوات الخمس.
يهنئكم فريق كوكب المعرفة بحلول الذكرى المباركة أعادها عليكم بالخير واليمن والبركات.
ونتذكر معا قصة الإسراء والمعراج والدروس والعبر المستفادة من القصة.
الإسراء والمعراج
معجزة الاسراء والمعراج من أكبر المعجزات الربانية التي حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والتي رأى فيها الكثير من الآيات والمشاهد الغيبية لم تكشف لأحد من قبله صلى الله عليه وسلم.
معنى الإسراء هو أن النبي أسري به أي تم أخذه وحمله من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بالقدس الشريف بأرض فلسطين بصحبة جبريل ملك الوحي عليه السلام على ظهر دابة البراق.
أما معني الإعراج فهو ارتقاء وصعود النبي من المسجد الأقصى إلى السماوات العليا ولقي في السماوات الأنبياء فسلم عليهم وردوا عليه السلام، وكشف له الله من الأمور الغيبية التي لم يطلع عليها أحد من قبل مثل رؤية الجنة والنار.
وأحداث ليلة الاسراء والمعراج مذكورة بالقرآن الكريم في سورة الإسراء
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾
وذكرت أحداث المعراج في سورة النجم
{ مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأى (١١) أَفَتُمارُونَهُ عَلى مَا يَرى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشى (١٦) مَا زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى}
وتفاصيل الأحداث رواها النبي لأصحابه بعد عودته من رحلة الإسراء والمعراج.
حدثت رحلة الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب في العام العاشر من البعثة
وقد كانت لهذه المعجزة تسلية لقلب النبي ومواساة له بعد فقد عمه أبي طالب وزوجته خديجة رضي الله عنها.
وتصبير وتمكين لدعوته صلى الله عليه وسلم في مواجهة كفار مكة الذين طالما كذبوه وتعويض عن أذى أهل الطائف الذين ضربوا النبي حتى سالت الدماء من قدميه الشريفتين.
وتكريم وتشريف لقدر النبي بعد جفاء أهل الأرض ليلقى حفاوة أهل السماء بتفضيله على أهل الأرض جميعا بالإعراج به إلى السماوات العليا وتكليم الله له دون واسطة وشهوده للأمور الغيبية التي لم تكشف لأحد من قبله.
اقرأ أيضا: ليله الإسراء والمعراج وفضل الدعاء
أحداث الإسراء
روى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ما حدث معه في ليلة الاسراء والمعراج من شق صدره الشريف وذهابه للمسجد الأقصى على ظهر البراق سنذكر لكم نبذة عن كل قصة.
شق صدر النبي
يروي النبي أحداث رحلة الاسراء أنه كان نائما في بيته فأتى النبي ملكان من السماء على هيئة بشر فأخذا النبي من بيته إلى منطقة تسمى الحطيم بالقرب من بئر زمزم وشقا الملكان صدر النبي وأخرجا قلبه الشريف وتم غسله بماء زمزم ثم أعادوه إلى صدر النبي؛ وكان هذا تهيئة روحية للنبي لما سيلاقيه ويشاهده من الآيات الكبرى.
الإسراء إلى المسجد الأقصى
أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم ومعه دابة البراق وهي ليست دابة موجودة على الأرض.
ويصف النبي البراق بأنه” دابة أبيض اللون أكبر من الحمار ودون البغل تضع حافرها عند منتهى طرفها”؛ بمعنى أن البراق حجمه قريب من الحصان يضع قدمه عند آخر بصره بخطوات كبيرة وبعيدة جدا.
ركب النبي البراق وانطلق مع جبريل عليه السلام حتى وصلا إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، فنزل النبي وربط البراق بحلقة باب المسجد التي يربط بها الأنبياء.
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى وقد جمع له من الأنبياء إبراهيم وموسى وعيسى فصلى بهم ركعتين.
أحداث المعراج
صعد النبي من صخرة بالمسجد الأقصى مع جبريل إلى السماوات العليا واستفتح له جبريل ففتح لهما أبواب السماء واحد بعد الآخر.
وكشف الله لنبيه في السموات من الآيات العظيمة من مقابلة الأنبياء ورؤية المشاهد الغيبية ووصوله لسدرة المنتهى والبيت المعمور وكلام الله إليه دون واسطة.
مقابلة الأنبياء في السماوات
ارتقى النبي إلى السماء الدنيا واستفتح له جبريل ففتحت أبواب السماء للنبي وفي كل سماء قابل نبينا محمد نبي من الأنبياء عليهم السلام.
في السماء الأولى رأى نبي الله آدم وسلم عليه النبي ورد عليه السلام وأراه الله أرواح الشهداء عن يمينه والأشقياء عن شماله وفي السماء الثانية رأى عيسى ويحيى وسلم عليهما فردا عليه السلام، وصعد إلى السماء الثالثة فرأى فيها يوسف عليه السلام، وفي السماء الرابعة رأى إدريس عليه السلام، وفي السماء الخامسة لقي نبي الله هارون، وفي السماء السادسة نبي الله موسى، وفي السماء السابعة أبو الأنبياء إبراهيم عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام وجميعهم سلموا على النبي وأقروا له بالنبوة.
فرض الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج
وارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السموات حتى وصل سدرة المنتهى وهي أعلى منزلة في السماء السابعة وفيها الجنة قال الله تعالى” عِنْدَ سِدَْرةِ المُنْتَهى عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى” (النجم)
وعند هذه النقطة توقف جبريل وأكمل النبي صعوده فوق السماء السابعة.
كلمه الله نبيه محمد بدون واسطة وأوحي إليه بفرض الصلاة خمسين صلاة في اليوم والليلة.
وسئل رسول الله هل رأيت الله؟ قال: ” نور أنى أراه” صحيح مسلم 178 والترمذي 3278.
ولما نزل النبي مر بموسى وأخبره بأمر الصلاة وكانت خمسين صلاة فقال له موسى: إن أمتك لا تطيق هذا وطلب منه أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف على أمته فظل النبي يصعد إلى ربه ويراجعه موسى حتى جعل الله فرض الصلاة خمس صلوات في اليوم والليلة بأجر خمسين صلاة.
وهذا وإن يدل على مكانة الصلاة العظيمة عند الله فهي الفرض الوحيد الذي فرض من فوق سبع سماوات.
ماذا رأى النبي من المشاهد في ليلة المعراج؟
وكشف الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الحجب ليرى ما لاعين رأت؛ رأى البيت المعمور وفيه يصلي سبعون ألف ملك،
رأى الجنة ورأى أنهار الجنة نهران ظاهران هما النيل والفرات ونهران باطنان بأرض الجنة، ورأى منزلة المجاهدين في سبيل الله يزرعون ويحصدون في نفس اليوم ويضاعف لهم الأجر.
أتى جبريل للنبي بإناء فيه خمر وإناء به لبن وإناء به عسل فاختار النبي إناء اللبن وشرب منه فقال له جبريل” هُديت إلى الفطرة” وتفسيره أن الإسلام هو دين الفطرة.
ورأى النبي النار ومالك خازن النار وهو عابس لا يضحك أبدا،وكشف للنبي الحجب فرأى أهل النار وهم يعذبون منهم أكلة الربا وأكلة أموال اليتامى ظلما وأهل الزنى والمتكلمين بالغيبة والنميمة.
الدروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج
إن في رحلة الاسراء والمعراج الكثيرمن العبر والحكم في كل فعل قام به النبي حكمة وفي كل آية من آيات الله موعظة.
اولا: وقت رحلة الاسراء والمعراج كان في العام العاشر من البعثة وعمر النبي حينها خمسون عام واختيار التوقيت لتلك الرحلة ليس مصادفة وفيه حكم ظاهرة:
- لكل محنة منحة
قدر الله تلك الرحلة في ذلك الوقت لتكون مواساة لنبينا محمد صلى الله عليه بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته خديجة وهما كانا سند النبي في دعوته وحزن النبي لفقدهم حزنا كبيرا،فكانت رحلة الإسراء والمعراج تخفيف ومواساة من الله لنبيه.
واجه النبي تكذيب كفار قريش وأذى أهل الطائف فجاءت معجزة الإسراء والمعراج دعما للنبي وتقوية لعزمه في تحمل مصاعب الدعوة إلى دين الله.
- التجهيز للمرحلة الجديدة
كانت هذه الرحلة قبل الهجرة بسنة وفي ذلك تهيئة للنبي بدخول مرحلة جديدة والاستعداد لبناء دولة جديدة، فكان لزاما التخلص من ضعاف النفوس والمنافقين الذين تراجعوا بعد تلك الحادثة، وتثبيت المؤمنين وإثبات صدقهم وإخلاصهم.
وفيها سمي ابوبكر بالصديق لأنه عندما وصله أن رسول الله قد أسري به قال: وإن كان قال فإني أصدقه.
- الشجاعة في الجهر بالحق
شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم ظهرت بعد الرحلة المباركة عندما حكى النبي لمشركين مكة ما كان من إسرائه إلى المسجد الأقصى والعروج به إلى السماوات العليا وما رآه من الآيات والغيبيات.
ولم يمنعه من ذلك الخوف من مواجهتهم وتكذيبهم بما لا تدركه عقولهم وفي ذلك قدم النبي أروع مثال في ضرورة الجهر بالحق ومواجهة أهل الباطل.
- الإسلام دين الفطرة
في تفضيل واختيار النبي صلى الله عليه وسلم اللبن على الخمر عندما قدمها له جبريل عليه السلام دلالة رمزية على أن الإسلام هو دين الفطرة.
الدين الذي يتوافق في عقيدته وأحكامه كلها مع ما تقتضيه نوازع الفطرة البشرية السليمة.
- تسليم راية النبوة
صلاة النبي محمد بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام في المسجد الأقصى هو دلالة على تسليم راية النبوة ومسئولية هداية البشرية إلى دين الله.
وفي ذلك أيضا دليل على أن ما جاء به شريعة الإسلام مبني على ما جاءت به الشرائع السماوية مع الأنبياء والرسل السابقين.
وأن الإسلام يسع ويشمل أتباع الأنبياء السابقين كما وسع أنبياءهم بالصلاة خلف خاتم الأنبياء والمرسلين
- المسجد الأقصى عقيدة ومسئولية
الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى دلالة على مكانة المسجد الأقصى الأصيلة في العقيدة الإسلامية فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسري نبيه ومعراجه إلى السماء العليا.
وفي هذا الربط تأكيد مسؤولية المسلمين تجاه المسجد الأقصى وأرض فلسطين وحمايته من الشرك والمفسدين والمعتدين في كل زمان.
وهذا ما أدركه الصحابة جيدا وكان من أولوياتهم تحرير المسجد الأقصى من قبضة الرومان المفسدين في عهد عمر بن الخطاب.
ثم جاء من بعدهم قادة المسلمين مثل صلاح الدين الأيوبي ليحرره من الصليبيين.
- أهمية الصلاة ومنزلتها العالية
فرضت الصلوات الخمس في ليلة الإسراء والمعراج بأمر من الله لنبيه مباشرة دون واسطة من فوق سبع سماوات وتلك دلالة على أهمية وعظيم منزلة الصلاة عند الله.
وإن كانت الدروس المستفادة من تلك الرحلة كثيرة وعديدة فيكفي أن تكون الصلاة هي فضل الله العظيم والدرس الأكبر هذه الليلة المباركة.
فالصلاة هي صلة العبد بربه دون واسطة مثلما كلم الله نبيه دون واسطة في ليلة الإسراء والمعراج.
والصلاة هي معراج العبد لربه خمس مرات يوميا في لحظات خشوع يصل بها إلى سبع سماوات.
فلنجدد العهد مع ربنا ونجاهد أنفسنا في الحفاظ على الصلاة ونعلم أولادنا أهمية الصلاة ومنزلتها العظيمة وأنها الدرس الأكبر من رحلة الإسراء والمعراج.
اقرأ أيضا: مراجعة وتحميل سلسلة كتب كيمياء الصلاة لأحمد خيري العمري
- التحذير من الأمراض الاجتماعية
في رؤية النبي لأهل النار وعقوبتهم رسالة تحذيرية لتجنب تلك الذنوب والعقوبات.
- عقوبة الغيبة
ففد رأى النبي ناس يأكلون الجيف الميتة وهذه عقوبة من يتكلمون بالغيبة ويستبيحون أعراض الناس.
- عقوبة أكل أموال اليتامى
كما رأى النبي أناس يعذبون ويأكلون حجارة من نار وتلك عقوبة من يستولي على أموال اليتامى بالظلم.
- عقوبة الربا
ذكر النبي لأصحابه رؤية أناس في النار بطونهم كبيرة كالبيوت تخرج منها الحيات والأفاعي وتلك عقوبة التعامل مع أموال الربا.
كما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عقوبة الزنا ومنع أموال الزكاة والتهاون في الأمانة.
دروس عن فضل ليلة الإسراء والمعراج
- قصة الإسراء والمعراج الشعراوي
- الإسراء والمعراج عمرو خالد
- خطبة الإسراء والمعراج محمد العريفي
- كيف تتذوق حلاوة الصلاة من معراج النبي د عمرو خالد
كتب عن الإسراء والمعراج
إنضم لكوكب المعرفة مجتمع التعلم الحديث