Menu Close

أهمية صلة الرحم في بناء مجتمع متماسك 

ما فوائد صلة الرحم؟ 

كتبت: خديجة الحداد 

في ريتم الحياة السريع وتزاحم الأعمال يجب أن نذكر أنفسنا ونتواصى بأهمية صلة الرحم ونتذكر أهلنا واقاربنا الذين لهم الحق ونتعهدهم بالسؤال والزيارة وتقديم الدعم الاجتماعي والمساعدة.

صلة الرحم
صلة الرحم

في كوكب المعرفة نتذكر سويا أهمية صلة الرحم لعلك تفتقد إلى أحد من أهلك وأقاربك فتتواصل معه.


مفهوم صلة الرحم 

صلة الرحم في المفهوم الشرعي الإسلامي تطلق على من تجمع بينهم قرابة ويُحرم الزواج فيما بينهم، وبناءً على ما سبق فإنّ أبناء الأعمام وأبناء الأخوال لا يدخلون تحت مُسمّى الأرحام.

وقِيل “إنّ الرحم لَفظٌ يُطلَق على مَن بينهما ميراثٌ وقِيل بل على كلّ مَن تجمع بينهم قرابة، سواء أكان أحدهما يَرِث الآخر، أم لا يَرِثه.”

يوصينا الله تعالى بصلة الرحم والإحسان إلى الأهل والأقارب سواء كانت هذه القرابة بالنسب أو المُصاهرة

ومن أشكال صلة الرحم العطف على الأقارب وتفقد أحوالهم وتقديم العون والمساعدة بغض النظر أنهم قابلوا ذلك بالإحسان أو الإساءة

 مع الأخذ في الاعتبار أن صِلة الأرحام تكون بحَسب حال كلا الطرفين وما يحتاج إليه الطرف الآخر؛

 فقد تكون صلة الرحم بالمال أو تقديم الخدمة والمساعدة أو زيارة المرضى وتفقد الحال لا سيما في الأعياد والمناسبات  

ولا ننسى الصفح عن الإساءة والمسامحة والإحسان وما إلى ذلك بحسب قدرة الواصل وحاجة الموصول لما فيه المنفعة والمصلحة لجميع الأطراف .

أهمية صلة الرحم في القرآن والسنة 

وردت الكثير من الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد وجوب صلة الأرحام على المسلم؛ وتبين أهمية صلة الرحم وتحث على الإحسان إلى الأقربين وتحذر من قطيعة الأرحام ومن الأدلّة في ذلك 

قول الله -سبحانه وتعالى-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)

وقوله تعالى {وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)

 وقال أيضاً (وَالَّذينَ يَنقُضونَ عَهدَ اللَّـهِ مِن بَعدِ ميثاقِهِ وَيَقطَعونَ ما أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأَرضِ أُولـئِكَ لَهُمُ اللَّعنَةُ وَلَهُم سوءُ الدّارِ)

 أمّا الأدلّة الواردة في السنّة النبويّة، فمنها قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)

 وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (الرَّحِمُ شِجْنَةٌ، فمَن وصَلَها وصَلْتُهُ، ومَن قَطَعَها قَطَعْتُهُ)

ومن أعظم صور صلة الرحم البر بالوالدين فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ” أنه قال لما سأله رجل: يا رسول الله! من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب” 

وللتقصير في حق الوالدين إثم عظيم في سبيل الله فقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال -كما جاء في الصحيحين-: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وكان متكئًا فجلس، وقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور” 

يتبين من ذلك أن عقوق الوالدين قرين الشرك، كما أن بر الوالدين قرين التوحيد، فالعقوق من أكبر الكبائر ثم يليه القطيعة لبقية الأقارب

فإن الوالدين هما أصل الرحم وهما أحق الناس بالبر والإحسان  قال تعالى: “وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ” [الأنفال:75]

 فأعظم الأرحام وأولاهم بالبر وأحقهم بالإحسان والداك، ثم الأقرب فالأقرب من الأولاد والإخوة والجد والجدة والأخوال والأعمام والخالات والعمات وغير ذلك.

كما وتشمل صلة الأرحام الأصدقاء المقربين والجيران الأقارب وكل أواصر القرب التي تبني مجتمع متماسك ومترابط بعيدا عن الحقد والكراهية التي تسبب الكثير من المشاكل الأسرية وتؤثر على العلاقات الاجتماعية.

ومن سماحة الإسلام أنه يدعو ويحث المسلمين على المحافظة على صلة الرحم حتى ولو وجدت بعض المشاكل التي قد تتسبب في قطيعة الأهل 

 فقد ورد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال “ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها” 

فلنتعلم من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في ألا تكن مكافئ فقط بل لتكن فوق ذلك، فتصل من وصلك ومن قطعك ابتغاء وجه الله تعالى وليس انتظار مكافأة من أحد.

 تلك هي أخلاق المؤمنين يصلون من قطعهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويصبرون على الأذى 

قال تعالى  “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ¤ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133- 134]

هكذا هو المؤمن يكظم الغيظ ويعفو عن المسئ ويحسن إلى أهله وأقاربه يقول جل وعلا: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]

ويقول تعالى “فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ”  [الشورى:40]

 ويقول النبي ﷺ: “ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا”

ما هي فوائد صلة الرحم؟ 

يروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل” 

ففي صلة الرحم مصالح عاجلة وآجلة وهي من الأعمال الصالحات ومن الواجبات ومن أسباب بركة العمر وطول الأجل وبركة المال وبسط الرزق

كما أن لك في صلة أرحامك مصالح دينية مع المصالح الدنيوية من ابتغاء رضا الله سبحانه وتعالى  والسلامة من النار ومن غضب الله  وقطيعته لك.

صلة الرحم من علامات الإيمان

إذا كنت واصلا لرحمك ومحسن إلى أهلك فاستبشر فأنت من أهل الإيمان والصلاح 

فكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث أبي هريرة ” مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” 

فمن يحافظ على صلة أهله وأقاربه ابتغاء وجه الله ورضاه فله عظيم الأجر والثواب وهو من أهل الإيمان في الدنيا والآخرة

صلة الرحم بركة في العمر

روُي عن النبي  صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه قال “من أحب أن يُبسط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أجله فليصل رحمه”

وهنا تبرز أهمية صلة الرحم فهي من أسباب كثرة المال والحصول على الرزق الواسع وتحصيل البىكة فيه وهي كذلك من أسباب طول الأجل والبركة في العمر

وهنا يقول العلماء أن الأعمار لها آجال محدودة؛ لكن هناك آجال جعلها الله تطول بسبب صلة الرحم لما علمه سبحانه من كون هذا يصل وآخر قطع رحمه وقصر، لما علم الله جل وعلا من كونه قاطعًا ولأعماله بعد وجودها

فالمقصود أن كل شيء بعلم الله وبقدره السابق سبحانه وتعالى فهذا مضى في قدر الله أنه واصل وهذا مضى في قدر الله  أنه قاطع، وعلى كل واحد أن يعمل، وكل ميسر لما خلق له

أما أهل السعادة فيتيسر لهم عمل أهل الصلاح وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء نعوذ بالله من الشقاء 

 فعلى المؤمن أن يأخذ بالأسباب التي شرعها الله ويبتعد عن أسباب الشر، ويحافظ على صلة أرحامه ويتجنب القطيعة بكل أشكالها

صلة الرحم تجلب المودة

وأي شئ يعدل صلة الرحم في كونها من أفضل الأخلاق التي تجلب المودة والمحبة بين الأهل والأقارب فنجد أن العائلات التي تصل بعضها تسودها أجواء الألفة والرحمة والمودة فهم متحابين في الله يعطف كبيرهم على صغيرهم ويساعد المقتدر منهم صاحب الحاجة ويقدم له العون بكل ود وحب.

بجانب أهمية صلة الرحم في انها تساهم في تآلف الأسرة وتعزز الوحدة الأسرية.

صلة الرحم تبني مجتمع مترابط

إن تأثير وأهمية صلة الرحم يتجاوز الأسرة والأهل والأقارب وتظهر نتائجه في بناء مجتمع مترابط ومتماسك ويعزز التعاون والتضامن الاجتماعي.

فلو أن كل الأفراد والعائلات اهتمت بصلة الأرحام وتقديم المساعدة والعون للمحتاجين من أهلهم وأقاربهم  فلن نجد في المجتمع فقير أو محروم أو محتاج، 

وهذا هو الأصل في الشريعة الإسلامية ضمان التكافل الاجتماعي والتراحم بين أفراد المجتمع.

في ظل العصر السريع الذي نعيشه وتزاحم المهام والأعمال ينشغل الكثير ويكادوا لا يتواصلون مع بعضهم وهنا يجب أن ننسى مع انشغالاتنا صلة الأرحام والسؤال عن الأقارب 

ولنستغل التطور التكنولوجي في وسائل التواصل الاجتماعي الذي يوفر العديد من الطرق والوسائل السهلة لتفقد أحوال الأهل والأقارب بالرسأئل والمكالمات.

وفي النهاية سواء كنت بعيدا أو قريبا فأهلك وأقاربك واجب عليك وصلهم والإحسان إليهم بقدر الإمكان.

مقترح لك ...