أتفكرين بالذهاب .. | قصة قصيرة
بقلم : منه زين
ضللت خوفاً، لم يكن بوسعي الكثير لأقدمه لكم أصدقائي.
كان شعورا غريبا يحتم علي الذهاب، ولكن كيف بعد أن شعرت بالدفئ بينكم.!
طرق طويلة لا تنتهي وطريق واحد للخروج تعلمونه جيدا،
ولكن لم يخرج منه سواي.
انتظرت.. انتهزت الفرصة .. وهربت
وحوشا تحوم المدينة ترصدك بنفوس سوداء هالكة..
تنتظر من يحييها مرة أخرى.
وما أنا إلا عابرة سبيل خائنة رافضة للمتعة..
هل ما أردت نابع من رغبة حقيقية ؟ لم أعد أستطيع السيطرة.. وهذا غريب وجميل أحيانا ومخيف كما هو الآن
أتردد حائرة :
هل واجهت هذا مصادفة … أم أنني ممن اختيروا له خصيصاً…؟؟!
ولا أعلم ما إذا كنت أنا سيدة القرار…
بدأ كل شئ بتجولي في شارع من شوارع المدينة الحيوية،
الذي لا يخلوا من البائعين ولا ممن يشعرون بالجاذبية تجاه بضائعهم، صيفا أو شتاءاً.
بلا هدف…
حتى وطأت مكانا تبيع به سيدة تبدو أنها في أواخر الأربعينيات ملابسا مصممة، انتابني الفضول لرؤية بعض أعمالها ومن يعمل معها وأعمارهم التي تتراوح بين السابعة والثامنة عشر…
رأيت كيف يعملون بقمة التركيز والمتعة…
لم أخرج من هناك إلا وقد عوملت بالأدب والإكرام، يجوب عقلي رغبة شديدة في العمل معهم…
فلم أرى دفئا كهذا في مقر للعمل، ولا مهارة لسيدة في مثل عمرها لتعليم أطفال كيفية التصميم بسرعة فائقة وفي أقل وقت ممكن، حتى أنني لم أشهد أحدا يصمم التماثيل التي توضع عليها الملابس للعرض في الآونة الأخيرة… وأنا ممن تهوى الفن بشكل عام
ويستهويني بقوة أن أقدم نفسي كعاملة في هذا البيت…
قصصت ما حدث في شكل درامي مبالغ فيه أمام والداي
حتى أربح الموافقة…
ها أنا وأمي نرد المكان للمرة الأولى بالنسبة لها والثانية لي، فتخرج مديرته مهللة بوجودنا طالبة من أحد صبيانها
أن يضايفنا بما لديهم من خيرات…
تتحقق رغبتي شيئاً فشيئاً كلما لاحظت نظرات الرضا على وجه أمي…
وبعد… تم تعييني فرداً من عائلتهم…
في نفس اليوم الذي أتى والداي به ليطمئنا أين وكيف المكان الذي أخبرتهم عنه وطبيعة ومدة العمل به…
فخرجا وظللت أنا…
أتعلم كيف أحيك الملابس وكيف أصممها ثم ارتقيت إلى تصنيع التماثيل التي يدخل في تركيبها الورق والورق المقوى بشكل أكبر…
حتى فضلت عن الجميع في تلك الحرفة وأصبحت رائدة في تعليم من هم أقل مني خبرة…
ثم تتخلل بعض الشكوك رأسي حول مراقبة هذه السيدة لي باستمرار… وبوجه عابس… هل صدر مني خطأ أم أنها تغار وتخاف أن يكون منصبها لي كنت أنتظر كلمة تحسم موقف كهذا…
طردت بمهانة وبراتب لا يأخذه “سعد” الطفل ذو التسعة أعوام والأقل مهارة بينهم…
أقسمت على ألا أعود مرة أخرى…
ولكنني خجلت عندما عدت لأخذ النقود من مرتب والدي…
في حين أنه لا يكترث… وأن هذه مهمة من مهماته الأبوية
، كنت أنا أبحث عن عمل في أماكن أخرى…
حتى استصعبت الأمر ووددت أن أعود للتصميم مرة أخرى
ولكنني لا أريد أن أعتذر عن خطئ لم أقترفه…
رأس السنة، نويت إرسال بعض التصاميم التي أنجزتها طوال هذه الفترة، أي فترة غيابي عن العمل معهم…
التي منحتني القوة لتكوين عمل خاص بي يعود علي بالربح، لا أسمح لأحد فيه مشاركتي ولا قطعه لأي سبب من الأسباب…
أنتجت ١٧٠ قطعة، أرسلت لهم ٥٠ واحتفظت بالباقي في صندوق إلى حين عرضه على الإنترنت في نهاية الشهر…
لم ينجح الأمر بالبداية… ولكنني الآن لا أجد وقتا كافيا للراحة…
كانت بداية عظيمة لنفسي ولأسرتي…
ولعودتي مرة أخرى لبيت هذه السيدة…
مرفوعة الرأس، صاحبة شأن وصاحبة عمل…
شاركتها بأعمالي مقابل راتب كبير… ضعف ما كنت أحصل عليه سابقاً…
ومرت شهور حتى هل الخريف ببرودته الخفيفة محملاً بأناس يوفدون على شراء الملابس الشتوية والخريفية الجاهزة، موسم في بدايته خسارة وفي نهايته ربح كبير بفضل مهارة التسويق الالكترونى الذي عاد علينا بمبيعات وصلت ل٦٠٠ قطعة… والتي جعلت كل منا يحظى برحلته الخاصة إلى أي مكان يريد ولفترة محدودة…
فنعود للعمل وقد ملئت نفوسنا بالسلامة والهدوء جاهزين لتصميم الكثير… وبيع الكثير…
حتى فكرت جديا أننا بحاجة للتعاقد مع شركة كبيرة…
ولكنني وجدت من يعترض وبدون سبب للمرة الثانية…
ما مشكلة هذه السيدة!
علام تغضب!
تأتي إلي “سلمى” فتاة في عمري، شاكية من انفعال هذه السيدة ويبدو أيضاً على وجهها السخط، وتريد أن تشعرني بأنني سبباً رئيسياً في غضب هذه السيدة بشكل مستمر… وأخبرتني أنني بعد ما رحلت وأطلت فترة غيابي أنها انهالت عليهم بالضرب فأصبحوا مقصرين ومتعبين… لذا كانت الدفعات التي أرسلتها نجدة إليهم من سوء ما وصلوا إليه… بكت سلمى قائلة أنهم جميعاً تحت يدها إلا أنا…
أجل… فربما كلام الفتاة كافيا لمعرفتي ما سبب كل هذا الغضب… أنني لا أسمح لها بالسيطرة… في حين كونها تريد ذلك…
لم أسعد بما قالت ولا بما أدركت، فالسيدة صاحبة الابتسامة العريضة والنفس الطيبة قد ظهر منها ما يخيف، تجاوزت عن هذا في المرة الأولى وقلت أنها خائفة من أنال منصبا أعلو به عليها… فمن المؤكد أنها تعبت للحصول عليه…
ولكن الآن أردكت أنها تعمل به وليس ﻹدارة العمل ولكن لإشباع رغبتها في السيطرة على الجميع…
على أساس أنها دوما على الخطى الصحيحة، فيجب لها إتخاذ القرار…
فإذا لما لم تشأ تكبير هذا العمل ورفضت عرضي دون تفكير، وقد زادت جودة الخدمة والتصميم بقدر يجعلنا نعمل مع شركات كبيرة، ألا تخاف أن أترك شركتها وأنفرد!
عجبا لما أصبحت بتلك القوة! ماذا تكيد لي هذه المرة!
خوفي مما قد تحيك لي يصارعني، ويظهر ذلك بوضوح من القطع التي أنتج… يظهر التشتت والخوف من خلال بعض الخياطات الخاطئة والتصميم الساذج المكرر…
لما أصبح عقلي لا يحتوي إلا سواها! فكرت أن أترك العمل… حتى أنني أترك التصميم للأبد.
فتأتي إلى في بهجة تسبح في ملامح وجهها وتعطي الموافقة…
لم أكن بحماس المرة الأولى، وكنت الوحيدة من الجميع أقلهم سعادة وجهد…
وبعد قبولنا في إحدى الشركات، تركت تصميم الملابس مؤقتا وفقاً لرغبة السيدة بعدم وجود أخطاء تودي بنا في الشارع بلا عمل أو نقود، ولن نستطيع العودة سويا أو فردا هذه المرة، فقد تسوء السمعة للأبد ولا يقبل على أعمالنا أحد… وافقتها حتى استعيد قوتي
وأصبحت أعمل في البيت الذي كان مقرا للعمل قديما
مع خمسة أو ستة أفراد جميعهم لا تتعدى أعمارهم الرابعة عشر
كنت أعمل معهم في تصنيع التماثيل التي والآن بأمر منها تباع لمحلات ملابس حديثة الإنشاء…
وفي شتاء أواخر ديسمبر القارص… سمحت لنفسي ومن معي بأخذ إجازة سارية لاسبوعين حتى يتحسن الجو
وذلك في يوم لم ننوي به التغيب قط ولكن البرودة اشتدت وأصبحت أناملنا عاجزة عن الحركة
أوقفت الجميع عن العمل وسمحت لهم بالذهاب إلى منازلهم… وأثناء ترتيبي للمكان انتابني الفضول لقراءة بعض الكتب التي لاحظت وجودها في المكتب السابق لهذه السيدة… أخذت كتابا منهم لاتفحصه سريعا فوجدت بعض الرسومات والمخططات الغريبة التي تثير الريبة ولم أشأ العبث أكثر من ذلك… ولكنني أخذت صورة لمخطط منهم بهاتفي وبحثت عنه من خلال تطبيق البحث بالصور لمعرفة ماهية هذا الشئ والذي أظن وبشدة أنه تابع لعمل من أعمال السحر…
وقد أكدت شكوكي بعد يومين من تكرار البحث واسبوع من استشارة بعض الشيوخ…
هذه الأعمال كانت توضع في مياه تدخل في تصنيع التماثيل كون هذا الورق المفروم مستخرجا من الكتب ومنقوعا حتى يزال ما عليه من كلام وكانت وظيفة نقع هذا الورق وفرمه مكلف بها الجميع إلا أنا لي التشكيل كمرحلة أخيرة أي أن كل من ارتدى من هذا المنزل قد أصيب بلعنة حيث يسبب هذا النوع من السحر الاكتئاب لصاحبه وينتهي منه ضحية من ضحايا الانتحار فيما يشكل قربانا للشيطان
أنا ومن معي كنا دمى لهذه السيدة
كل ما شعرنا به وما وصلنا إليه هو بتخطيط منها
ذهابي وعودتي مرة أخرى
مجيئي إلى هنا الآن، اكتشافي الأمر…
[latest-selected-content limit=”10″ display=”title,excerpt” titletag=”strong” url=”yes” linktext=”إقرأ الموضوع كاملا” image=”full” elements=”3″ type=”post” status=”publish” dtag=”yes” orderby=”dateD” show_extra=”taxpos_category_before-title”]
كل ما يتوجب عليك فعله وأنت تقرأ لي؛ أن تنسى ذاتك قليلا وتبدأ جديّاً في تخيل نفسك كبطل ممن أكتب عنهم، سأكون سعيده إن شاركتني نتيجة قراءتك ..