الطرق التربوية لحل مشكلة العنف عند الاطفال
كتبت : شيماء عبدالباقي
العنف عند الاطفال والعدوانية من المشاكل التي تواجه الكثير من الآباء والأمهات خاصة في مرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة لدى أبنائهم، ويكون ذلك من خلال الحركة المفرطة للطفل والرغبة المستمرة لديه في استفزاز الآخرين وتوبيخهم، والغضب والشتم والسباب.
هذا بالإضافة إلى أنه قد يقوم بشكل دائم بتخريب الأشياء التي توجد في المنزل عن قصد، كما أنه يرفض مساعدة الوالدين ومشاركتهم في أي أداء عمل من الأعمال المنزلية.
والطفل العنيف والعدواني يكون أنانيا، لذلك نجد لديه رغبة شديدة في حب التملك والسيطرة على الأشياء، ومن خلال الأسطر التالية سنلقي الضوء على هذه المشكلة، وطرق علاجها وذلك وفقا لم صرح به بعض الاستشاريين النفسيين ومنهم الدكتور أيمن فرج البرديني، فتابع معنا.
مفهوم العنف عند الاطفال
العنف هو عبارة عن استخدام القوة المادية بكافة الطرق من أجل الحاق الضرر بالأخرين، وتخريب الممتلكات.
ويوجد تعريف أخر للعنف وهو استخدام القوة بشكل يفوق المتوقع وغير مقبول في المجتمع، ويمكن للعنف أن يوجد في صورة كلام أو أفعال.
فالعنف سلوك مكتسب ولم يكن يوما من الأيام سلوك فطري، حيث أنه لا نجد طفل ولدته أمه عنيف بل النفس البشرية هي من تكسبه هذه الصفة، ويكتسبه الطفل نتيجة تعامل الوالدين معه الصعب، أو عنف الطبيعة، وعسر الحياة.
وأكثر شئ يؤثر في الاطفال في اكتسابهم هذا السلوك هو عنف الأباء، حيث أنه هو من يقوم بغرس هذا العنف في خلايا الدماغ حتى كاد أن يكون أسلوب وراثي.
ويعد العنف هو بمثابة فيرس حامل للقسوة والعدوانية ومانع للمودة، وهو صورة من صور القصور الذهني تجاه موقف معين، بالإضافة إلى أنه يعد بمثابة دليل على عدم طمأنينة النفس التي تحمله، كما أنه يكون صورة من صور الخوف التي تهدد الطرف الأخر.
أشكال العنف عند الاطفال
يوجد العديد من أنواع العنف عند الاطفال، وفيما يلي سنذكرها:-
1- العنف البدني
والمقصود به السلوك العنيف والغرض منه الحاق الضرر بالنفس أو الأخرين، وذلك من أجل حصول الألم أو المعاناة للنفس أو الشخص، ويكون ذلك من خلال الضرب أو الركل أو ما شابه ذلك ويكون في قدرة القوة البدنية للطفل.
2- العنف اللفظي
وهذا النوع من العنف يقتصر على العنف من خلال الكلام، والتفلظ بالألفاظ الغير لائقة للغير.
ويكون الغرض من العنف اللفظي هو التعدي على حقوق الأخرين من خلال التلفظ ببعض الألفاظ المسيئة.
3- العنف الدلالي
والعديد من علماء النفس يسمون هذا النوع من العنف بالعنف التسلطي، وذلك بسبب قدرة الطفل العنيف على طرق تعبيرية تتسبب في حدوث نتائج عقلية ونفسية واجتماعية تجاه الفرد الموجه له العنف.
ويمكن تصنيف العنف إلى نوعان هما:-
1- العنف المباشر
وهذا النوع من العنف هو الذي يتم توجيه بشكل مباشر تجاه الأمر الذي تسبب في العدوانية والعنف.
2- العنف الغير مباشر
وهذا النوع من العنف هو الذي يتم توجيه إلى أحد عناصر الموضوع الذي تسبب في حدوث العنف، وليس الموضوع نفسه.
العنف المرضي والعنف المكتسب
يوجد الكثير من الأسباب التي تؤدي حدوث العنف عند الاطفال، توجد بعض العوامل الوراثية التي تتسبب في اكتساب الطفل لهذا السلوك، وفي هذه الحالة يسمى هذا العنف بالعنف المرضي، وقد يحدث العنف عند الاطفال نتيجة اكتسابه من البيئة، ويسمي في هذه الحالة بالعنف المكتسب.
وفيما يلي سنذكر أسباب حالات العنف عند الاطفال:-
1- العنف المرضي
هذا النوع من العنف يحدث نتيجة تعرض الطفل لبعض الاضطرابات النفسية، والتي يترتب عليها ما يدفع الطفل للحصول على ما يرغب عليه بطرق غير طبيعية وأساليب عنيفة.
ويمكن التفرقة بين العنف المرضي والعنف المكتسب من خلال ملاحظة بعض الأمور، منها محاولة الطفل إلحاق الأذى بنفسه أو بالآخرين، بشكل مفرط وغير طبيعي.
بل أحيانا يستخدم الطفل بعض الآلات الحادة أو يقوم ببعض السلوكيات العنيفة، وذلك دون أن يكون على قدر كافِ من الإدراك ما يفعله.
وهذا النوع من العنف غالبا ما يكون لدى الأطفال الذين يعانون من بعض الأمراض، كفرط الحركة وغيرها.
وننصح أن يتم عرض الطفل على طبيب متخصص في مثل هذه الحالة.
2- العنف المكتسب
السلوك العدواني أو العنف عند الاطفال مثله مثل أي سلوك تم اكتسابه من البيئة.
يلجأ إليه الطفل كنوع من الحماية الذاتية، ثم يبدأ هذا السلوك فى التطور إلى أن يصبح وسيلة يلجأ إليها الطفل في كافة المواقف الصعبة التي تواجهه.
لذلك نجد الطفل في هذه الحالة لا يعتاد على الأساليب الإيجابية للتواصل الاجتماعي مع الأخرين.
يصاب الطفل بهذا النوع من العنف أو يكتسبه نتيجة تأثره بالبيئة التي يعيش بها، أو تأثره بأحد الأفراد الموجودين في حياته ومما لاشك فيه أن الوالدين على رأس قائمة هؤلاء الأشخاص.
حيث يعتقد الطفل عندما يضربه أحد والديه أن الضرب هو وسيلة أو طريقة لحل المشاكل، أو ربما سلوك يمكن أن يتم التعامل به بين الأخرين.
هذا بالإضافة إلى مشاهدة الطفل لبعض الأفلام التي تحتوي على عنف، أو الكارتون الذي يشاهده بكثره، لذلك يجب على الأباء والأمهات مراقبة ما يشاهده أبناؤهم من أجل الحرص على عدم اكتساب السلوك العدواني.
أسباب العنف عند الاطفال
يوجد العديد من الأسباب المتداخلة التي تسبب العنف عند الاطفال، وفيما يلي سنذكر أبرزها:-
1- الرغبة في التخلص من ضغوط الكبار
ويكون ذلك بسبب شعور الطفل بضغط يحدث له من الكبار سواء كان هذا الضغط من الوالدين أو من أحد الأشخاص الموجودة في حياته، ويعتبر الطفل هذا الضغط يقف عائق بينه وبين تحقيق رغباته، ومن ثم فإن أفعال العنف التي يقوم بها تكون مجرد رد فعل لهذه الضغوط التي يتعرض لها ويرفضها بشكل تام، حيث أنه يعتقد أن هذه التحكمات إلغاء لشخصيته وأنه مثله مثل الدومية التي يتم التحكم بها.
2- التدليل الزائد
من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى وجود العنف عند الاطفال هو تدليل الطفل زيادة عن الحد الطبيعي أو المقبول، وذلك لأن التدليل الزائد وتلبية رغبات الطفل تؤدي إلى حب الذات والأنانية عنده، لذلك في حالة الرفض لتلبية رغبته في بعض الأوقات نجده صاح بالصراخ، وبدأ يتصرف تصرفات عدائية وهجوميه تجاه الأخرين.
3- التقلييد
مما لاشك فيه أن الطفل يتعلم العديد من السلوكيات من النماذج والصور والمشاهد التي يراها وتتردد عليه، وخاصة تلك التصرفات التي تصدر من الشخصيات التي توجد في حياته مثل والديه أو أحد أخوته، فيبدأ الطفل في تقلييد الشخصية المفضلة لديه من بين هؤلاء.
4- الغيرة من الأقران
والغيرة تعد من أكثر المشاكل التي تواجه الأطفال، والتي تتحول إلى مشاعر من الكره والحقد في حالة عدم علاجها، لذلك نجد الطفل أنه عندما يقوم بالغيرة من أحد أقرانه بسبب نجاحه أو ماشابه ذلك فإنه يتصرف تجاهه بشئ من العنف والذي يظهر في شكل سباب لفظي أو شجار بالأيد.
5- رغبة الطفل في جذب انتباه الأخرين
قد يرغب بعض الاطفال في جذب انتباه الأخرين لهم سواء كانوا أبائهم أو أخوانهم أو أي شخص أخر يودون جذب انتباهه لهم، فيقوموا ببعض أنواع العنف من أجل تحقيق ذلك.
6- تراكم موقف الاحباط
ويكون ذلك عندما يتعرض الطفل على سبيل المثال إلى رسوب متكرر في أحد المواد الدراسية، فيقوم أبويه بعقابه بضربه أو بمنعه من ممارسة بعض الأنشطة التي يفضلها، ومن ثم يظهر السلوك العدواني لدى الطفل.
7- تعرض الطفل للعنف
عندما يقوم الأبوين بعقاب الطفل بالعقاب الجسدي من خلال ضربة وتوبيخه أمام أصدقائه والأخرين فإن هذا العقاب يولد شعور لدى الطفل بالظلم والعدوانية تجاه الأخرين، لذلك نجده يظهر ردود أفعاله العنيفة والعدوانية للأشخاص الذين أصغر منه في العمر، أو من أقوى منهم بدنيا، وذلك لأن الطفل يعتبر هذا العنف نوع من رد الاعتبار لنفسه تجاه الأخرين.
أشكال العنف ضد الاطفال
يوجد العديد من أشكال العنف ضد الاطفال، وفيما يلي سنذكر أبرزها:-
1- الاعتداء الجسدي
وهو ذلك الاعتداء الذي يلحق الأذى بجسم بالطفل، سواء كان هذا الأذى من خلال استخدام الأيد، أو أي آلة حادة أو صلبة، والتي ينتج عنها خدوش أو كسور، أو جروح.
وقد يصل العنف الجسدي ضد الاطفال في بعض الحالات عند الأباء الذين يفقدون السيطرة على أنفسهم أثناء الغضب إلى الخنق أو القتل.
2- الاعتداء الجنسي
ويعد هذا الاعتداء أحد أنواع الاعتداء الجسدي على الطفل، والذي يترتب عليه ظهور سلوك العنف عند الاطفال.
والمقصود بهذا النوع من الاعتداء هو استخدام الطفل في اشباع الرغبات الجنسية لشخص أخر، ويبدأ هذا الاعتداء من خلال التحرش الجنسي بالطفل، إلى أن يصل إلى مرحلة ممارسة علاقة جنسية كاملة مع الطفل، ومما لاشك فيه أن هذه الأمور ستؤدي إلى ظهورآثار نفسية سيئة ومنها العنف لدى الطفل، بالإضافة إلى بعض التأثيرات السلبية التي ستسمر معه على مدى حياته.
3- الاعتداء العاطفي
ويكون ذلك نتيجة معاقبة الطفل وحرمانه من شئ يكون له تأثير نفسي واجتماعي سئ عليه، والذي يترتب عليه حدوث قصور في نمو شخصية الطفل، هذا بالإضافة إلى عدم قدرته على التعامل بشكل سليم مع الأخرين وحدوث اضطراب في علاقاته الاجتماعية، ومن أهم الأمثلة على الحرمان هو حرمان الطفل من حقه في التعليم، أو حرمانه من الحنان والحب.
علاج العنف عند الاطفال
يوجد العديد من الطرق التي يمكن من خلالها معالجة العنف عند الاطفال، وفيما يلي سنذكر أبرزها:-
1- الحد من العدوانية
ويكون ذلك من خلال قدرة الأم والأب على التحكم في مشاعرهم والسيطرة على الغضب والتعامل بأسلوب هادئ في مثل هذه المواقف، فمما لاشك فيه عندما يرى الطفل والدته تتحدث معه بصوت منخفض وتستطيع السيطرة على نفسها في وقت الغضب فإنه سيتعلم هذا السلوك.
2- تعزيز السلوكيات اللا عدوانية وايجاد البدائل
ويكون ذلك من خلال مساعدة الطفل على حل المشاكل التي قد تتسبب في تعامله بعنف مع الآخرين، ويكون ذلك من خلال التحدث مع الطفل بكل هدوء عند قيامه بفعل عنيف تجاه الآخرين، فعلى سبيل المثال عندما يقوم الطفل بضرب شخص ما فلا نقوم بالصراخ ونقول ( لاتضرب فلان) بصوت مرتفع، ونحاول أن نسيطر على مشاعر الغضب ونقول على سبيل المثال ( أن الضرب يؤذي الأخرين).
هذا بالإضافة إلى أنه يجب تعليم الطفل بعض عبارات الاعتذار والتي يجب أن يقولها عند قيامه بخطأ في حق الآخرين والاعتذار منهم بأحد هذه العبارات.
وفي حالة أن الطفل قام بتصرف جميل يجب الثناء عليه ومدحه أمام الآخرين، وذلك لأن المدح يشجع الطفل على التصرف بشكل صحيح.
3- عدم استخدام العقاب البدني
وهو واحد من الأساليب المهمة لعلاج العنف عند الاطفال، ويجب على الوالدين التخلي عن هذا الأسلوب وعدم ضرب الأبناء كنوع من العقاب لهم عند ارتكاب أطفالهم خطأ ما، وذلك لأنه يعطي انطباع للطفل بأن الضرب والعنف مقبول في وقت الغضب.
بذلك نكون وصلنا إلى ختام مقالنا وذلك بعد أن تعرفنا على كل ما يتعلق بالعنف عند الاطفال، وذلك من خلال توضيح مفهوم العنف، وأشكاله، وأسبابه، و أخيرا طرق علاجه.
والآن عزيز القارئ ما هو رأيك للحد من مشكلة العنف عند الاطفال
[latest-selected-content limit=”5″ display=”title,excerpt” titletag=”strong” url=”yes” linktext=”إقرأ الموضوع كاملا” image=”full” elements=”3″ type=”post” status=”publish” dtag=”yes” orderby=”dateD” show_extra=”taxpos_category_before-title”]