حياتنا وموضوع التعبير
كتب : عبد الرحمن المكي
– يللا ياولاد ، افتحوا الكشاكيل ، واكتبوا موضوع عن كذا
– طيب هنكتبه ازاي ياميس
– اكتبوا العناصر اللي عالسبورة دي ، واشرحوها، وف أول الموضوع كده هتكتبوا مقدمة هقولكم عليها ، وهتختموا بالختام اللي هقولكم عليه .
ونبدأ – صغارًا أبرياء – في الكتابة كالعادة :
( مما لا شك فيه أن هذا الموضوع أحد أهم الموضوعات التي ينبغي أن نتعرض لها ، فهو يرتبط بالواقع ارتباطا وثيقا ، إلخ إلخ إلخ …)
هكذا صبت عقولنا في قوالب ، هكذا غدا التعبير ، الذي هو من أخص مظاهر الشخصية الإنسانية ، غدا شيئا سخيفا ، ومادة لا تدرس ، وصفحات تكتب في اختبار آخر العام لمجرد ملء الفراغات ، متبادلين أساطير عن المصححين الذين يقيسون بالشبر ، والأوراق التي تتحول بعد الاختبارات إلى قراطيس تؤدي دورها عن جدارة في تغذية الشعب الجائع أبدا
عن القوالب المصبوبة أتكلم ، عن حياة الكثيرين التي غدت مقلدة ورتيبة ، يومه كأمسه ، ونهاره كليله ، كأن معه ضمان عشرة أعوام ضد الحركة ، ضد التغيير ، ضد التعبير . حياة لها مقدمات محفوظة ، ونهايات محفوظة .
موظف مربوط على الدرجة ، مدرس باق كأحد معالم المدرسة تصيبه عوامل التعرية يوما بعد يوم ، خريج يتنقل من عمل رديء إلى عمل أردأ ، وكل ذلك سببه اعتقاد زرع فينا : هكذا يفعل الناس ، هكذا صبت القوالب ، وإنا لها لمقدسون .
اكسر قوالبك القديمة ، اخرج من منطقة راحتك ، تخلص من كشكول التعبير القديم ذي المقدمات والنهايات المحفوظة ، اسأل نفسك كل يوم ، ما الخطوة التي اتخذتها اليوم لأرتقي ، ودعني أختم بسؤال لك أنت : ما الذي فعلته ويعبر عني أنا لا عن غيري ، أم تفضل الختام التقليدي : وإني سعيد لحديثي في هذا الموضوع ، وأتمنى أن تعم به الفائدة .