ازرع مستقبلك.. الزراعة الحضرية على سطح منزلك وفوائدها
كتبت : ندى علاء
هل كنت تعرف أن هناك أنواع زراعة أخرى غير التقليدية التي تعتمد على تطهير الأراضي؟ والتي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي في المجتمع؟
نعم، الزراعة الحضرية التي تعتمد على مجهودات شخصية واستغلال بعض المساحات المتوفرة لتحقيق مردود غذائي ومحاصيل مفيدة تساهم في تحقيق أمننا الغذائي، هي بديل للزراعة التقليدية.
وتكثر فوائد ومميزات الزراعة الحضرية التي يمكن أن تنفذها على سطح المنزل أو حتى شرفة منزلك، وقي هذا المقال سنتعرف على كل ما يخص الزراعة الحضرية وأهدافها ومميزاتها للفرد والمجتمع.
الزراعة الحضرية تعد من الطرق البديلة لإنتاج الغذاء دون الاعتماد على تكثيف الزراعة العادية وتطهير الأراضي، فهي توفر الإمدادات الغذائية الكافية بدون بصمة زراعية على البيئة، و الزراعة الحضرية هي نشاط لإنتاج المواد الغذائية داخل المناطق الحضرية مثل أسطح المنازل والحدائق المنزلية والمدرسية.
أهداف الزراعة الحضرية
ويعد الهدف الرئيسي للزراعة الحضرية هي زيادة كميات الغذاء وتوفر الأمن الغذائي وتفصل الغذاء عن العوامل المالية، فمثلا زراعة الخضروات والفاكهة باهظة الثمن في المنزل والتي تضمن أيضا جودة مميزة للغذاء فيكون طازج وذو قيمة غذائية عالية، مما ينهض بالتغذية والصحة بين الناس.
كما يمكن الاستفادة من الزراعة الحضرية على نطاق أوسع من المنزل، ليشمل أسواق المدن، فيتم تقليل احتياجات التخزين والنقل لتلك الأسواق لاعتمادها على الطعام المنتج الطازج والذي يكون على مسافة قريبة منه.
ومن شأن الزراعة الحضرية ومواقعها التقليل من نفايات المدن، فيلاحظ تحسن جودة الهواء والتنوع البيولوجي في مواقع الزراعة الحضرية.
أنواع الزراعة الحضرية
تتعدد أنواع وأشكال الزراعة الحضرية التي يمكن تنفيذها والاستفادة من محصولها، ومن تلك الأنواع وأشهرها:
زراعة الأسطح
تحقق زراعة الأسطح آثار إيجابية كثيرة اقتصاديا وبيئيا وصحيا واجتماعيا، وتم تنفيذ العديد من الأبحاث والدراسات لتنفيذ تقنيات لزراعة الأسطح مثل الزراعة المائية، ويمكن تطبيق زراعة الأسطح بتربة أو بدون، وباستخدام بيئات عضوية أو غير عضوية، فتكون الزراعة بدون تربة وفي نظام مغلق هي الأفضل لزراعة الأسطح.
زراعة الأسطح ما هي إلا استغلال أجزاء من الأسطح المنزلية في زراعة المحاصيل المختلفة التي تحتاج إليها الأسرة مثل بعض أنواع الفاكهة والخضروات، أو الزهور ونباتات الزينة والنباتات الطبية والعطرية.
الحديقة المنزلية
تكون مساحة من الأرض صالحة للزراعة، وتكون إما تحيط بالمنزل أو فوق السطح، ويزرع بها أنها مختلفة من المحاصيل مثل الخضروات وأشجار الفاكهة والزهور ونباتات الزينة، ويمكن أن تضم حظائر للحيوانات والطيور.
الزراعة ضمن الفراغات بين المباني
تكون في الأراضي الخالية بين المباني والمتواجدة على أطراف المدن، ويتم زراعتها بالحبوب أو المحاصيل البعلية والخضروات الصيفية.
زراعة الأشجار المثمرة
وتعتمد زراعة الأشجار على الفاكهة فقط، فتجد أشجار اللوز والرمان والجوافة والنخيل منتشرة بشكل كبير في المدن في الحدائق المنزلية، وتكون معتمدة على الري بمياه الشرب.
حدائق المدارس
عادة ما تكون لأسباب تعليمية، فضلا عن الحصول على إنتاج زراعي والفوائد البيئية لزراعة النباتات، وتكون زراعة المدارس إما على الأسطح أو في الحديقة الخاصة بالمدرسة أو الممرات الجانبية الفارغة.
فوائد الزراعة الحضرية للبيئة
تسهم الزراعة الحضرية في خلق بيئة أفضل من خلال تحسين استدامة البيئة الإيكولوجية الحضرية وقدرتها على الصمود، من خلال إرساء سلاسل إمداد قصيرة، وإعادة تدوير نفايات المدن، وتحقيق التوازن بين مختلف استخدامات الطاقة، وتشجيع الاستثمارات في البنى التحتية الخضراء.
تعتبر المساحات الخضراء والغطاء النباتي في المناطق الحضرية أساسية للتوازن البيولوجي والهيدرولوجي، كما تؤدي زراعة النباتات إلى إيجاد موائل طبيعية وتتيح امتصاصا أفضل لمياه الأمطار.
وتوفر المناطق الخضراء انخفاض في تلوث الهواء وتهيئة الظروف المناخية الملائمة لتحسين البيئة المعيشية، والحد من النفايات عن طريق توليد كميات أقل من العبوات، وإعادة تدوير النفايات العضوية عن طريق التسميد.
والتخفيف من حدة الحرارة في المناطق الحضرية، وزيادة التنوع البيولوجي، وتحسين جودة الهواء، وتحسين إدارة مياه العواصف الحضرية، وعزل الصوت وامتصاص الضوضاء.
فوائد الزراعة الحضرية للمجتمع
تعزز الزراعة الحضرية من الإدماج الاجتماعي وتحسن المساواة بين الجنسين ، حيث يمكن لأي مواطن تطبيقها بغض النظر عن الوضع الاجتماعي أو الجنس، وتوفر فرص عمل كثيرة، فيمكن للأشخاص والمجموعات الاجتماعية المحرومة تحسين ظروفهم المعيشية والاندماج في المجتمع من خلال مشاركتهم بالزراعة الحضرية.
فتتيح حياة أفضل لسكان المناطق الحضرية وتيسر التنمية الاقتصادية المحلية، كما تساعد الزراعة الحضرية في تعزيز الأمن الغذائي للأسر، وتوفر الوصول المباشر للأغذية الطازجة والعضوية والتي تكون مفيدة لصحة الأسرة، وتدعم احتياجاتها من المواد الغذائية.
تحسن الزراعة الحضرية من الصحة النفسية للفرد، فوجود النباتات والمحاصيل الخضراء يضفي جوا من السلام النفسي ومنظر جمالي يشعر بالارتياح والاسترخاء وصفاء الذهن.
وعند تطبيق العائلة الزراعة الحضرية فوق أسطح منازلهم أو على الشرفات في المنزل، يعزز ذلك من أهمية الزراعة والاهتمام بالبيئة عند الأطفال، ويترعرعوا على حب البيئة والزراعة.
تحديات الزراعة الحضرية
ومع كل فوائد ومميزات الزراعة الحضرية، تطرح أيضا عدد من التحديات عند تطبيقها، فتتطلب أنشطة الزراعة الحضرية الاتساق والتخطيط والتنفيذ والصيانة الدورية، ويعد الاهتمام برعاية النباتات هو تحدي كبير في ظل المجتمعات الحضرية المزدحمة.
كما يمكن أن يواجه الزراعة الحضرية مشاكل ترتبط بالتربة وجودتها وأساليب الري واستخدام المياه، ويمكن معالجة جودة التربة بتقنيات الزراعة العضوية وإدارة النفايات، وفي طرق الري يمكن الاعتماد على الري بالتنقيط ومياه الأمطار.
وتحدي نقص الإنتاج وقلته، يمكن معالجته باستخدام التكنولوجيا والاعتماد على الزراعة المائية والهوائية لزيادة الكفاءة الإنتاجية للمحصول في الزراعة الحضرية، ومن شأن التكنولوجيا تسهيل عملية الزراعة وتشجيع الجميع على تطبيق الزراعة الحضرية، فهي لا تتطلب مساحات كبيرة وتساعد في خفض تكاليف المعيشة.
كيفية البدء في حديقة حضرية
وبعد ما ذكرناه من فوائد للزراعة الحضرية، ولتبدأ مشروعك في الزراعة الحضرية، عليك أولا أن تختار المكان المناسب المحيط بك للزراعة الحضرية، وتأخذ في الاعتبار العديد من الأمور.
المكان المناسب
- لابد أن تحدد المساحة المتاحة، وتقيم المكان المناسب سواء كان شرفة، أو فناء خلفي، أو سطح منزلي، أو حتى نافذة مشمسة، ومن المهم قياس المساحة لتحديد نوع النباتات التي سيتم زرعها ونوع الحاويات المناسبة.
- يجب أن تأخذ في الاعتبار كمية أشعة الشمس في المكان المختار، فهناك النباتات المحبة للشمس التي تحتاج للشمس المباشرة فلابد من اختيار مكان يتعرض لأشعة الشمس لمدة 6 أو 8 ساعات يوميا.
- واختر المكان محدود الإضاءة إن كنت تريد زراعة النباتات المحبة للظل مثل البنفسج والسرخس.
- من الضروري أن تتأكد من جودة التربة وأنها جيدة التصريف ولا تتجمع فيها المياه، واختر النباتات التي تتناسب مع نوع التربة.
- وتأكد من وجود مصدر مياه قريب من مكان الحديقة، واختر نظام الري المناسب مثل الري التلقائي أو الري اليدوي.
- وراعي تدفق الهواء في المكان المختار، ليكون متلقي جيد التهوية لتجنب الأمراض الفطرية.
أماكن مناسبة للحدائق الحضرية:
- الشرفات، والتي يزرع بها الأعشاب الطبية والزهور في أحواض أو أواني معلقة.
- الفناء الخلفي، والذي يمكن فيه تطبيق حديقة خضروات صغيرة أو حديقة ورود.
- السطح، فيمكنك أن تزرع فيه العديد من أنواع النباتات وتحويله إلى واحة خضراء.
- النوافذ، يمكنك زراعة النباتات المنزلية في الأواني ووضعها على النوافذ.
اختيار النباتات المناسبة
بعد اختيارك للمكان المناسب، عليك بعدها أن تختار النباتات حسب المكان والمناخ.
- نوع التربة
حدد نوع التربة اللازمة للنباتات، مثلا التربة الطينية تحتفظ بالرطوبة لفترة طويلة وتكون ثقيلة، وتكون مناسبة لبعض النباتات مثل القزحية، الرودودندرون، ونباتات الظل.
والتربة الرملية والتي تكون جيدة في التصريف لكنها تجف بسرعة، وهي مناسبة لنباتات مثل الصبار والألوفيرا، والتربة الطميية التي تكون مزيج من الطين والرمل والطمي، وتعتبر التربة المثالية للعديد من النباتات.
- تحديد المناخ
إن كان المناخ حار وجاف، فاختر نباتات مقاومة للجفاف مثل الصبار والألوفيرا والنباتات العصارية، وإن كان المناخ معتدل فيكون لديك اختيارات واسعة من النباتات مثل الزهور والخضروات والأشجار الصغيرة، وإن كان المناخ بارد اختر نباتات تتحمل البرد مثل الرودودندرون، الياسمين الشتوي، ونباتات الزينة.
تحضير التربة وإعداد الأصيص
تحضير التربة وإعداد الأصيص من أولى خطوات نجاح حديقتك المنزلية، فعليك أن تتبع بعض التعليمات في تحضير التربة والأصيص للحصول على نباتات صحية.
- تجهيز التربة، يمكنك شراء تربة جاهزة من محلات بيع الزهور، والتي تحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة للنباتات، أو تحضير التربة بنفسك بخلط التربة العادية من حديقتك أو أي مكان نظيف، والسماد العضوي الذي يضيف العناصر الغذائية ويحسن بنية التربة، والبيرلايت أو الفيرميكوليت الذي يحسن تصريف الماء ويحافظ على الرطوبة.
- إعداد الأصيص، لابد وأن تختار الأصيص المناسب من حيث الحجم ليكون مناسب لنوع النبات وحجمه المتوقع، واختيار المادة المصنوعة منه إما بلاستيك أو فخار أو خشب، وأن يكون به فتحات تصريف في قاعه لمنع تجمع الماء.
ولتحضر الأصيص اغسل الأصيص جيدًا للتخلص من أي أوساخ أو بقايا نباتات قديمة، وضع طبقة رقيقة من الحصى أو قطع الفخار في قاع الأصيص لتحسين التصريف، واملأ الأصيص بالتربة الجاهزة أو المزيج الذي قمت بإعداده، مع ترك مسافة صغيرة بين سطح التربة وحافة الأصيص، وأخيرا، اسقي التربة جيدًا قبل زراعة النبات.
العناية بالنباتات
بعد أخذ القرار في بدء حديقتك الحضرية، لابد وأن تعتني بالنباتات التي زرعتها بالعديد من الطرق، فعليك الاهتمام بالآتي:
- الري، يجب مراعاة تردد الري، فيختلف تردد الري حسب نوع النبات ودرجة الحرارة والرطوبة. بشكل عام، ويجب ري النباتات عندما تكون الطبقة العلوية من التربة جافة.
لابد وأن تسقي النباتات بكمية كافية حتى تصل الرطوبة إلى الجذور، وتجنب الإفراط في الري الذي قد يؤدي إلى تعفن الجذور، ويمكنك استخدام سقاية أو رشاش يدوي، أو يمكنك استخدام أنظمة الري التلقائي.
- السماد، لابد أن تعتني بالنباتات بإمدادها بالسماد الملائم لها، فتحتاج النباتات إلى العناصر الغذائية للنمو، والتي تكون موجودة في السماد، وهناك أنواع عديدة من الأسمدة، مثل الأسمدة العضوية والسائلة والصلبة.
وعليك اتباع التعليمات الموجودة على عبوة السماد لتحديد الجرعة المناسبة وطريقة الاستخدام.
- الحماية من الآفات، عليك أن تراقب نباتاتك بانتظام للكشف عن أي علامات للإصابة بالآفات أو الأمراض، واحرص على نظافة النباتات وإزالة الأوراق التالفة للوقاية من الآفات، واستخدم المبيدات الحشرية العضوية أو المحاليل المنزلية مثل صابون البوتاسيوم أو زيت النيم، وفي حالة الإصابة الشديدة، اعزل النبات المصاب لمنع انتشار الآفة إلى النباتات الأخرى.
وباتباع تلك القواعد والاستراتيجيات، يمكنك ضمان نجاح حديقتك الحضرية بفعالية، أيا كان مكانها ونوع البناتات التي اخترتها.
وختاما، وبعد التعرف على أهمية وفوائد الزراعة الحضرية للمجتمع والبيئة على حد السواء، لا تتردد في بدء حديقتك الحضرية واستغل الأماكن المتاحة في منزلك لهذا النشاط المفيد والمثمر.
شاركنا تجربتك في الزراعة الحضرية، وإن كانت أصيصا صغيرا على نافذة غرفتك.