Menu Close

الإيمان والأمل : قوة الروح ودعم الحياة

في قلب الظلام يشرق النور: قوة الإيمان والأمل

كتبت: ندى علاء

لا يمكن للإنسان أن يعيش حياته بدون الإيمان والأمل، حيث يولد الإيمان بالله الشعور بالرضا والثقة في أن كل مايحدث له خيرا، كما يولد الأمل الذي يساعد الإنسان على إكمال طريقه بنظرة تفاؤل.

الإيمان والأمل
الإيمان والأمل

التفاؤل والأمل سنة نبوية، تدب في نفس الإنسان الإيجابية، مما ينعكس على تصرفاته ومواقفه، ويمنح الأمل سلامة نفس ويحفز على العمل.

والإيمان يعني الثقة بالله وفيما يقدمه لنا من رحمة ومغفرة، وينتج عن الإيمان بالله الأمل بنفس الإنسان.

فيولد الإيمان الأمل في المستقبل وما يحدث فيه، ونأمل بالحصول على ما نريد، فالإيمان والأمل مترابطان، الإيمان يحفز الشخص على التحلي بالأمل والصبر في كل دروب حياته لتحقيق الأهداف.


الأمل هو الحصن الذي يحمي الإيمان، فمن فقد أمله فقد إيمانه بربه وضاعت الثقة في قدرته، وبالتالي اليأس يؤدي به إلى الكفر لأنه يعد سوء ظن بالله.

ليست الأمل هو أمل المتواكلين والخاملين الجالسين في بيوتهم ينتظرون معجزة تحدث لهم تغير مجرى حياتهم، فالأمل يجب أن يكون مصحوب بالثقة بالله الكاملة، والعمل الدؤوب والأخذ بالأسباب.

يعد الأمل الطاقة المتفجرة في نفس الشخص، فهو يجدد فكره وشعوره بالاستمرار، وهو محركا لإرادة الشخص وتوجهاته في الحياة الاجتماعية والشخصية، والعلمية والعملية.

فيرافق الأمل الإنسان في جميع مراحل حياته، منذ أن يتكون وعيه وإدراكه للأشياء.

دور الإيمان في بعث السكينة والطمأنينة

يولد الإيمان بالله الشعور بالسكينة والطمأنينة في نفس الإنسان، فمثلا إيمان المسلم باليوم الآخر، يزهده في الدنيا ومغرياتها ويهون عليه مصائبها.

كما أن الإيمان بالقدر يشعر صاحبه بالطمأنينة ويخفف عنه عبء الحياة والتطلع، ويخفف من حدوث أي مكروه فهو يؤمن بأن ما أصابه ليس ب شر.

بالإضافة إلى أن الإيمان الذي يعتمد على تدبر أسماء الله الحسنى والصفات العلى لله سبحانه وتعالى، يشعر بالطمأنينة، فإدراك المسلم بأن الله هو الغفور الرحيم، الغني الكريم، العزيز الحكيم، تجعل السكينة تنزل على قلبه ويطمئن باله.

والإيمان الحقيقي بالله، يبعث في النفس الأمل والتفاؤل والثقة والطمأنينة للقلب، كما أنه ينقي قلب صاحبه من المعاصي، وإمداده بالعلم والعبادة والذكر.

التغلب على التحديات

الإيمان من أولى العوامل التي تساعد الإنسان على التغلب على تحديات ومصاعب الحياة، وتلك القوة الداخلية التي تنبع من الثقة بالله واليقين، تمنح الإنسان القدرة على الصمود أمام الأزمات.

حيث أنه  ليس مجرد شعور ديني بل هو قوة تعطي لمالكها القدرة على التحمل والاستمرار مهما كانت صعوبات الحياة.

الإيمان والأمل كما ذكرنا عنصران مترابطان، فعندما يتحلى الفرد بالإيمان يتولد الشعور بالأمل تلقائيا، والذي يجعل الفرد يدرك بأن كل ما يحدث له في الحياة من صعوبات هو درسا له، فتزداد القدرة على التحمل والصمود أمام التحديات.

التفاؤل والمضي قدما

يساعد الأمل على تعزيز التفاؤل في نفس الإنسان، فهو من يعطي له طاقة تحفزه على إنجاز أعماله.

فنجد الشخص المكتئب أو اليائس، يبقى في مكانه لا يتحرك نحو طريق النجاح والحياة عموما، على عكس الشخص المتفائل الذي يسعى لتحقيق ما يريده، حتى يزيد من مستوى السعادة لديه.

الأمل والصحة النفسية

للأمل دورا بارزا في تشكيل الصحة النفسية والعاطفية للفرد، وسلوكياته وعلاقته بالآخرين.

كما يؤثر على النظرة المستقبلية القريبة والبعيدة، ولا شك أن كل ما نفعله من أنشطة فكرية وعاطفية هي نابعة من الأمل الذي يدور بداخلنا، والذي يؤثر أيضا على إدراك الواقع الخارجي.

وكل ما يتم تحقيقة من نجاحات، لا يعتمد فقط على مدى توافر الموارد اللازمة لذلك، كلا، للأمل الدور الأكبر في ذلك النجاح، فعند الاستبشار بالنجاح مسبقا والشعور بأننا سنصل للهدف المراد، يتحقق ذلك بالفعل.

وإذا لم يتوفر القدر الكافي من الأمل والتفاؤل، فلن نستطيع أن نمضي أي خطوة تقدم في حياتنا.

الصحة الجسدية

أكدت البحوث النفسية، أن الأمل والتفاؤل والمزاج الجيد، أمور مهمة لصحة الجسد، ويساعدوا في الشفاء بسرعة في حالة المرض.

وإن كان يسيطر التشاؤم على نفسية الإنسان، فيتسبب في المشكلات الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم والإصابة بالاكتئاب، وتصلب الشرايين، ويزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان.

وعلى النقيض، فالأمل يزيد من عمر الفرد بنسبة 11-15%، ويزيد سرعة شفائه وتعزيز مناعته.

والأشخاص الأكثر تفاؤلا يميلون لممارسة النشاط البدني، واتباع أساليب التغذية السليمة، والابتعاد عن التدخين.

عندما تزيد المصاعب في حياة الإنسان، والتي تفوق قدرته في التحمل، لابد من تأمل قصص الأنبياء التي عنصر الإيمان هو جزءا أساسيا فيها، فبالرغم من الابتلاءات التي واجهتهم كان الإيمان وثقتهم بالله هو الطريق الوحيد للنصر وتحقيق ما ما يرغبون به.

حياة الرسول عليه الصلاة والسلام

نجد النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، متفائلا في جميع أموره، وواثقا بالله في جميع الأوقات، و محسنا للظن به في جميع الأحوال.

وبالرغم من الشدة والبلاء بحياة النبي عليه الصلاة والسلام، فكان مليئا بالتفاؤل والأمل وحسن الظن بالله وقوة اليقين، وكان دائما ما يبشر أصحابه بالنصر، وذلك ما حدث في غزوة الخندق.

غزوة الخندق “الأحزاب”

برغم ما حدث للمسلمين في غزوة الخندق من تعب شديد في حفر الخندق، وما كانوا يعانون منه من جوع وخوف وبرد، وحصار المشركين لهم، وخيانة اليهود، واشتداد الكرب بهم، كان الرسول عليه الصلاة والسلام يغرس فيهم التفاؤل والأمل.

ويغرز بهم الثقة واليقين بالله بتحقيق النصر، كما وعدهم بشرهم بفتح الشام وفارس واليمن.

وبالفعل انتصر المسلمون في غزوة الخندق، و حققوا انتصارا عظيما، وتحقق كل ما بشرهم به الرسول عليه الصلاة والسلام.

قصص ملهمة

نجد قوة الإيمان بالله في قصة سيدنا يعقوب الذي لم يفارقه الأمل في إيجاد ابنه يوسف فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز” قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا فصبرًا جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا إنه هو العليم الحكيم”.

والنبي أيوب حين ابتلاه الله بالمرض لم ييأس ولم يفقد إيمانه بالله، قال الله تعالى ” وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين”.

وإذا ذكر الإيمان والأمل كعنصران مرتبطان ببعضهما البعض، فعليك الالتفات إلى إيمان سيدنا يونس الذي أخرج اليأس من قلبه حتى وهو بداخل بطن الحوت في أشد ظلمات الليل والبحر وكان مؤمنا وواثقا بربه وكله أملا في أن يخرجه الله من محنته.

قصة حياتية

تأكد شخص يدعى محمد من أنه سينجح ويحقق ما يرغب ويصل إلى مراده، لكن كانت تحاوطه الطاقة السلبية في كل من حوله، فمنهم من يقول كلمات تحبطه تشعره بالتشاؤم، وذلك ما أشعره بالانزعاج الشديد.

لكن لم يستسلم محمد إلى تلك الكلمات التشاؤمية التي تبعث فيه الكسل والخمول واليأس، وبقى محمد على حاله واثقا بالله وكله أملا في أن يحقق النجاح الذي يرجوه.

يساعدنا الإيمان في التغلب على الأزمات وصعوبات الحياة، فهو يمنحنا الشعور بالأمل والاطمئنان بأن المشكلات ستزول.

ويمنحنا الإيمان القوة في مواجهة التحديات والصبر والمثابرة على المحن، كما يساعدنا على رؤية الجانب الإيجابي و “نصف الكوب الممتلئ” في أحلك الظروف.

صناعة المستقبل

الإيمان والأمل من المكونات الرئيسية في صناعة المستقبل، فمن الضروري أن تهتم جميع المؤسسات التعليمية بسرد أهمية الإيمان والأمل والتفاؤل في حياتنا.

فعلى المسجد والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام أن يعطوا اهتماما لتوعية الناس بأهمية الإيمان والأمل.

كما يعد بثهما في النفوس من عناصر عملية صناعة المستقبل، فعندما يدب الأمل في نفوس الناس، فيسهل ذلك عليهم أداء وإنجاز المهمات، ومواجهة التحديات، والتغلب على الصعاب، حتى يلقوا مستقبلهم الباهر أمام أعينهم.

من أهم هذه الممارسات:-

  • من الضروري الإيمان بأن المستقبل سيكون أفضل، وإيماننا بالقدرة على تخطي الحاضر ومشكلاته، والتفكير بأن كل الأمور تحت السيطرة، وذلك ما يبعث فينا الأمل والإيجابية.
  • التركيز على الأخبار الجيدة، والابتعاد عن ما يثير غضبنا، والتقليل من التعرض للأخبار السلبية، فيزيد ذلك من أملنا.
  • ممارسة الامتنان، فيجب أن تمتن لنفسك على كل الأشياء الجيدة التي فعلتها وتشكرها، مما يزيد من شعورك بالتفاؤل والسعادة.
  • فمثلا اسأل نفسك، ما هو دوري في الأشياء الجيدة التي تحدثت اليوم؟، وما تأثيري في نفس الأخرين بعدما كنت لطيفا معهم.
الصلاة والعبادة

هي من ضمن الممارسات وأهمها، لزيادة إيمانك وثقتك بالله، لابد من المواظبة على الصلاة في مواقيتها، والتقرب إلى الله، ومتابعة البودكاست الدينية على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما يمكنك أن تجعل لنفسك وردا من القرآن الكريم كل يوم، والمواظبة على أذكار الصباح والمساء.

على علماء الدين والدعاة أن يهتموا ببث روح الأمل والتفاؤل في نفوس الناس في خطبهم وأحاديثهم الموجهة.

وذلك من خلال سرد المواقف التي حكى عنها القرآن الكريم، والسنة النبوية، بأسلوب بسيط وسلس وعصري.

كما يمكنهم بث الإيمان والأمل في نفوس الناس، من خلال الخطب والدروس وبرامج الوعظ، والاستعانة بالفقه والشريعة الإسلامية.

ويمكن استغلال الثورة الرقمية والتكنولوجية الحالية، ويأتي دور وسائل التواصل الاجتماعي لبث قيم الأمل والتفاؤل في النفوس، لما لهذه الوسائل من تأثير كبير على قطاع كبير من الناس، وأيضا لسهولة انتشارها.

نصائح عملية لتعزيز الإيمان والأمل
  • المحافظة على الصلاة والدعاء، والتحلي بالصبر على المواظبة عليهم.
  • احرص على قراءة الكتب الدينية التي تقوي الإيمان بالله، و تغلب على كسلك.
  • اجتنب المعاصي والمنكرات لنيل رضا الله، وتقرب من الله بالأعمال الصالحة، واسعى لنيل الآخرة وليس الدنيا.
  • أكثر من الدعاء بالهداية والثبات على الدين، وأن يقبل الله منك العمل الصالح.
  • احرص على تعلم السنة النبوية، والعمل بها.
  • ضع الله صوب عيناك في كل ما تفعله، حتى تتمكن من تعزيز الإيمان في قلبك.

من أشهر الأعمال التي جسدت الأمل:-

لوحة الأمل

يراها البعض تدعو لليأس والحزن والاكتئاب، لما تعانيه المرأة من العمى وانحناء ظهرها، ويراها البعض الأخر توحي بالأمل وعدم الاستسلام لليأس، فبالرغم من حالتها السيئة تستمر في عزف الموسيقى.

كما رسمت الفنانة التشكيلية خديجة الحطاب المغربية، اللوحات الكثيرة التي تركز على كل ما هو جميل ويبعث الأمل والتفاؤل في نظر المتلقي.

من خلال استخدام الألوان المبهجة والساطعة.

وفي سياق أخر، وضع الشاب الفلسطيني أيمن الحصري لمسته الخاصة على جدران المنازل المحطمة والأسقف المهدمة في فلسطين، بالرغم من كل ما يعانونه هناك.

فيضع أيمن لمسته الخاصة على ذلك الحطام، وينقش بالخط العربي ليرسم لوحة فنية، لتوجيه رسائل الأمل والتفاؤل للشعب الفلسطيني.

  • كتاب خراب: كتاب عن الأمل من تأليف مارك مانسون، وفيه يناقش تحديات البشرية في العصر الحالي، حيث يأخذنا الكاتب في رحلة فلسفية للتفكير في كيفية البحث عن الأمل في عالم يبدو محطم ومشوش.
  • كتاب “قوة الإيمان” من تأليف أمل الرفاعي، وهو مجموعة من المقالات والقصص القصيرة، التي تسرد ضرورة الإيمان وأثره في حياة البشر.
  • كتاب “الإيمان والحياة”:- للدكتور القرضاوي، ويناقش فيه قضية الإيمان كأعظم قضية مصيرية في حياة الإنسان.
  • كتاب الأمل وأثره في حياة الأمة.

ختاما، عليك عزيزي القارئ أن تدرك أهمية الإيمان والأمل في حياتك، وأن تتبع النصائح التي سردها المقال، لتعزيز تلك القيم في نفسك، حتى تنعم بحياة إيجابية مليئة بالتفاؤل والثقة بالله.

مقترح لك ...