التغيير يبدأ من الداخل .. ولكن كيف؟
رحلة عبر متاهات التغيير: خطوات نحو المستقبل
كتب: أحمد الرفاعي
التغيير يبدأ من الداخل ويُحيطنا من كل جانب، فالحياة رحلةٌ مُستمرةٌ من التحولات والتطورات.
ولكن، قد نواجه صعوباتٍ في التعامل مع هذه التحولات، ونحتاج إلى خارطةٍ تُرشدنا في رحلتنا عبر متاهات التغيير.
“التغيير يبدأ من الداخل”، هذه العبارة أصبحت شائعة جدًا وانتشرت على نطاق واسع في البرامج التدريبية.
وعندما تسأل عما يجب تغييره داخليًا، تتنوع الإجابات؛ فمنهم من يقول غير اعتقاداتك، وآخرون يقولون غير قيمك، وهناك من يقول غير أفكارك، ومن يقول غير مشاعرك…
وهنا يقف الإنسان حائرًا، من أين يبدأ التغيير وما الذي يجب أن يغيره؟
نتفق جميعًا في الإطار العام لكننا نختلف في التفاصيل.
في هذا المقال، سأضعك بإذن الله على أول خطوة لبدء رحلة التغيير…
الخطوة الأولى في التغيير هي تغيير اللغة! نعم، اللغة.
أنشئ قاموسك الخاص.
أعني باللغة المفردات والكلمات والجمل والعبارات التي تستخدمها، فهي تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل ما تراه وما تسمعه الآن، بل هي التي تشكل الإطار الذي نعيش فيه، فواقعك الآن محكوم بألفاظك وعباراتك.
ما تقوله لنفسك وللآخرين عن نفسك له تأثير كبير عليك،
وما تقوله عن الحياة وتكرره يصبح واقعًا …!
لأن الجمل التي تقولها وتكررها مع المشاعر تستطيع أن تخترق الحواجز لتصل إلى العقل الباطن.
وإذا وصلت إلى العقل الباطن، فسوف يوجه وعيك نحو الخبرات المرتبطة بهذه الجملة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، أي أن الكلمات التي تقولها ستوجه جسدك وإدراكك نحو جزء من التجربة يشابه ما تقول.
التغيير يبدأ من الداخل .. فعندما تتحدث عن الفشل في الدراسة أو عن شعورك عند استلام الشهادة في المرحلة الابتدائية، وكيف كانت نظرة المعلم لك وكيف استقبلك الأهل…
في العبارة السابقة، بالتأكيد ذهب وعيك إلى المرحلة الابتدائية يبحث هناك عن تلك المشاهد التي تحكم من خلالها على ما أقول.
العقل يعمل بطريقة تجعل ما يتكرر يقوى ويسيطر.
ما هي الكلمات التي تتكرر في ذهنك؟
هذا تمرين مهم جدًا لتدرك مدى تأثير الكلمات على الحالة النفسية وكيف أنها تشكل حياتنا.
- اقرأ بصمت
حزن، هموم، مرض، قلق، بكاء، جوع، حريق، خوف، عذاب، عقاب، ضيق، موت، ظلام، فراق، خسارة، ضيق تنفس، حرمان، فقر، سجن، ضرب، إهانة، غربة، عجز، ضعف، حاجة.
- ماذا تشعر بعد قراءة هذه الكلمات؟
أعتذر إذا أثارت هذه الكلمات لديك مشاعر الألم والحزن.
وهي كذلك، فالكلمات لها تأثير كبير علينا وهي خطيرة جدًا لأنها تصل إلى اللاوعي وتخاطب العقل الباطن، ولأنها هي التي ترسم الصور والأصوات في عقولنا.
هذه المشاعر نشأت من خلال مفردات، فما هو الأثر إذا قرأت قصة كئيبة أو قصيدة سلبية؟
فما بالك بمن يتابع مسلسلًا من 30 حلقة عن الخيانة؟
هل سيظل كما كان أم سيتأثر؟
بالتأكيد سيتأثر عقله الباطن بصور وكلمات وأحداث سلبية، أو من يستمع لأغنية حزينة ويكررها،
فكلماتي في التمرين السابق كانت أكثر احترامًا للعقل الباطن لأنها مجرد مفردات وأثرت فيكم سلبًا دون استخدام أي أسلوب إيحائي.
متى ستتوقف عن السماح للمسلسلات والأغاني والأخبار السلبية وصفحات الأحداث في الصحف والمواقع الضارة بالتأثير على عقلك؟
- لنستمر في التدريب، اقرأ بصمت:
هدوء، أمل، سعادة، رضا، شوق، حب، طفولة، ضحكات طفل، سرور، صداقة، وفاء، هدية، ورود، جنة، حنين، أمومة، رحمة، مودة، إخاء، ابتسامة، طموح، راحة.
ماذا تشعر الآن؟
التغيير يبدأ من الداخل .. وأنت المسؤول عن ما تقول وما تسمع وأنت المستفيد الأول، فعندما نحافظ على مفرداتنا فإن هذا أول خطوات التغيير، لذا اصنع معجمًا خاصًا بالكلمات الإيجابية،
فتغيير البيئة يبدأ بتغيير ما تقوله لنفسك وتغيير المعتقدات يبدأ بتغيير ما تحدث به نفسك، وتغيير قيمك وأفكارك يبدأ بتغيير كلماتك.
ختامًا،
تذكر يا صديقي، أن رحلة التغيير رحلةٌ شخصيةٌ فريدةٌ من نوعها.
لا توجد خارطةٌ مُحددةٌ تناسب الجميع، بل هي رحلةٌ تتطلبُ الصبرَ والمثابرةَ والتعلمَ المستمر.
استثمر في تطوير نفسك، واجعل التغيير أسلوب حياة،
فأنت تستحقُّ أن تعيش حياةً سعيدةً مُرضيةً مليئةً بالإنجازات.
آمن بنفسك، وامضِ قدمًا نحو مستقبلٍ أفضل!