كيف تختار شريك حياتك ؟؟
كتبت : د. رشا نور الدين
ماهى المعايير الأساسية للموافقة أو الرفض على الشخص المتقدم للزواج ؟؟
كانت هند بنت عتبة ذات صفات ترفع قدرها بين نساء العرب ففيها فصاحة وجرأة وثقة وحزم ورأي تقول الشعر وترسل الحكمة وكانت امرأة لها نفس وأنفة.
بعد تركها لفاكهة بن المغيرة قالت لآبيها إني امرأة ملكت أمري فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي ..
وقال لها يوما : إنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميا لك واحدا منهما حتى أصفه لك ،
أما الأول :
ففي الشرف الصميم ،والحسب الكريم، تخالين به هوجا(حمق وتسرع) من غفلته ،وذلك إسجاح (هواء) من شيمته ،حسن الصحابة ،حسن الإجابة، إن تابعته تابعك، وإن ملت كان معك ،تقضين عليه في ماله، وتكتفين برأيك في ضعفه ..
وأما الآخر :
ففي الحسب الحسيب، والرأي الأريب ( العاقل الماهر )،بدر أرومته ( شريف الحسب والنسب)،وعز عشيرته ،يؤدب أهله ولا يؤدبونه ، أن اتبعوه أسهل بهم ، وإن جانبوه توعر بهم، شديد الغيرة، سريع الطيرة(ما يتفاءل به ويتشاءم منه )، شديد حجاب القبة( كناية عن شدة الحفظ)، إن جاع فغير منزور ( ما يوجب على النفس )، وإن نوزع فغير مقهور .
فقالت :
أما الأول
فسيد مضياع لكريمته، مؤات لها فيما عسى أن لم تعصم أن تلين بعد إبائها ، وتضيع تحت جفائها ،إن جاءت له بولد أحمقت ،وأن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت . أطو ذكر هذا عني فلا تسميه لي ،
وأما الآخر
فبعل الحرة الكريمة إني لأخلاق هذا لوامقة (محبة بغير ريب.. أي معجبة )، وإني له لموافقة ، وإني لآخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي ، وقلة تلفتي ، وإن السليل ( السهولة واليسر ) بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته ، الذائد عن كتيبتها (شدة الرباط أي وحدتها )، المحامي عن حقيقتها ، الزائن لأرومتها ( شرفها )، غير مواكل( ليس بالخفيف ) ولا زميل(كناية عن المبادرة والشجاعة ) عند ضعضعة الحوادث ، فمن هو ؟
قال : أبو سفيان بن حرب . قالت : فزوجه ولا تلقني إليه إلقاء المتسلس السلس ( بمعنى السهولة ) ، ولا تَسُمْه سوم المواطس الضرس ( تشدد عليه ) ، استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء.
وقفات مع حوار هند
نري هنا أسلوب في الخطاب والتشبيه والوصف يرسم صورة من صور اختيار الزوج فاق في روعته الكلمات …
تبرز فيه الكثير من السمات من أبرزها العفة التي تظهر في الحوار واضحة جلية فعدم تسمية الأب للخطيبين فيه حفظ لغيبتهم و كرمتهم ومكانتهم ..
وهذا الأمر أحوج ما نحتاج إليه فهو من أدب النكاح عدم التسمية فالأهم من الاسم هو شخص الإنسان وفعله وما هو عليه ..
أسلوب اختيار هند للزوج من صفات وخصال الرفعة والعفة والإباء ..
فلم ترضي بالزوج الهوائي رغم أنها تستطيع أن تخضعه لهواها لأنها إذا لانت له لان لها وكثير من النساء يستهويها من يؤمر للأسف ..
العفيفة الشريفة في نفسها وأصلها تأبي نفسها ذلك
قول هند إني ملكت أمري .. فيه رفعة وقوة حقيقية للمرأة ..
وتوضيح أنها قادرة على التمييز والاختيار عرفت نفسها واحتياجها ..
وعندما اختارت وضعت لنفسها قواعد تناسب صفات وطبع الزوج وحددت مستوي رفعتها ومكانتها باحترام رغباته وطاعة امرة ومراعاة حرماته قبل أن يملي عليها الزوج ذلك
وفي الوصف الذي طرحه الأب نجد تعدد لما يقوم عليه الزواج من أسباب مثل الحسب والنسب والمال و الطباع أو السجية أو السمات الشخصية المميزة للشخص سوء بالسلب أو الإيجاب
كيف اختار شريك حياتي ؟؟
أن اختيار الزوج أو الزوجة من الأمور المهمة التي تمارسها البشرية من عقود ومنذ بدء الخليقة وهو ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى وعي وإدراك عالي لعدد من المحاور خاصة بكلا الشريكين .. وهناك اختبارات عديدة ربما لا تحصى ولكن الأهم من الاختبار وهو المقياس الحقيقي هو … ماذا أريد ؟
وللإجابة على هذا السؤال هناك مستويات علينا تجاوزها فعليا منها :
أسس اختيار الشريك
تختلف الأسس من بيئة لبيئة ومن عائلة إلي أخرى ومن بلد لبلد ومن فرد لفرد .. ولكن هناك أساس ثابت و ناجح أعطانا إياه الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم الحديث رواه البخاري (4802) ومسلم (1466) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك )) وكلنا يعلم الحديث بل يحفظه عن ظهر قلب ولكن أين العامل به فعليا والمحقق منه عمليا إلا القليل
هذا هو أول أساس وأهم و هو الدين هذا مقياس لا يخيب إذا فعلا أخذناه بحقه
تعلمي / تعلم كيف تختار على أساس الدين
معرفة النفس
إذا لم يعرف المقبل أو المقبلة على الزواج نفسه فعليا فعلى ماذا يختار .. إذا ما أعرف ما أنا عليه كيف سأعرف ما أريد لنفسي وما عليه الأخر وما سأمنحه وما سأتكامل معه فيه فيما أحتاجه ويحتاجه مني
إذا لم أعرف طريقي فأي طريق سيوصلني لا فارق وبالتالي ربما نصل إلى مفترق طرق ويحدث تصدعات في البيت الزوجي لا يحمد عقباها .. وهذا مشاهد لا يحتاج إلى دليل
أعرف ماذا تريد
حددي ماذا تريدين / تريد فعلا لنفسك لا ما يريده الآخرون لك
معادلة الزواج
هذه المعادلة تقرب المقبلين على الزواج وتسهل عليهم طريقة اتخاذ القرار وهي أحد العوامل المساعدة في ذلك . وهي
العقل 33.3%+ القلب33.3% + النظر 33.3%= 100%
بمعنى أن نحتاج إلى توثيق العلاقة بين كلا من العقل والقلب والنظر في الاختيار فكل منها يؤدي دوره في هذه العملية وفي النهاية مجموع ما نحدده من ما يحصل عليه الشريك من وجهة نظرنا هو ما يؤهله مبدئيا من ناحية حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روى الترمذي (1087) وابن ماجه (1865) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا ))أي أَحْرَى أَنْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا . والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى أبو داود (2082) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ ).
مثلا فتاة وجدت في مواصفات شاب تقدم لخطبتها أنه
العقل 30 % + القلب 20 % + النظر 40 % = 90% هذه النسبة تؤهل للزواج إذا كانت الفتاه ترضي بهذا التوزيع النسبي .. ربما تحتاج أن تكون نسبة اقتناعها العقلي 60 % على الأقل أو القلبي 50 % على الأقل أو النظر 75%وهكذا نسبة مقاييسها التي تضعها لشريكها تقارن بينها وبين نسب المتقدم لها وهل ترضي بهذه النتيجة أم لا هذا أمر يساعد في اتخاذ القرار وبالنسبة للشاب الذي يتقدم لأي فتاة عليه أن يطبق نفس المعادلة .. البعض يهتم بنسبة العقل والبعض بنسبة النظر أي الشكل ودرجة الجمال والهندام وغيرها والبعض يهمه القلب فقط
التوازن في نسب المعادلة بما لا يغفل جانب أو يزيد في جانب بقوة عن جانب يحقق نتيجة أفضل ترضي هذه المحاور الثلاثة العقل والقلب والعين
اكتبي / اكتب معادلتك الخاصة بأولوية نسب الاختيار وحدد الحد الأدنى من نسبة الاختيار النهائية ( ربما تكون إجمالي المجموع 60 % أو أكثر لان أقل من 60 % قد لا يكون مقياس للتأهل للقبول )
اكتبي / أكتب معادلة نسب الشريك المطروح للزواج
قارني / قارن بين مستويات النسب
اتخذي/ اتخذ القرار بما ترضاه نفسك
ولا تنسي أو تنسي الاستخارة والسؤال والتحري والحوار في المقابلة الشرعية
مستشارة ارشاد اسري وعلاقات انسانية ، مدربة معتمدة دوليا ومحاضرة في العديد من مراكز العمل الاجتماعي وعضو هيئة تدريس في العديد من الجامعات والمعاهد أون لاين