ما هي مهارات التفاوض الفعال التي يجب أن تمتلكها؟
كتبت: ندى علاء
لتكون رائدا في مجال المال والأعمال، ولتحقق أكبر قدر من النجاح في عملك، لابد وأن تمتلك مهارات التفاوض الفعالة.

والتفاوض هو نوع من أنواع النقاش الذي يستخدم لحل النزاعات والتوصل لاتفاق مشترك بين الأطراف المتنازعة.
وينتج عن التفاوض نوعا من أنواع التسوية، من خلال تقديم طرف من الأطراف بعض التنازلات لصالح الأخر حتى يكتمل سير العمل.
وتحدث المفاوضات في بيئة العمل مثلا بيت موظف ورئيس العمل أو بين الزملاء والأقسام، ويكون مضمون المفاوضات حول بنود العقود أو قيم التعويضات أو الجداول الزمنية أو الأتعاب المدفوعة.
لذلك يجب عليك أن تمتلك مهارات التفاوض الفعالة التي تدفعك للوصول إلى نقطة اتفاق وتسوية مع الطرف الأخر، ومن مهارات التفاوض الفعالة:
- القدرة على فهم الإشارات غير اللفظية من الأخرين، والتصرف على أساسها.
- القدرة على التعبير عن نفسك بأسلوب جذاب وتفاعلي.
- من الضروري فهم التدفق المنطقي للحوارات والسعي للحصول على التغذية الراجعة.
- لابد وأن تمتلك مهارات الاستماع الجيد، فهي عنصر أساسي في عملية التواصل، تجنبك سوء الفهم وتساعدك على تحقيق التسوية المرغوبة.
- لابد وأن تمتلك مهارة الإقناع والتأثير على الأخرين، من خلال إقناع الطرف الأخر باختيار اقتراحك كأنسب حل للمفاوضات.
- لابد وأن تخطط جيدا لما ستطرحه خلال المفاوضات، وتأخذ بعين الاعتبار العواقب التي يمكن أن تحدث، وتحديد بنود الاتفاق والعقود وتوضيح سير عملها، كل ذلك من مهارات التخطيط يساعدك على التوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف.
- لابد وأن تمتلك مهارة التفكير الاستراتيجي والتي تعني وضع فكرة واحدة بديلة على الأقل للمفاوضات التي تدخلها، وأخذ الاعتبار لجميع المخرجات المحتملة، ودراسة كل السيناريوهات المحتمل حدوثها.
- وحتى تصل لغايتك من التفاوض، لابد وأن تعمل في فريق متعاون، تمتلك مهارات العمل مع فريق وتشارك به بفاعلية وإنتاجية عالية لتحقيق النتائج المرجوة.
- لابد أن تكون غير متحيزا في أفكارك تجاه طرف عن الأخر.
- من الضروري أن تكون متخذ للقرار، قادرا على التفريق والتمييز بين الاقتراحات واختيار الأنسب.
- يجب أن تضع عاطفتك جنبا عند البدء في التفاوض و أن تبتعد عن القرارات المبنية على العاطفة، والتفكير بعلاقنية قبل اتخاذ القرار.
مكونات التفاوض الفعال
لتحقيق تفاوض فعال، لابد من توفر بعض المكونات الأساسية في تلك العملية حتى يتحقق الناتج المرجو من التفاوض الفعال، ومن تلك المكونات:
-زيادة المعرفة والمعلومات بأطراف التفاوض
فعندما تزيد معرفتك بالقضية محط التفاوض وأطراف التفاوض، زادت من فاعلية التفاوض وكفائته، حيث تزيد المعلومات والمعارف من قدرتك على التفكير في البدائل ووضع الاستراتيجيات الفعالة ووضع الخطط التكتيكية لنجاح التفاوض الفعال.
وهناك نوعان من المعرفة عند المفاوض هما:
- معرفة المفاوض لنفسه وقدراته وإمكاناته، وتحديد الأهداف الواضحة، ومعرفة نقاط القوة والضعف لديه، وتحديد الهوامش المقبولة في عملية التفاوض.
- معرفة الطرف الآخر في عملية التفاوض، فعلى المفاوض أن يكون على دراية كاملة بالمعلومات الشخصية عن الطرف الآخر، ومعلومات العمل بشكل عام، والقضية بشكل خاص، وتحليل كل تلك المعلومات ودراستها جيدا حتى يتمكن من تحديد الأسلوب المناسب في التعامل معه وتحقيق تفاوض فعال.
تحديد مواعيد لإنجاز العمل
لابد أن تكون قادرا على التحكم في الضغوط المتمثلة في المحددات الزمنية المطلوبة والالتزام بها، مع ضرورة استغلال الضغوط الواقعة على الطرف الآخر، حتى تتمكن من التحكم في سير المفاوضات.
فمثلا عندما يريد أحد المفاوضين في شراء مضخات مياه زراعية، وعلم البائع أن المضخات لدى المفاوض معطلة وهو على عجلة لشراء تلك المضخات، فيستغل البائع حينها ذلك الأمر ويبدأ بالضغط في ذلك الاتجاه.
قوة المفاوض وقدرته
وهي تشير إلى مقدرة المفاوض على التأثير على أطراف التفاوض والسيطرة عليهم، وتنبع تلك القوة من المعرفة، بناء على قدر معرفتك ومعلوماتك عن الجانب الآخر وما يعرفه هو عنك، والمفاوض الناجح هو من يحافظ على ميزان القوة مائلا تجاهه، حتى يتحكم في المفاوضات بشكل فعال.
أساليب التفاوض
التفاوض بالضغط
وهو يقوم على أساس المفاوضة التنافسية التي تتسم باتخاذ موقف دون الحياد عنه، وهي تقوم على أساس محورين هما:
-الضغط على الطرف الأخر بدون مواجهة للحصول على أكبر قدر من التنازلات منه بدون الاضطرار للجوء للمواجهة المباشرة.
ومن طرق الضغط بدون مواجهة، طريقة تسمى السلطة الأعلى، ويستخدمها المفاوضون دائما بحيث أن يقوم بالضغط على الطرف الأخر لأقصى حد يستطيع أخذ تنازلات منه، ثم يرفض بعدها بحجة “السلطة الأعلى” كأن يقول مثلا يجب أن أحيل الموضوع على السلطة الأعلى.
-أسلوب النقلة الإلزامية أو الإجبارية، وهي نقلة تلزم بها الطرف الآخر لتقديم عرض أقل بشرط عدم التحديد، فيجب ألا تقابل الطرف الآخر بعرض مضاد لعرضه محدد برقم معين أو هدف محدد، أي تجعله مبهم. كأن يقدم لك عرض فترد عليه بأنك تريد عرض أفضل بدون تحديد شروط، ثم تلتزم الصمت بعدها لفترة، وهذه النقلة الإجبارية تلقي ضغط على الطرف المقابل لتقديم مزيد من التنازلات بدون مواجهة.
التفاوض بالإقناع
وعلى نقيض التفاوض بالضغط ، يأتي دور الإقناع ويستخدمه المفاوضين للحفاظ على العلاقات وتحسينها من خلال المحاولة للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، ولتجنب الصراع مع الطرف الآخر يتنازل المفاوضون بهذا الأسلوب ويوافقون على الشروط المطروحة التي قد تكون في غير صالحهم بشكل واضح، بحيث يغلب على المفاوضين بالإقناع كونهم أكثر صبرا وغير مباشرين، ومجاملين، ويثقون بالطرف الآخر بشكل كبير.
نصائح لتطوير مهارات التفاوض
- لابد أن تحدد هدفك النهائي من المفاوضات
فما هي الشروط التي تحتاجها لاتمام الاتفاق، وما هي القيمة التي تتفاوض من أجلها، فلابد أن تدخل المفاوضات على دراية كافية بهدفك من الاتفاق، وتكون محدد لما يمكن أن تضحي به لإتمام الاتفاق.
فمثلا إن كنت تتفاوض مع الشركة على راتب محدد وهدفك الأساسي هو 1000 دولار شهريًا، ولكنك على استعداد للمفاوضة والقبول بـ 850 دولار شهريًا.
- ابن علاقات وروابط مع الأخرين
فتمكنك علاقاتك الإيجابية مع الأخرين من فهم احتيجاته ورغباته وبالتالي إمكانية وصول أهدافك وتوفعاتك بفاعلية للطرف الأخر، وبالتالي الوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين.
وعلاقاتك مع الأخرين تساعدك على تخفيف الضغوطات، والتوصل لاتفاق مناسب بشكل سريع، وتعد الخطوة الأولى لبناء العلاقات والروابط مع الأخرين هي إظهار الاحترام واستخدام مهارات الاستماع الفعّال خلال عملية المفاوضة.
- كن مستعدا للتسويات
فمن دون تسويات يصبح التوصل إلى اتفاق مشترك شبه مستحيل، لذا احرص على الاستعداد لما يمكن أن تقدم التضحية به والتنازل عنه لإتمام الاتفاق، وفي حال لم تتم الموافقة بعدها، لابد أن تكون على استعداد لمغادرة الصفقة كلها.
- فرض بعض القيود الزمنية
عند وضع إطار زمني محدّد للمفاوضات، يشجع ذلك جميع الأطراف على العمل بجدية للوصول إلى اتفاق مناسب وانتهاء المفاوضات بشكل جيد. وفي حال لم يتم الوصول إلى اتفاق يمكن لجميع الأطراف أن تعيد تقييم احتياجاتها لتعود من جديد إلى طاولة المفاوضة.
- اعتمد مبدأ العروض المتعددة
عند تقديم عروض مختلفة يمكنك توفير الكثير من الوقت خلال عملية المفاوضة، لتزيد فرصة الموافقى على أحد العروض المقدمة، وفي حال رفض الطرف الأخر كل اقتراحاتك، يمكنك أن تطلب منه تقديم تغذيته الراجعة عن هذه الاقتراحات ثم تراجع وتعدل الشروط كلّ للوصول إلى اتفاق.
- كن واثقا من نفسك
عبر عن رغباتك بوضوح خلال المفاوضات لإظهار ثقتك بنفسك وبما تقدمه خلال المفاوضات، حتى تنجح عملية التفاوض، فركز على لغة الجسد، وأسلوبك في الحديث ونبرة صوتك، فجميعها عوامل تجعل الطرف الأخر أكثر ميلاً لقبول عرضك والثقة بالمنافع التي تقدّمها لهم.
- لا تأخذ الرفض على محمل شخصي
في الكثير من الأحيان تكون أهداف كل طرف من أطراف التفاوض واحتياجاته مختلفة كل الاختلاف عن الطرف الآخر، مما يجعل الوصول إلى تسوية أمرًا مستحيلاً، وفي تلك الحالة، لا تأخذ الأمر على محمل شخصي، بل فكر في أسباب فشل تلك المفاوضة، وأوجد حلول بديلة أخرى يمكن استخدامها مستقبلا.
- تعرف على نقاط ضعفك وعالجها
حد جوانب ضعفك وركز على معالجتها والتخلص منها، فيمكن أن تجد نفسك لا تحتاج إلا تطوير علاقاتك مع الأخرين خلال المفاوضة، أو تطوير مهارات الإقناع لديك.
- تدرب وتمرن على المفاوضة
لإثقال مهاراتك في المفاوضة وزيادة شعورك بالراحة وممارستها ما عليك إلا بالتدريب المستمر، درب نفسك على المفاوضات من خلال الاستعانة بالأصدقاء والزملاء في إنشاء مفاوضة وهمية، أو ادخل في مفاوضة حقيقية وتعلم منها، واحرص على ألا يكون لديك الكثير لتخسره في هذه المفاوضات، فالهدف منها هو التمرين وليس الفوز والكسب، فقد تتعرض للخسارة في البداية، فابدأ بخطوات صغيرة وتطور شيئا فشيئا.
أنواع التفاوض
- التفاوض التوزيعي
والمعروف باسم المساومة التوزيعية، وتحدث إن كان أحد أطراف المفاوضة يمتلك كمية محدودة من الموارد، وكل من الطرفين في المفاوضة يعتقدوا أنهم إذا فقدوا أمرا في المفاوضة فيكتسب الأخر في المقابل أمرا ما، فيحاول كل منهما الحصول على أكثر المنافع مقابل الطرف الأخر.
- التفاوض التكاملي
والمعروف بالتفاوض المربح للجميع، ومن اسمه، تخرج جميع أطراف المفاوضة مستفيدين من الاتفاق بالحصول على قيمة معينة، لكنها تستغرق عادة وقتا طويلا حتى يشعر الطرفان بالرضا التام.
- التفاوض الإداري
ويكون مع الإدارة، وغالبا ما يدعو للتوتر والقلق، فيشعر الموظفون بعدم الارتياح بمشاركة احتياجاتهم مع الإدارة، فذلك النوع يظهر خلال عملية البحث عن عمل أو التفاوض على قيمة الراتب، ويمكن لتلك المفاوضات أن تظهر مهارات التفاوض لديك عند رئيس عملك.
- المفاوضات مع الزملاء
تطلب الكثير من الوظائف مهارات العمل الجماعي، ففي أغلب الوظائف يمكنك أن تتفاوض مع زملائك في العمل لتوزيع الأعمال وحل الخلافات والنزاعات.
- المفاوضات مع البائعين
في أغلب الأحيان، يمكن أن يتعامل الموظفين مع البائعين الخارجيين، أو مزودي خدمات، لذا لابد من إثقال مهارات التفاوض وتطويرها، لما لها من تأثير على العلاقات المهنية والنجاح الوظيفي.
أساليب التفاوض الخمسة
تتعدد أساليب التفاوض، ويجب تحديد الأسلوب المناسب قبل البدء في التفاوض، تبعا للأهداف المراد تحقيقها، ومن أساليب التفاوض:
- التفاوض التعاوني، والذي يعتمد على إيجاد حل مناسب للطرفين بما يحقق مصالحهم المتبادلة.
- التفاوض التنافسي، والذي يعتمد على الفوز بأكبر قدر ممكن من المكاسب على حساب الطرف الآخر.
- التفاوض المتفادي، يعتمد على تجنب المفاوضات وتأجيل التفاوض أو إطالة أمدها، لتحقيق مزيد من الانتصارات.
- التفاوض الوجداني، يركز على تغليب العلاقات الإنسانية والتعاطف والتفاهم، وقد يشمل تقديم تنازلات بدوافع إنسانية.
- التفاوض القائم على المساومة، وهو الذي يركز على اتفاق سريع وإتمام صفقة مقبولة لكلا الطرفين، والهدف منه خلق ثقة ربما للتفاوض على مزيد من النقاط.
التفاوض في عصر التكنولوجيا
مع دخولنا العصر الرقمي وزيادة التكنولوجيا وتطبيقاتها، أثرت التكنولوجيا بشكل كبير في فن التفاوض، فوفرت أدواتا جديدة وفعالة لتحقيق الاتفاقات والصفقات بين المؤسسات وبعضها، وأتاحت التكنولوجيا التالي:
- إمكانية إجراء جلسات التفاوض “أونلاين” عبر تقنية الفيديو كونفرانس أو الهاتف دون الحاجة إلى التواجد الشخصي، وذلك في حال أن أطراف التفاوض على بعد جغرافي كبير.
- كما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير طبيعة التفاوض، فهي توفر منصات تفاعلية تسمح بمشاركة المعلومات والأفكار بسرعة وسهولة، فأصبح بإمكان الأفراد التفاوض عبر الحوارات الكتابية.
- استخدام الذكاء الاصطناعي، فتعد تلك الأداة من أهم أدوات تحليل البيانات القوية التي تقدم الدعم لعملية التفاوض. فيمكن للذكاء الاصطناعي تقديم نصائح واقتراحات مدروسة بناء على تحليل البيانات، مما يساعد المفاوضين على اتخاذ القرارات الدقيقة
- أدوات التعاون، في عصر التكنولوجيا، يمكن استخدام أدوات التعاون مثل Google Docs وTrello وAsana لمشاركة المعلومات وإدارتها خلال عملية التفاوض، فتسمح لجميع الأطراف بالعمل معًا على مستند مشترك واتباع التقدم وتعيين المهام، مما يسهل عملية التفاوض.
التفاوض في الأزمات والضغط
لابد لمتخذ القرار في أي مؤسسة أن يمتلك مهارة التفاوض في وقت الأزمات لإدارتها بشكل ناجح وفعال، خصوصا في مرحلة مواجهة الطرف الأخر في الأزمة، فعليك كمفاوض في وقت الأزمات أن تتحلى بـ:
- المهارات الشخصية التي ذكرناها سابقا، مثل الإنصات والإقناع والصبر وتحمل الضغوط وضبط النفس والسيطرة على الانفعالات والتعامل مع المفاجآت.
- يجب أن تجمع و تحلل وتستخدم المعلومات المتعلقة بموضوع الأزمة.
- يجب أن تتحلى بقدر من الصمود و استخدام المجازفة والتهديد إذا لزم الأمر.
- لابد أن تكون مرن في أفكارك ودبلوماسي.
- من الضروري التحضير والتخطيط الجيد للطرف الأخر ومعرفة نقاط قوته ونقاط ضعفه.
- يجب أن تستثمر نقاط قوتك للتأثير على الطرف الأخر.
- كما يجب أن يأخذ المفاوض المبادرة ليقود المفاوضة ولا يكون مجرد مستمع أو صاحب موقف سلبي، ولا تعتمد على الاستماع ثم الرد بل يجب عرض الحلول الآراء حول الأزمة الراهنة لحلها.
- ومن المهم أن يتسم المفاوض بالطلاقة في الحديث، والصوت المناسب والواضح والمعبر، مع اتسامه بالثقافة الكبيرة في الموضوعات محل النقاش، مما يمكنه من إدارة المفاوضات بنجاح.
- اتباع أسلوب الحوار المشترك بين جميع الأطراف، للتوصل إلى تحقيق المصالح المشتركة، وتوليد الأفكار والبدائل وحل النزاعات وإدارة الأزمات.
وختاما، يمكن أن نقول أن مهارات التفاوض الفعالة تسهم في حل الأزمات والنزاعات، من خلال الاتصال القائم بين الأطراف المتنازعة على قضية ما، والذي من شأنه تنظيم العلاقات والوصول للأهداف المرجوة ونجاح عملية التفاوض.