ما هو مستقبل العمل فى ظل التطور التكنولوجي؟
كتبت: عفاف الكناني
يشهد العالم في الفترة الأخيرة تقدما تكنولوجيا غير مسبوق، مما أدى الى تحول كبير في شتى مجالات الحياة وخاصة مستقبل العمل في ظل التطور التكنولوجي.
واستمرارية هذا التطور والتوسع في نطاق الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى إعادة تشكيل الوظائف وإلى تغيرات كبيرة في سوق العمل.
وعلى المدى البعيد ستتغير بشكل كبير المهارات والمهن المطلوبة في ظل هذا التقدم التكنولوجي.
وهنا فى كوكب المعرفة سنكتشف مدى تأثير التكنولوجيا على سوق العمل، وكيف سيؤثر ذلك على المهارات المطلوبة ومدى أهمية التعلم المستمر في ظل هذا التقدم التكنولوجي .. فلنتابع.
إنضم لكوكب المعرفة مدرسة البيزنس
تأثير التكنولوجيا على سوق العمل
في ضوء هذا التطور التكنولوجي والتحول الرقمي لسوق العمل ظهرت عدة تأثيرات على سوق العمل سواء بشكل إيجابي أو سلبي ..
وسنذكر بعض من تأثير التكنولوجيا على الوظائف
أولا التأثيرات الإيجابية:
- وجود فرص عمل جديدة: فمن الممكن أن تحدث وجود التكنولوجيا والتطور الحديث فرص عمل جديدة.
وإذا كانت التكنولوجيا السبب في إختفاء بعض المهن فهى أيضاً السبب في ظهور مهن أخرى، مثل أدوارًا في التكنولوجيا وتحليل البيانات والمجالات الإبداعية و الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي.
- زيادة فرص التعليم والعمل: ومع استبدال الوظائف، وظهور وظائف جديدة تتطلب مهارات مختلفة. للاستفادة من فرص العمل هذه.
يحتاج الأفراد إلى تطوير مهارات جديدة مطلوبة في سوق العمل المتغير،و تساعد التكنولوجيا على تطوير المهارات واكتساب مهارات جديدة كما أنها تعزز فكرة التعلم طوال الحياة الذي من شأنه أن يؤثر على مستقبل الفرد ومستقبل العمل.
- تحسين كفاءة العمل: يمكن أن تساعد التكنولوجيا في تحسين كفاءة العمل، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية.
تحتاج الشركات والحكومات أيضًا إلى الاستثمار في تحسين مهارات العمال وإعادة تأهيلهم لضمان امتلاكهم المهارات اللازمة لوظائف المستقبل.
مكن أن يشمل هذا الاستثمار برامج التدريب، والتطوير المهني، والمبادرات التعليمية لإعداد العمال لسوق العمل المتغير.
- التسويق الإلكتروني: حيث تساعد أصحاب العمل الحر والمشاريع التسويق لمنتجاتهم وخدماتهم من خلال التسويق الإلكتروني عبر مواقع التواصل أو مواقع التسويق.
- تقليل الاعتماد على الأيدي العاملة: حيث تمكن أصحاب الأعمال من تقليل العمال والإعتماد على الأجهزة الإلكترونية التي تستطيع تنفيذ نفس المهام بدقة وحرفية وكفاءة عالية وتكلفة أقل.
- الإعتماد على البرامج والتطبيقات: مثل برامج مايكروسوفت وتطبيقات جوجل المتعددة، والتي يمكن الحصول عليها بشكل سريع عبر الإنترنت،والتي تمكن أصحاب الأعمال حفظ بيانات أعمالهم الخاصة،والتواصل مع العملاء والموظفين، بطرق سهلة وآمنة.
ثانيا التأثيرات السلبية:
- زيادة نسبة البطالة: حيث قللت العديد من الشركات نسبة الموظفين، معتمدين على الآلات والأجهزة الإلكترونية.
- خلق حالة من ميكنة الحياة وجمودها: حسب تعبير علماء النفس والإجتماع.
- صعوبة حماية البيانات: تؤثر التكنولوجيا أيضا في بعض الأحيان على سرقة الأفكار، قرصنة بعض الأعمال وضياع حقوق النشر.
- انتهاء بعض الوظائف التقليدية: حيث من المتوقع إختفاء بعض الوظائف على مدى قريب أو بعيد وحل محلها الالات.
- زيادة التحديات الوظائفية: حيث أن التكنولوجيا تؤدي الى عدم المساواة في الوظائف لأن الإستفادة الأكبر تكون للأشخاص الذين لديهم مهارات تقنية، لذا تطلب الوظائف الجديدة تأهيل في مجال التكنولوجيا وعلى الشركات توجيه السياسات والاستجابة للتحول الوظيفي.
- التغيرات النفسية والإجتماعية: فقد تؤدي التكنولوجيا إلى تغييرات اجتماعية،بسبب زيادة الاعتماد على الأدوات التكنولوجية وانخفاض الاتصال الشخصي والإجتماعي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية.
أنظمة الأتمتة والذكاء الاصطناعي
يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة وكفاءة عالية، وذلك يساعد على استخلاص الأنماط والرؤى ، كما يمكن أن نستخدم هذه البيانات لاتخاذ قرارات أكثر فعالية وبناء استراتيجيات فعالة.
أما الأتمتة للعمليات الروبوتية تتيح تشغيل المهام المتكررة والبسيطة بشكل آلي، وهذا يوفر الوقت والجهد للأفراد الذين يمكنهم التركيز على المهام الإبداعية وحل المشكلات المعقدة.
لذلك فإن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة في أماكن العمل من شأنه أن يزيد القدرة على تحقيق الكثير من الفوائد مثل:
زيادة الإنتاجية والكفاءة والدقة: حيث يمكن لهذه التقنيات تغيير المهام الروتينية ، وجعل العاملين يركزوا على المهام ذات المستوى الأعلى التي تتطلب اتخاذ قرارات أكثر تعقيداً والتركيز على مهارات حل المشكلات.
تحسين خدمات العملاء : وذلك من خلال معالجة كميات كبيرة من البيانات بسرعة وبدقة.
ولكن، الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة قد يؤدي الى ظهور العديد من التحديات مثل:
الاستغناء عن الوظائف:حيث تصبح مهام الموظفين مؤتمتة، قد يجد بعض العمال وظائفهم مستبدلة بآلات،ويؤدي ذلك إلى فقدان بعض الوظائف والحاجة إلى إعادة التدريب أو تحسين المهارات والتعلم طوال الحياة مع توجيه السياسات والاستجابة للتحول الوظيفي، وبالذات الوظائف الخاصة بالتصنيع.
وأيضا التحديات الأخلاقية: مثل التحيز والخصوصية وعلى سبيل المثال، إذا تم تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي على البيانات المتحيزة، فقد تؤدي إلى استمرار التحيزات الموجودة في صنع القرار، بل وتضخيمها. وبالمثل، كما أنه يثير مخاوف بشأن الخصوصية وإساءة الاستخدام المحتملة للمعلومات الشخصية.
ولكن بشكل عام يمكن للمؤسسات والحكومات التعامل مع الأتمتة والذكاء الإصطناعي ومواجهة التحديات مما يضمن الخصوصية ومواجهة السلبيات التي تؤثر على مستقبل الوظائف والتحديات الأخلاقية.
كيفية التكيف مع تغيرات سوق العمل
تطورات التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي تحتم على الأفراد أن يتبعوا عدة خطوات معينة حتى على قدر كبير من الإستعداد لمواجهة تغيرات مستقبل العمل وسنذكر عدة اقتراحات للتكيف مع هذه التغيرات وهي:
- تطوير المهارات: استغل وقتك بشكل مستمر في تحسين وتطوير مهارات خاصة المهارات اللازمة مع مستقبل العمل، ويمكنك القيام بذلك عن طريق حضور الدورات التدريبية عبر الإنترنت أو في الجامعات والمعاهد، حضور المؤتمرات العلمية وورش العمل، الإستماع للبودكاست المهم ومتابعة أخبار التطورات العلمية.
- تعلم المهارات الخاصة التكنولوجيا: أصبح من الهام والضروري على الأفراد إلى تثقيف أنفسهم حول التكنولوجيا الحديثة وكيفية استخدامها في بيئة العمل. بل من الضروري أيضا تعليم الأطفال كيفية التعامل مع التكنولوجيا والتطورات الحديثة، ويمكن الإستفادة من الموارد عبر الإنترنت.
- التعلم طوال الحياة أو المستمر: يجب على كل فرد أن يكون التعلم مدى الحياة جزء من يوميه وحياة بجانب العمل أيضا فهذا أصبح شيء أساسي في العصر الحالي.
- الانخراط في المجتمع والتفاعل مع أمور الحياة: وهذه المهارة هامة جدا لما تتطلبه من مهارة حلة المشكلات والتعاون وتبادل الخبرات سواء في المجتمع المحلي أو العالمي.
- تابع منصات التواصل الإجتماعي: لمتابعة كل جديد في مجال التوظيف ومستقبل العمل عليك متابعة الصفحات والمنصات المهتمة بالعمل ومجال الوظائف.
- المشاركة في المجتمع التقني: حضور المعارض والمؤتمرات والدورات الخاصة بالتقنيات والذكاء الإصطناعي من الأمور المفيدة جدا، وتساعد على بناء علاقات في هذا المجال.
- البحث عن فرص عمل بإستمرار: يجب على الأفراد أن يستمروا في البحث عن فرص عمل ومعرفة متطلبات العمل الجديدة بشكل مستمر ولا بأس أيضا بالتقدم لمقابلات عمل مستمر حتى يتمكن الفرد من تطوير ذاته بما يتناسب مع مستقبل العمل.
- تطوير مهارة الريادة والإبتكار: هذه التطور الهائل في تحليل ومعالجة المعلومات يتطلب منك كفرد أن تكون على معرفة بريادة الأعمال والقدرة على الإبتكار بشكل مستمر.
- تزويد تجاربك الشخصية: من المفيد تعزيز الخبرات والمهارات الشخصية من خلال التجارب والورش العلمية والتعرض لمواقف في مجال العمل والتكنولوجيا بشكل فعال ومستمر.
دور السياسات والحكومات في مواجهة تحديات مستقبل العمل
لابد أن ننوه أيضا أن على الحكومات والسياسات العمل على مواجهة التحديات الخاصة بالعمال في ضوء تطورات التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي وتعمل جنبا إلى جنب مع الأفراد في التطور وتحسين المهارات كالتالي:
- وضع سياسات مناسبة: للتخفيف من تأثير التكنولوجيا على البطالة وعلى سوق العمل ووضع سياسات خاصة لحماية خصوصية الأفراد وحماية حقوق النشر والإبداع.
- تطوير التعليم والتدريب: ويحدث ذلك باستثمار الحكومات في التعليم والتطوير للأفراد داخل المدارس والجامعات والمعاهد الحكومية والقيام بعمل مؤتمرات ودورات مستمرة للعاملين لتحسين أدائهم بما يتناسب مع التطور الحديث.
- التعاون بين الشركات والحكومات.
- التشجيع على التطور والابتكار.
- التشجيع على التواصل والمشاركات الاجتماعية.
- العمل على تحسين الخدمات الحكومية والرعاية الصحية للمواطنين.
كيفية التحضير لمستقبل يشهد التكنولوجيا المتقدمة
يجب على الفرد والمجتمع الإستعداد على مدى شخصي واجتماعي والتحضير لمستقبل يشهد الأتمته والتكنولوجيا وهذه بعض الخطوات لذلك:
- التحلي بالمرونة: لابد أن يستعد العمال دائما أن يكونوا مرنين وعلى استعداد للتكييف مع أي تغيير يخص مستقبل العمل.
- العمل على دمج الأدوات الرقمية مثل تجارب التعلم المدمج والتعلم المتنقل.
- جعل الأتمتة والذكاء الصناعي سلاح ذو حد مفيد والعمل على تقليل أضراره.
- تقييم مهارات وأداء الموظفين بشكل مستمر ومدهم بالتدريبات والتطورات الهامة التي تلزمهم في مواجهة تحديات التكنولوجيا.
في الختام، لا يمكننا انكار أنّ التطورات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي قد أحدث ثورةً في مستقبل العمل وحياة الموظفين وتطويرهم.
ومع مرور الوقت ستستمر التكنولوجيا في التطور وأساليب التدريب والتطوير، وسيشهد المستقبل مزيدًا من التغيير في الواقع الافتراضي وفي مجالات العالم.
بل ويمتد التأثير على اقتصاد الدول وسياساتها ، ولكن أيضا يساعد في تعزيز مهارات الموظفين بشكل أكبر، وتعزيز تجاربهم العملية ودعمها بالتكنولوجيا مما يجعلها أكثر فعالية وملائمة لاحتياجات المؤسسات وتطلعات العاملين.
وهذا أيضا يُساهم في تحقيق نجاح مستدام وتميز في مستقبل سوق العمل.
إنضم لكوكب المعرفة مدرسة البيزنس على تليجرام