ألبرت أينشتاين | Albert Einstein
سلسلة علماء الفيزياء
بقلم : أحمد فوزى القاسمي – مراجعة : د.عمرو شريف
ألبرت أينشتاين صاحب أشهر نظرية علمية مثيرة للجدل فى التاريخ ..!
الموسيقار .. العبقري .. المبدع ….. نحن نتحدث هنا عن أينشتاين الإنسان .. فماذا تعرف عنه؟
إنضم لكوكب المعرفة مجتمع التعلم الحديث
ألبرت أينشتاين، حياته ونشأته
في عام 1876 ، تزوج الألماني هيرمان أينشتاين الذي كان في التاسعة و العشرين من عمره من بولين كوخ التي تصغره بإحدى عشرة سنة ، ابنه يوليوس كوخ تاجر الحبوب و المواد الغذائية .
ولد طفلهما الأول في الحادية عشرة و النصف صباحا من يوم الجمعة 14 مارس 1879 في مدينة أولم بألمانيا ، كان الوالدان يودان أن يسميا ابنهما “ابراهام” باديء الأمر على اسم جده لأبيه ، لكنهما استقرا على اسم “ألبرت” ، فصار بذلك اسم الطفل ألبرت هيرمان ابراهام أينشتاين ❤
و في عام 1881 ولد الطفل الثاني و الأخير ، و هي ماريا أينشتاين أو مايا كما ستدعى بقية حياتها .
وفي عام 1882 انتقلت عائلة أينشتاين للعيش في ميونخ .
في الرابعة أو الخامسة من عمر ألبرت حدثت له واقعة انطبعت في ذاكرته للأبد ، و هي أنه أثناء مرضه أشترى له والده بوصلة ، فكان في غاية السعادة و الدهشة و هو يكتشف طريقة تحرك الإبرة المغناطيسية للبوصلة ، و كأنها تتحرك بتأثير قوة خفية فيها !
في الفترة نفسها أهدته أمه آلة كمان ليعزف عليها ، فكانت بدايته لحب الموسيقى التي كان لها الأثر البالغ في حياته ، فكان يفضل مقطوعات موتزارت بشدة ، فقال عنه : “إن موسيقى موتزارت جميلة و نقية ، لدرجة أنني أراها انعكاسا للجمال الكامن في الكون ذاته”.
كانت الموسيقى تساعده على التفكير ، فقد قال أحد أصدقائه : “كان يلجأ إلى الموسيقى عندما يصعب عليه التفكير في مسألة ، كان مرة يعزف في المطبخ ، ثم فجأة توقف عن العزف و صاح “وجدتها” ، كان الحل قد جاءه عن طريق الإلهام!”
في الإبتدائية كان الأول على مدرسته ، و لم يكن يشعر بالتمييز من قبل مدرسيه كونه يهودي و هم كاثوليك ، لكنه تعرض للإهانات من الطلاب ، مما غرس فيه شعورا بالغربة ظل يلازمه طيلة حياته ،
في سن التاسعة انتقل إلى مدرسة ثانوية بالقرب من ميونج .
كان من عادات العائلات اليهودية استضافة رجل دين يهودي فقير على الغداء كل سبت ، لكن عائلة أينشتاين غيرت هذه العادة باستضافة طالب طب على الغداء كل خميس يدعى ماكس تلمود ، فكان تلمود المحفز الفكري ل ألبرت ، حيث أهداه مجموعة كتب لعالم يدعى بيرنشتاين ، و أعجب أينشتاين جدا بهذه الكتب و تأثر بها و أنتهى من قرائتها و فهمها في وقت قصير مما أدهش صديقه .
ثم عرض عليه تلمود قراءة بعض الكتب الفلسفية خاصة للفيلسوف إيمانويل كانت فأعجب به جدا باديء الأمر ، و قاده كتابه ” نقد العقل المحض ” إلى التعمق و الإنغماس في كتب ديفيد هيوم و إرنست ماخ ، مما ساهم في بناء شخصيته المشككة في كل الفرضيات و النظريات القائمة و خروجه عن المألوف و السائد .
في عام 1894 ، ترك أينشتين مدرسته الثانوية إعتراضًا على طرق التدريس بها ، إذ تعتمد على الحفظ و التلقين ، و اعتراضًا منه على أسلوب الألمان الصارم جدا في المعاملة .
ذهب أينشتين إلى والديه بمقاطعة بافيا بالقرب من ميلانو بإيطاليا ، و قضى هناك ربيع و صيف 1895 ، وعمل خلال هذه الفترة في شركة العائلة مع عمه ياكوب ، تعلم خلالها فكرة عمل المغناطيسيات و الملفات و الكهرباء المولدة .
و في أحد الأيام ، تعرض عمه لمشكلة حسابية في العمل فحلها ألبرت في خمس عشرة دقيقة فقط ! ، قال عمه بعدها لأحد أصدقائه : سوف تسمع عنه خيرا ذات يوم .
بدايات الدراسة
قبل الإلتحاق بمعهد زيورخ الذي قضي فيه أربعة أعوام ، كان علي ألبرت أينشتاين أن يدرس سنة في مدرسة قرية آرو للتأهيل ، فكان لهذه السنة أثرها في حياته ، فقد كان أسلوب التدريس فيها يعتمد على حفز التفكير و تخصيب الخيال ، و ليس على الحفظ فقط !
وفي أكتوبر 1896 تمكن من الإلتحاق ب معهد زيورخ الفني ، وكان كثير المشاكل خلال فترة الدراسة فيه نظرًا لتمرده و اعتراضه على أساليب التدريس أيضا!
في أغسطس 1900 ، تخرج أينشتين من المعهد بمعدل 4.9 من أصل 6 درجات ، و حل في المرتبة الرابعة من بين خمسة طلاب فقط ! . هنا تجدر الإشارة إلى أنه لم يرسب في الرياضيات قط كما هو مشهور عنه !، بل كان متفوقا في الرياضيات جدا ، لكنه مع ذلك كان ترتيبه قبل الأخير على دفعته !
من مشيئة القدر ، أن صاحب المركز الأخير في المعهد كانت الطالبة ميليفيا ماريك التي أصبحت زوجته فيما بعد ، فقد تعرف عليها خلال دراستهما ، و لم تكن على قدر عالي من الجمال ، و كانت تعاني خلعا خلقيا في مفصل الورك ، و كان ألبرت على العكس من ذلك وسيمًا ، لكنه أحبها.
بعد تخرج ألبرت أينشتاين من المعهد ظل فترة طويلة يبحث عن وظيفة إلى أن حصل على وظيفة في مكتب براءات الإختراع ، في 16 يونيو 1902 ، بمساعدة صديقه و زميل المعهد الرياضياتي النابغة مارسيال جروسمان ، الذي كان يدون المحاضرات و يعطيها لأينشتاين الذي لم يكن يحضر إلا قليلا .
في أكتوبر 1902 مات هيرمان والد ألبرت . وفي 6 يناير 1903 تزوج ألبرت أينشتاين من ميليفيا ماريتش ، و بعد عودته من عقد القران للشقة رفقة زوجته تذكر أنه نسي مفاتيح الشقة كالعادة ، مما أضطره لإيقاظ صاحبة السكن.
في 14 مايو 1904 أنجب الزوجان طفلهما الأول هانز أينشتاين
النظرية النسبية الخاصة
قال أينشتاين : تأتي أي فكرة جديدة فجأة و بصورة بديهية نوعا ما ، وما المعرفة البديهية إلا نتاج تجربة فكرية مبكرة
كان مما أوحى لأينشتاين نسبيته الخاصة تجاربه الفكرية والذهنية التي كان يصوغها في دماغه ، و لعل أهم هذه التجارب ، تجربته عندما تساءل وهو في السادسة عشرة : ماذا لو انطلقت بسرعة الضوء بمحاذاة شعاع ضوء ؟؟؟؟
ظل هذا التساؤل يحيره طيلة عشر سنوات ، إلى أن كان في جلسة مع صديقه المهندس العبقري ميكيلى بيسو ، و كانا يناقشان مسألة ما ، و هي لو أنهما افترضا جسمًا يسير بسرعة 100 كم/ساعة مثلا ، ثم واجهه عكس اتجاه سيره جسم آخر يسير بسرعة 50كم/ساعة ، فإن السرعة النسبية بالنسبة لكل جسم منهما بالنسبة للآخر ستكون 150كم/ساعة ، و هذا ما يعرف ب ” قانون جمع السرعات “
و لكن ماذا لو افترضنا أن جسما يسير بسرعة الضوء (186000 ميل/ثانية) ، و في المقابل جسما آخر يسير عكس اتجاه الاول بسرعة (10000) مثلا ، فهل تكون السرعة النسبية لكل جسم بالنسبة للآخر مجموع السرعتين ، أي (196000) ؟
طبقا للتجارب و معادلات ماكسويل هذا مستحيل ، لأن سرعة الضوء ثابتة مهما كان المصدر الذي تنبعث منه ، و مهما كانت حالة الراصد سواء السكون أو الحركة
فكان لابد من أن أحد الفرضيتين خاطئتان ، إما أن سرعة الضوء ليست ثابتة و تتغير بحسب الراصد ، و إما أن قانون جمع السرعات خاطيء ! ، و الحالتان كلتاهما مرفوضتان …!
فتفرق الصديقان دون إيجاد حل لهذه المعضلة …
و في اليوم التالي ، وجد ألبرت أينشتاينحلًا لهذه المشكلة التي أرقته ،
قال لنفترض أن صاعقة برق ضربت نقطتين A,B في الوقت نفسه ، فمتى نقول أن الحالتين متزامنتان ؟
يمكن أن نقول أنهما متزامنتان فقط حينما يقف راصد في منتصف المسافة بين النقطتين بالظبط ، و لكن لو افترضنا أن راصدًا داخل قطار متحرك و ضربت الصاعقة النقطتين في الوقت نفسه ، فإن الراصد داخل القطار لن يرى الحدثين متزامنين برغم أنهما حدثا في الوقت نفسه !
هذا لأن شعاع الضوء حينما وصل من النقطتين إلى الراصد داخل القطار المتحرك كان الراصد قد تحرك من مكانة ، و صار أقرب إلى إحدى النقطتين بحسب اتجاه حركته !
من ذلك استنتج أينشتاين أن ” الزمن المطلق غير موجود “ ، ولا نستطيع أن نقول أن حدثين متزامنان قبل أن نحدد حالة الراصد ، فالراصد الذي يقف على رصيف محطة القطار في منتصف المسافة بين الحدثين سيرى أنهما متزامنين ،و الراصد الذي في القطار لن يراهما كذلك !
من تلك التجارب الذهنية و الفكرية ، صاغ أينشتاين مفهومه عن النسبية الخاصة في بحث تحت عنوان ” الديناميكا الكهربية للأجسام المتحركة “ ، و قدمه إلى احدى المجلات العلمية بتاريخ 30 يونيو 1905 ، و كانت فكرته هذه ثورية و غير مسبوقة ، فقد زعزعت أفكارنا عن الزمن التي صمدت آلاف السنين ، وقد وجه ضربة قوية لنموذج اسحاق نيوتن الذي يقول بالزمن المطلق ، والذي صمد لثلاثة قرون.
E=mc^2
في بحث آخر بتاريخ 27 سبتمبر 1905 ، أرسله اينشتاين للمجلة نفسها ، كان البحث من ثلاث ورقات فقط ،
وكان بعنوان : هل يعتمد القصور الذاتي لجسم ما على محتواه من الطاقة؟
جمع في البحث بين نظرية ماكسويل و نظريته النسبية
و قام ببعض التجارب الفكرية كعادته ، و استنتج من ذلك أن ” الكتلة و الطاقة مظهران مختلفان لشيء واحد “ ، وأن هناك تبادلية أساسية بين الأثنين ،
و بذلك يكون أينشتين قد استنتج أروع معادلة في تاريخ العلم ” E=mc^2 ” ، الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء
فبهذه المعادلة عرفنا أن باستخدام كيلو جرام واحد من الكتلة يمكن أن ننتج 25 مليار كيلو وات ساعة من الكهرباء !
و عرفنا أن الطاقة الموجودة في كتلة حبة ذبيب واحدة تكفي لإمداد مدينة نيويورك بالطاقة لمدة يوم كامل ! ياللعجب !!
الظاهرة الكهروضوئية
لقد كان عام 1905 ، عام خيالي بالنسبة للشاب ألبرت صاحب ال26 عاما ، فبجانب اكتشافه و صياغته للنسبية الخاصة ، و استنتاجه معادلة ستصبح أشهر معادلة في تاريخ العلم ، فقد ابتكر ايضا نظرية كمومية ثورية عن الضوء ، أكد من خلالها طرح ماكس بلانك بخصوص فرضية أن الضوء يصدر من مصدره على هيئة دفقات
” كَمَّات ” “Quanta” وليس على هيئة سيال مستمر . كما ساعد أينشتين في تأسيس مفاهيم علمية أخرى ، وسنحاول شرح كل هذا فى مقالات لاحقه محددة حول هذه المفاهيم نفسها .. نظرا لتخصصها العلمى الدقيق والذى يحتاج لحديث مسهب.
النظرية النسبية العامة
بعد أن وضع أينشتاين النسبية الخاصة عام 1905 ، ظل طيلة سنوات يبحث عن نموذج متكامل لنسبيته ، ذلك أن النظرية النسبية الخاصة قاصرة في بعض الجوانب فمثلًا :
-
تفترض النسبية الخاصة أن التفاعل الفيزيائي لا يتم بسرعة أكبر من سرعة الضوء ، و هذا مخالف لنموذج نيوتن حول الجاذبية ، حيث يعتبر نيوتن أن الجاذبية تأثيرها لحظيا ، فإذا أختفت الشمس مثلًا ، فإن كواكب المجموعة الشمسية ستخرج عن مساراتها في التو و اللحظة ، و هذا المفهوم ترفضه النسبية الخاصة .
-
أن مفاهيم النسبية الخاصة وقوانينها لا تنطبق إلا على السرعة المنتظمة و لا دخل لها بالسرعات المتغيرة .
لذلك كان لابد من البحث عن نموذج شامل للنظرية النسبية …
عام 1907 ، شهد أول خطوة في هذا الطريق و كانت باستخدام تجربة فكرية كالعادة ،
افترض أينشتاين في تجربته صندوقا مغلقا بداخله شخص ممسك بكرة ، و الصندوق في الفراغ التام ، بحيث لا يتأثر بأي نوع من القوى … إن الشخص داخل الصندوق لا يشعر بوزنه ، و كذلك لو ترك الكرة من يده فلن تتحرك من مكانها لتسقط !
الآن ، لو افترضنا صاروخا عند قاعدة الصندوق يدفعه للأعلى ، في هذه الحالة سيشعر الشخص بوزنه و ستسقط الكرة إلى قاعدة الصندوق ، ولن يستطيع الشخص التمييز بين الجاذبية و التسارع ، فلا يعلم سبب شعوره بوزنه هل هو بسبب جاذبية أحد الاجرام المحيطة أم بسبب قوة تدفعه !
من هنا استنتج أينشتاين مفهوم “التكافؤ” الذي ينص على أن ” التأثير يبقى ثابتا سواء كان بسبب الجاذبية أو بسبب القصور الذاتي ” .
و افترض أيضا : لو أن شعاعا ضوئيا دخل من ثقب في جانب الصندوق الذي يرتفع لأعلى ، فإن الشعاع – بعد أن يقطع عرض الصندوق ويصل للجدار المقابل للثقب – سيكون أقرب لأرضية الصندوق ،
و بهذا تبنى أينشتين أن الضوء لا يسير في خطوط مستقيمة دائما لكنه ينثني إذا تأثر بقوة ما …
و من هذين المفهومين صاغ أينشتين النسبية العامة ، التي أعتبرها أهم إنجاز في حياته .
إنحناء الضوء
كما ذكرنا ؛ تنبأت النسبية العامة بأن الضوء إذا أقترب من جرم عظيم فإنه ينثني ،
اقترح أينشتاين طريقة لقياس هذا الانحناء عن طريق مراقبة أشعة النجوم التي تمر بجانب الشمس خلال الكسوف الكلي
قام أينشتاين بحساب قيمة هذا الانحناء رياضيًّا فوجده 0.83 ثانية قوسية (الثانية القوسية=1/3600 درجة)
في الحقيقة كان هذا الرقم خطأ ، و كادت التجربة تتم عام 1914 بمدينة القرم فى روسيا ، و من حسن حظ أينشتين أنها لم تتم بسبب الحرب العالمية، و إلا كانت ستظهر خطأ حساباته ،
و في عام 1915 قام بالحسابات مرة أخرى ، فوجد أن زاوية الإنحناء لابد أن تكون 1.7 ثانية قوسية ، وليست 0.83 كما حسبها باديء الأمر ، و ليست 0.85 كما حسبها نيوتن قبل ثلاثة قرون!
في عام 1919 ، أجريت التجربة في مكانين مختلفين أحدهما فى البرازيل ، و الآخر فى البرتغال ، تحت إشراف الفلكي إدينجتون ، و كانت النتائج تبشر بصحة النسبية و خطأ نيوتن ! ، النتيجة كانت أكبر بقليل عن 1.7 ثانية قوسية ، و بذلك لم يعد هناك شك تقريبا في الوسط العلمي الذي رفض النسبية لسنوات .
ألبرت أينشتاين وجائزة نوبل
بعد هذه الإضافات الرائعة التي أثرى بها العبقري مسيرة العلم ، و التأثير الكبير الذي أحدثه منذ عامه الرائع 1905 ، كان لابد أن يكافأ بجائزة بحجم نوبل ، و لم يكن أحد يشك بأنه لن يحصل عليها ،
و لكن السؤال الذي شغل تفكير المجتمع العلمي ، و تفكير ألبرت أينشتين أيضا ، متى سيحصل على جائزة نوبل ، وعلى أي إبداعاته ؟ ، خصوصا بعد التجربة التي أجريت عام 1919 كما ذكرنا أعلاه ، و التي أسكتت بدورها كل لسان مرتاب من النسبية .
الغريب أن ترشيحات نوبل تضمنت اسم أينشتين لمدة عشر سنوات متتالية (1910 ~ 1920 ) ، و مع ذلك لم يحصل عليها ، فما السبب ؟
السبب الرئيسي وراء ذلك أن اللجنة المشرفة على منح الجائزة والتي يديرها خمسة أشخاص من جامعة أوبسالا بالسويد ، كان ثلاثة من هؤلاء الخمسة يميلون إلى التجريب و القياس ، و يرتابون من مسعى العلماء النظريين من أمثال أينشتاين .
في عام 1920 كان ألبرت أقرب ما يكون لنيل الجائزة ، حيث حظى بترشيح ستة من كبار العلماء وقتها ، منهم لورنتز و نيلز بور ، و أيضا بلانك ، لكن رسالتهم وصلت متأخرة بعد غلق باب قبول رسائل الترشيح ، لكن اللجنة – و في قرار غريب – منحت الجائزة لشاب فيزيائي لم يضف كثيرا للعلم سوى بعض الاكتشافات البسيطة مقارنة بغيرها .
في عام 1921 ، زاد تأييد العلماء لمنح أينشتين جائزة هذا العام ، و حصل على أربعة عشر ترشيحا من العلماء ، مما زاد الضغط على اللجنة ، فكلفت احد أعضائها وهو جيرسترالد الحاصل على نوبل في الكيمياء عام 1911 بإعداد تقرير مفصل عن النسبية ، و للأسف كان نقد جيرسترالد للنظرية في منتهى السخف ، فلم يكن متمكنًا في الرياضيات ، و لم يفهم النظرية بالشكل المطلوب ، مما دفع اللجنة للتصويت على عدم إعلان فائز لهذا العام وتأجيلها للعام القادم ،
شخص آخر انضم للجنة نوبل ، و هو العالم أوسين ، الذي استطاع ببراعة أن يقنع صديقه جيرسترالد بتغيير رأيه في النسبية ، و أقنع اللجنة بمنح أينشتين جائزة نوبل عن عام 1921 ، و ذلك لاكتشاف ألبرت للتأثير الكهروضوئي و ليس عن النسبية ، مع الإعلان عن حصول نيلز بور على الجائزة أيضا عن عام 1922 ، لوضعه لنموذج پور للذرة ، الذي اعتمد بشكل أساسي على قوانين التأثير الكهروضوئي ؛ كان ذلك في 6 سبتمبر 1922 .
و في 10 نوفمبر ، وصل خطاب رسمي إلى أينشتين يخبره بحصوله على الجائزة أخيرا .
ألبرت أينشتاين وميكانيكا الكم
بالرغم من شخصية ألبرت الثورية و الخارجة عن السائد و المألوف التي تمتع بها في شبابه ، إلا أن موقفه من ميكانيكا الكم مخالف لهذا تماما ، و ذلك منذ اشتعالها عام 1926 إلي يوم وفاته ، بالرغم من انه ممن الذين ساعدوا في إثباتها بل وفي تأسيسها .
وكانت هذه المساهمة بداية من عامه الإعجازي ، عام 1905 ، في البحث الذي نشره تحت عنوان ” وجهة نظر إرشادية حول إنتاج و تحويل الضوء “ ، فقد اقترح فيه أن الضوء يأتي على شكل كمات أو دفقات صغيرة ، أو يتصرف بمثابة جسيمات التي عرفت فيما بعد بالفوتونات ، و بذلك البحث زلزل أينشتاين عرش النظرية الموجية للفيزيائي ماكسويل ،
و كذلك اكتشافه في عام 1909 للطبيعة الموجية و الجسيمية للضوء معا ، أي أن الضوء يتصرف كموجة و جسيم في الوقت نفسه.
و في عام 1925 ، قدم أحد أكبر اكتشافات الكم فيما يعرف بتكاثف بوز أينشتاين ، و الذي نتج عن تبني العالم بوز لأقتراح أينشتاين عن كمات الضوء .
خلال هذه السنوات العشرين ظل أينشتاين مدافعا عن الكم ، لكن الأمر سيتغير قريبا !
بعد تقديم نيلز بور لنموذجه الذري ، و بعد الاستنتاجات التي تمخضت عن الكم ، و تفسير ماكس بورن للكم بأنها تفسر العالم تفسيرا إحتماليا وليس تفسيرا منطقيا يخضع لقوانين الفيزياء الكلاسيكية الصارمة ، و إنما الأمور كلها احتمالية ولا وجود للحقيقة المطلقة .
هذه التفسيرات و الآراء أزعجت أينشتاين جدا ، فهي تخالف نسبيته في جوانب ، و تخالف فلسفته في الحياة التي ظل وفيا لها طيلة حياته ، كما أنها تضرب بمبدأ المحلية عرض الحائط ، وهو المبدأ الذي يعني أن أي نظامين معزولين عن بعضهما لا يؤثر أحدهما على الآخر ، لكن الكم تقول عكس ذلك! ،
ففي النسبية ، لو اختفت الشمس ، فإن الأرض لن تتأثر باختفائها إلا بعد ثمان دقائق ، و ذلك لبعد المسافة بين الجسمين ، و التأثير محدود بسرعة الضوء ، لكن الكم تقبل أن يحدث التأثير بين جسمين متباعدين لحظيا.
هذه التفسيرات العجيبة لم يستسغها أينشتاين أبدا ، فكتب آنذاك لصديقه الفيزيائي الكبير ماكس بورن :
” إن نظرية الكم مبهرة ، لكن صوتا داخليا يخبرني أنها ليست الشيء الحقيقي بعد ، إنها نتائج حقائق ، ولكنها لا تقربنا إلى الله ، أنا مقتنع بكل الأحوال أنه لا يلعب النرد “
في عام 1927 ، و أثناء فترة أجتماعاتهم في مؤتمر سولفاي ، جرت بعض المحاورات حول الكم بين الصديقين ألبرت أينشتاين ونيلز بور، فيما عرف بمناظرات بور أينشتاين . فكان أينشتاين يصدع رؤوس الكموميين بتجربة ذهنية عبقرية ليلا ، فلا يأتي مساء اليوم التالي إلا وقد وجد لها شباب الكم حلا ، و هكذا لعدة أيام ، مما زاد تمسك أصحاب الكم بنظريتهم و الوثوق بها أكثر.
كان من ضمن القضايا العلمية التي ناقشها مؤتمر سولفاي عام 1927 ، مبدأ الريبة أو مبدأ عدم اليقين للشاب صاحب ال25 عاما فيرنر هايزنبرج ، الذي ينص على أن معرفة أحد الأبعاد لجسيم سواء المكانية أو الزمانية بدقة يستلزم عدم معرفة البعد الآخر ، أو بمعنى آخر : لا نستطيع تحديد سرعة و موضع الجسيم بدقة في الوقت عينه ، وقد خرج فيرنر هايزنبرج و أتباعه من المؤتمر منتصرين لهذا المفهوم .
في عام 1935 ، قدم الثلاثة أينشتاين، بودولسكي ، روزن : ورقة بحثية عرفت ب IBR PAPER، والتي فتحت الجدل حول التشابك الكمي وفكرة التأثر بين نظامين متباعدين كما ذكرنا في الأعلى ، هذه الورقة كانت تحت عنوان ” هل يمكن اعتبار وصف ميكانيكا الكم للواقع الفيزيائي مكتملا؟ “.
توجهت جهود ألبرت أينشتاين خلال تلك الفترة و إلى لحظة موته في البحث عن نظرية مجال موحد ، يمكن أن تجمع بين النسبية والكهرومغناطيسية ، و تقدم تفسيرات غير تلك التفسيرات المريبة التي تقدمها الكم.
وهكذا ظل أينشتاين في جدال متواصل مع أصحاب الكم إلى لحظة موته.
وفاة ألبرت أينشتاين
في عيد ميلاده السادس و السبعين ، لم يكن أينشتاين بصحة جيدة ، فقد كان يعاني من نوبات الأنيميا وآلام المعدة ، أخبره الأطباء بأن مرضه سببه تمدد في الشريان الأورطي البطني ،
بعد ذكرى ميلاده ال76 بأيام ، علم بوفاة صديقه المقرب و مرآة أفكاره ميكلي بيسو، صديقه الذي تعرف عليه منذ ستين عاما أثناء دراسته في معهد زيورخ ، و في رسالة العزاء التي كتبها أينشتاين لأسرة بيسو قال:
لقد رحل عن هذا العالم الغريب قبلي بقليل ، لكن هذا لا يعني شيئا ، فنحن معشر الفيزيائيين نرى أن الفارق بين الحاضر والماضي والمستقبل ليس سوى وهم يصعب التخلص منه.
في آخر أسبوع في حياته ، وقع بيان أينشتاين راسل ، الذي يدعو فيه مع الفيلسوف و الرياضياتي العبقري برتراند راسل إلى الحد من استخدام الأسلحة النووية التي يمكن أن تفني العالم.
وقال راسل عن أينشتاين بعدها ” لقد ظل عاقلا في عالم مجنون “
من هذه الوثيقة انبثق المؤتمر السنوي الذي يحضره المفكرون و العلماء حول العالم كل عام ، مؤتمر باجواش.
قبل وفاته بأربعة أيام تقريبا ، سقط أينشتاين مغشيا عليه ، أتي له الأطباء في منزله ، و نصحوه بالانتقال للمشفى لإجراء عملية جراحية غير مؤكد نجاحها لعلاج تمدد شريانه الأورطي
لكنه رفض قائلا : إطالة العمر بطريقة صناعية هو أمر لا طعم له ، لقد قمت بواجبي ، و آن أوان الرحيل ، و سوف أرحل بطريقة جميلة.
بعدها بيومين ، اشتد به المرض جدا ، نُصح للمرة الثانية بالنقل للمشفى ، رفض بداية الأمر ، لكنه وافق بعدما اقتنع بأنه أصبح عبئا ثقيلا على ممرضته ،
في 17 أبريل شعر أينشتاين بتحسن وهو في المشفى ، فطلب بعض الأوراق و قلم ، وجعل يكتب بعض المعادلات في محاولة أخيرة للوصول إلى ما طمح إليه المجال الموحد ، كتب اثني عشرة ورقة من المعادلات ، وأثناء ذلك وهو في فراشه ، قال ل هانز ابنه : اه لو كنت اعلم قدرا أكبر من الرياضيات!
بعد الساعة الواحدة من صباح الإثنين ، 18 أبريل 1955 ، سمعته الممرضه – وهو في شدة الألم – يتمتم ببعض الكلمات الألمانية التي لم تكن تفهمها ، ثم انفجر شريانه الأورطي وفارق الحياة.
مخ ألبرت أينشتاين
بعد موت أينشتاين في 17 أبريل 1955، بعد ظهر ذلك اليوم، أُحرقت جثته وفقا لرغبته، حضر حرق الجثمان 12 شخصا من بينهم هانز ابن أينشتاين، أُخذ رماد جثته إلى نهر ديلاوار و أُلقي هناك.
رغبته في حرق جثمانه لم ينتج من معتقد ديني، و إنما لكرهه أن يكون موقع قبره موضعا للتبجيل.
بعد موته بساعات ، خضع أينشتاين للفحص في مستشفى برينستون، أحضر الطبيب الذي تولى ذلك – يدعى توماس هارفي – منشارا كهربيا وشق جمجة أينشتاين لفحصها من الداخل ، كان ذلك بحضور هانز، بعد ذلك قام بخياطة فروة الرأس ليعيد الجمجمة كما كانت، إلا أن جزءًا لم يوضع مكانه و إنما أُخفي، هذا الجزء كان “المخ العبقري”
حصل هارفي على المخ دون تصريح من أحد، كان تصرفه فرديا، ولم يستشر أحدا في ذلك!
قرر هارفي أن يحول المخ إلى شرائح ميكروسكوبية، فأرسل أجزاء منه إلى أصدقاء له في جامعة بنسلفانيا،
مع مرور السنوات كان هارفي يرسل قطعا من كنزه الثمين إلى باحثين مختلفين يروقون له، ولم يكن يطلب منهم إجراء بحوثا علمية محددة ، في تصرف غريب وصف بالسذاجة.
لم يكن توماس هارفي يريد الظهور خلال تلك الفترة، فكان مختفيا عن الأنظار،
و في عام 1978 ، عثر الصحفي ستيفن ليفي على هارفي لكنه لم يحصل منه على شيء مهم ،
بعدها بعشر سنوات، كان العثور الثاني عليه من قبل الصحفي الآخر مايكل باترينتي، الذي حظي بمقابلة مطولة معه، نشر على إثرها مقالة شهيرة حصدت الكثير من الجوائز ، و كتاب كان عنوانه Driving Mr. Albert.
عام 1998 قرر هارفي أخيرا بعد 43عام من الاحتفاظ بالمخ تركه إلى شخص آخر يعمل في وظيفته القديمة في مستشفى برينستون.
خلال تلك السنوات الطويلة لم تنشر أبحاث مهمة عن مخ العبقري ألبرت أينشتاين سوى ثلاثة، نلخص محتواها فيما يلي
-
البحث الأول: قام به فريق من جامعة بيركلي، نتائجه تبين أن إحدى مناطق مخ أينشتاين، تحديدا جزء من القشرة الجدارية تحتوي على نسبة عالية من الخلايا الدبقية ( الداعمة ) بالمقارنة بالخلايا العصبية.
-
البحث الثاني: نشر عام 1996، يبين أن القشرة الجدارية أقل سمكا من خمس عينات من أمخاخ أخرى، وكثافة خلاياه العصبية أكبر.
-
البحث الثالث: نشر عام 1999، و هو البحث الأشهر بينهم، كان تحت إشراف الدكتورة ساندرا ويتلسون التي حصلت من هارفي على عينة تمثل خُمس المخ بما فيها الفص الجداري وعاونها فريق من جامعة ماكماستر بكندا، خلص البحث إلى أن المركز الصغير في مخ أينشتاين والموجود بإحدى مناطق الفص الجداري السفلي، والذي يعتقد أنه المسؤل عن التفكير الرياضي و الفراغي ، كان هذا المركز أكبر ب15% عن غيره، وذلك بمقارنته ب35 عينة من أمخاخ أشخاص آخرين.
في الحقيقية لم يصل أحد هذه الأبحاث إلى سر عبقرية أينشتاين بشكل قطعي، وإنما كلها مقاربات علمية مشروعة، ولعلنا نعرف سر تلك العبقرية إذا ما تأملنا مقولة أينشتاين الشهيرة و التي نختم بها الكلام هنا، ” لست موهوبا، إنما أنا فضولي متحمس”.
نبوءات ألبرت أينشتاين
ليس طبيعيا أن يتنبأ شخص بشيء ليس بمقدوره وقتها اختبار صحته، أشياء لا تسمح الإمكانات والأفكار و العقول بمعرفة مدى صحتها، إنها ستكون دائما أقرب للتكذيب . أما إن حدث و ثبت ما تنبأ به الشخص بعد سنة أو أثنتين أو ربما بعد قرن ، فإن أقل ما يوصف به هذا الشخص هو العبقرية النادرة التي تثير الإعجاب ، هذا بالظبط ما حدث مع ألبرت أينشتاين!.
سنذكر هنا خمسة نبوءات له تدل على نفاذ بصيرة الرجل الذي نقف أمام عبقريته التي تظهر بجلاء:
-
انحناء الضوء: هي النبوءة الوحيدة التي أثبتت عمليا خلال حياة أينشتاين، تكلمنا عنها و شرحنا طريقة إثباتها ، يمكنك الرجوع لها هنا .
-
عدسة الجاذبية : و هي تقوم بشكل أساسي على خاصية انحناء الضوء .
باختصار، إذا اقترب الضوء من جرم كبيرمثل ثقب اسود أو نجم نيتروني أو مجرة ، فإنه ينحني، و ذلك بسبب تقعر شبكة الزمكان بقدر كبير في ذلك المكان بفعل الكتلة، فإذا انطلق ضوء من أي جسم سماوي و ليكن “نجم ” و مر عبر مجرات متباعده فإن الضوء ينثني ، وتتجمع هذه الأشعة المتفرقة في نقطة الرصد، فسيرى الراصد اكثر من صورة للنجم!، ذلك بسبب خاصية تُعرف بعدسة الجاذبية، وقد رُصدت هذه الظاهرة عام 2006 ، إذ رصد تليسكوب هابل الفضائي خمسة كوازارات ( الكوازار هو نجم جديد النشوء شديد الإضاءة ) و بعد الفحص تبين أن الخمسة أشكال هي لكوازار وحيد مر بأربع مجرات …
-
تمدد الزمن: من خلال النسبية الخاصة ، أثبت ألبرت أينشتاين أن الحركة تعمل على تباطؤ الزمن، وكلما اقتربت من سرعة الضوء كان معدل مرور الوقت أبطأ ، و إذا وصلت لسرعة الضوء فإن الزمن سيتوقف، و الوصول لسرعة الضوء مستحيل طبقا لمعادلات النسبية.
في النسبية العامة أثبت أينشتاين أيضا أن الزمن يتباطأ كلما أنحنى نسيج الزمكان، و النسيج الزمكاني ينحني بفعل الكتل الكبيرة، فالزمن على الأرض يمر أبطأ مما يمر على القمر، و كلما زادت الكتلة زاد معدل التباطؤ، و عند الثقب الأسود ينعدم الزمن نهائيا تقريبا.
أجريت التجربة التي أثبتت تمدد الزمن عام 1972 باستخدام 12 ساعة من ساعات السيزيوم ( ساعات السيزيوم تخطيء بمعدل ثانية كل 14مليار سنة تقريبًا ) ، وقد وضعت 4 ساعات منها على الأرض، و 4 ساعات أخرى على متن طائرة تدور في اتجاه دوران الأرض، و 4 ساعات على متن طائرة تدور عكس اتجاه دوران الأرض، حسبت فروق التوقيت التي حدثت بين مجموعات الساعات الثلاث، فكانت مطابقة لما تقوله معادلات أينشتاين!.
-
الانزياح الأحمر: ظاهرة الانزياح الأحمر او Redshift أو Dopleer effect ،
تقول الظاهرة باختصار أن الضوء الصادر من اي جسم يميل للانزياح نحو اللونين الأحمر أو الأزرق ( وهماً طرفي ألوان الطيف ) بحسب ثلاثة عوامل ؛ هي سرعة الجسم الصادر منه الضوء، واتجاه حركته، وقوة الجاذبية عند الجسم الصادر منه الضوء.
فمثلا إذا كان نجم ما يتحرك مقتربا منا، سنلاحظ أن الضوء الصادر منه يميل للون الأزرق، و إذا كان يتحرك مبتعدا عنا سنلاحظ أن اللون قريب من الأحمر!.
تنبأ أينشتاين بهذه الظاهرة رياضيا فقط ولم تجرى تجربة تثبت ذلك وهو حي، وإن كان إدوين هابل قد اعتمد على هذا المبدأ لإثبات توسع الكون ، وأطلع آينشتاين على ذلك عام 1929 …
بعد وفاة أينشتاين بأربعة أعوام، تحديدا خلال عام 1959 أجرى العالمان باوند و ريبكا تجربة على ذرتي حديد، إحداهما مستثارة و الأخرى غير مستثارة، و بخطوات أكثر تعقيدا، تمكنا من إثبات تأثير دوبلر (Dopleer effect) تجريبيًا عن طريق خاصية “الانزياح الأحمر” ، وتمكنا عن طريق ذلك من معرفة سرعة تمدد و توسع الكون ، كما عرفنا اتجاه حركة المجرات البعيدة .
-
موجات الجاذبية: توقع ألبرت أينشتاين في نسبيته العامة 1915 ، أن تفاعل أي جسمين في الكون ينتج عنه اهتزاز في نسيج الزمكان، و بالتالي موجة تنتقل خلال الكون، سميت هذه الموجة بموجة الجاذبية.ويكون تأثير هذه الموجات ضعيفًا جدا عند
وصولها لنا إذا كان الجسمين صغيرين ، أما الأجسام الكبيرة كالثقوب السوداء و النجوم النيوترونية تكون بعيدة عنا جدا، لذلك فرصدها صعب جدا أيضًا ، ويحتاج لتقنيات حساسة جدا لهذه الموجات.
طيلة هذه السنوات لم تكن هناك آلية قادرة على قياس موجات الجاذبية و إثبات وجودها …
وفي عام 2015 ، تمكن مركز الرصد المعروف ب(liGO) في الولايات المتحدة، من رصد أول موجة جاذبية يرصدها البشر، و في عام 2016 رصدت موجة أخرى، و في عام 2017 رصدت موجتان أخريان، إحدى هذه الموجتين ناتجة عن اتحاد ثقبين أسودين منذ 1.3 مليار سنة! ، كانا يدوران حول بعضهما بسرعة قدرت ب60% من سرعة الضوء.
بهذا نكون قد أنهينا الحديث عن عبقري القرن العشرين ألبرت أينشتاين ، الرجل الذي أستلزم إثبات بعض ادعائاته أكثر من 100 سنة لكي نجد الطريقة المناسبة لمواكبة عقله!
نودع الآن هذا العبقري الذي لم نوفه حقه بما كتبناه ، بالعبارات التي تصدرت صحيفة التايمز قبيل وفاته:
كان ذلك الرجل يقف على هذه البقعة من الأرض، يحملق في ملايين النجوم، وفي الأمواج العارمة، بالمحيطات والأشجار المترامية، ثم يتساءل متعجبا، ماذا يعني كل هذا؟، كيف حدث كل هذا؟، لقد مات في شخص ألبرت أينشتاين أشد متعجب عميق التفكير ظهر بيننا في ثلاثة قرون.
إنضم لكوكب المعرفة مجتمع التعلم الحديث