الخوف عند الاطفال
كتبت: خديجة رمضان
تكثر شكوى الأمهات عن مشكلة الخوف عند الاطفال، و التعامل معها بالكبت و النقد و العقوبة ليست هي الحل بل يزيد المشكلة تعقيداً ويضعف من شخصية الطفل و يجعله أكثر خوفاً .
ومن خلال الأسطر التالية سنلقي الضوء على مشكلة الخوف عند الاطفال و نتعلم أحدث أساليب التعامل معها و علاجها .
الخوف عند الاطفال
بشكل عام يوجد الخوف لدى الاطفال بشكل كبير، فحوالي نصف الأطفال يخافون من أشياء مشتركة كالظلام، الحيوانات، و الأشباح، و 10% منهم يخافون خوفا شديدا من شيئين محددين أو أكثر.
و يكون الخوف عند الاطفال بدافع توقع الخطر و محاولة الهروب منه، ومن علامات الخوف الفزع، والصراخ والانسحاب، وتختلف شدة الخوف باختلاف أعمار الأطفال، واختلاف البيئات المحيطة بهم.
تطور الخوف الطبيعي عند الاطفال
1- في السنة الأولى من عمر الطفل
تكون مخاوف الطفل في هذه السنة نتيجة الأصوات العالية الفجائية خاصة عندما تكون الأم بعيدة عن الطفل، و يعبر الطفل عن خوفه في هذه السن عن طريق البكاء مصحوبا بالصراخ.
2- من سنتين إلى أربع سنين
تكثر المخاوف عند الاطفال في عمر من سنتين إلى أربع أعوام من الخوف من الظلام، والحيوانات، والغرباء، وتظهر الانفعالات في هذا العمر من خلال الصياح، والهرب، وظهور تغيرات في حركة الجسم مثل الكلام المتقطع، وأحيانا كثرة التعرق و التبول اللاإرادي.
3- من أربع إلى ست سنين
من المخاوف الشائعة في هذه السن المخاوف المرتبطة بالأشياء المتخيلة مثل الأشباح و الوحوش، واللصوص، والأحلام ، خاصة عند النوم و تختلف شدة الخوف والانفعال من طفل لآخر، وتتناقص هذه المخاوف بتقدم العمر إذا تم التعامل معها بشكل سليم يجعل الطفل يواجه خوفه.
أسباب الخوف عند الاطفال
الخوف في حد ذاته شعور طبيعي خلقه الله في النفس لحمايتها وقت الإحساس بالخطر و محاولة الهروب و الانسحاب من المواقف الصعبة، ولكن إن لم يتم التعامل معه بشكل سليم وصحي قد يزداد الخوف عن الطبيعي وينقلب لمرض، وقد يتطور إلى فوبيا، فنحن نحتاج إلى فهم طبيعة الخوف و الأسباب التي تؤدي له، وفيما يلي سنذكر أهم تلك الاسباب:-
1- الخبرات و التجارب غير السارة
ما يتعرض له الاطفال من تجارب غير سارة تخزن في ذاكرته و تؤثر في سلوكه و يصعب التخلص منها، مثل التعرض للخبرات المؤلمة كأخذ إبرة، أو عملية جراحية، و قد تكون عضة حيوان تجعله يخاف هذا الحيوان بالتحديد ، و قد يشمل خوفه من جميع الحيوانات على إثرها.
و من الخبرات المؤلمة أيضا السقوط من مكان ما، الاصطدام، الحرق، الرعد والأصوات المزعجة وقد يخاف الطفل من الاستحمام إذا تعرض للانزلاق في الماء، أو لسعة الصابون إذا دخل عينيه.
2- الضعف الجسدي و النفسي
وهو واحد من اهم الاسباب التي تؤدي إلى الخوف عند الاطفال، وذلك لأن الاطفال الذين يتعرضون للضعف الجسدي و النفسي كالمرض، والتعب خاصة إذا طالت مدة المرض أكثر عرضة لتطوير المخاوف عندهم، لشعورهم بالنقص و العجز، وضعف المقاومة لمشاعر الخوف و ضعف مواجهة الأفكار المخيفة بداخله، وعلى الآباء مسئولية كبيرة في تحسين حالة الطفل و توجيه الطفل أنه قادر على مواجهة مخاوفه.
3- المشاكل الأسرية
البيت المليء بالصراعات المستمرة والصراعات والأصوات العالية سواء كانت بين الآباء أو بين الأبناء تجعل الطفل يشعر بعدم الأمان ويتطور عنده الخوف أكثر ويجعله أقل قدرة على مواجهة الخوف كغيره من الاطفال في سنه، ويخاف مواجهة المشكلات، ويخاف أيضاً التعبير عن مشاعره الخاصة .
4- التوبيخ و العقوبة
النقد المستمر للطفل والتوبيخ من أسباب تطور الخوف عند الاطفال لأنه يفقد الطفل ثقته بنفسه في أنه غير قادر على عمل شيء صحيح يرضي الوالدين فتظهر عليه علامات الخوف و الجبن، وأيضا التهديد المتكرر للطفل والعقوبة السلبية تؤثرعلى سلوك الطفل و تزيد من خوفه.
5- التأثير على الوالدين
يستخدم بعض الاطفال الخوف كوسيلة للتأثير على الوالدين لتلبية طلباتهم ، كأن يتظاهر الطفل بالخوف من الذهاب للمدرسة ليستجيب الوالدين بالموافقة على تغيبه عن المدرسة.
علامات الخوف عند الاطفال
يوجد العديد من العلامات التي تشير إلى الخوف عند الاطفال، وفيما يلي سنذكر أبرزها:-
1- علامات جسدية
وتتمثل هذه العلامات في الآتي ذكره:-
- شحوب الوجه .
- تصبب العرق.
- اضطراب النوم.
- فقد الشهية.
- مشاكل بالتنفس ( الربو)
- التلعثم و الكلام المتقطع.
- التبول اللاإرادي.
2- علامات نفسية
ومن أهم هذه العلامات الأتي ذكره:-
- البكاء.
- الصراخ و الصياح.
- عدم الثقة بالنفس.
- الغضب.
- الحزن.
- الشعور بالذنب.
3- علامات سلوكية
وتتمثل هذه العلامات فيما يلي:-
- العزلة و عدم مخالطة الآخرين.
- تجنب الخروج من البيت و الحاجة للاحتماء بشيء مثل تغطية الوجه بالوسادة .
- النوم في غرفة الوالدين .
- عدم التركيز و النسيان.
- السلوك العدواني.
- تدني العلامات المدرسية.
أنواع الخوف عند الاطفال
الخوف عند الاطفال له أشكال عديدة وفيما يلي سنذكر أبرزها:-
1- الخوف الموضوعي
هو أكثر أنواع الخوف انتشارا بين الأطفال، وهو ناتج عن سبب محدد يمكن التعرف عليه كخوف الاطفال من الحيوانات، الأماكن المرتفعة، النار، الرعد، والخوف من حوض السباحة أو البحر، و الخوف من السيارات.
وببساطة لو كان مصدر الخوف واضح فيمكن التعامل مع الخوف أسهل و هو أسرع في العلاج، وسبب هذا الخوف هو تجربة سابقة مؤلمة أو قصة سمعها من قبل أو رؤيته لمشاهد مخيفة، وهذا النوع من الخوف مفيد أحيانا ليتجنب الطفل مصدر الخطر، والمواقف الصعبة التي يتعرض لها في حياته.
2- الخوف الذاتي
وهو نوع غير محدد لسبب الخوف وغير واقعي و ينتشر بين كثير من الاطفال خاصة في عمر أكبر من الرابعة، مثل الخوف من الموت والظلام، والخوف من المخلوقات الخارقة مثل الجن و العفاريت والصوص ، وقد يسبب للطفل قلقا شديدا وأحلاما وكوابيس مزعجة.
لا يمكن التعرف على أسباب هذا النوع من الخوف إلا بعد وقت طويل ، ويأخذ وقت حتى يتغلب الطفل على مخاوفه.
و قد يكون موت أحد الأهل أو الأقارب، والبكاء أمام الطفل، والمبالغة في إظهار حالة الحزن من المؤثرات في خوف الطفل من الموت أو قلقه بالغيبيات المتعلقة بالموت، ويعتبر الخوف في هذه الحالة خوف مرضي غير واقعي .
علاج الخوف عند الاطفال
الوقاية خير من العلاج فتقبل الخوف كفطرة طبيعية تتطور بالتعرض للتجارب والخبرات، ومن غير المفيد تجاهل حالة الخوف، أو التقليل من مشاعر الخوف عند الاطفال، ومن غير المقبول توبيخ وإجبار الاطفال على دخول الموقف المخيف دفعة واحدة ، بل يجب تعليم الاطفال الأخذ بالأسباب و الحذر و ليس الخوف.
ومن أهم إرشادات علماء النفس للتعامل مع مشكلة الخوف عند الاطفال ما يلي:
• التعاطف مع الاطفال ودعمهم
إحساس الكفل بأن الآباء متفهمين لحالة خوفه، فالتعاطف مع الطفل و مشاركة مشاعره و السماع لمشاكله ومخاوفه يجعل الطفل يشعر بالأمان و تعزيز ثقته بنفسه لمواجهة خوفه و مشكلاته، فأي مشكلة أو حادثة تخيف الطفل يجب مناقشتها بلطف وهدوء في أقرب وقت، و تصحيح أفكار الطفل بعدم المبالغة في الخوف.
• تهيئة الاطفال للتعامل مع التوتر
يجب أن يهيئ الطفل من صغره على التعامل مع المشكلات تدريجيا، من خلال توضيح المشكلات و المواقف المحتملة الجديدة مع كثير من التطمين والحذر، ويكون من خلال اللعب مع الأطفال وتعليمهم مواجهة المشاكل والتعامل معها بشكل صحيح بدون إفراط ولا تفريط .
• تعريض الاطفال تدريجيا للمواقف المخيفة
يحتاج الطفل لأن يتعرض بشكل تدريجي للمواقف المخيفة ليتعود عليها دون الشعور بالخوف أو القلق ، مثلا توقف عملية إضاءة الغرفة عند النوم، يمكن تخفيف الضوء بشكل تدريجي كل ليلة حتى يعتاد الطفل على النوم في الظلام دون خوف، أو البدء في نوم الطفل في غرفة منفصلة عن والديه، وإغلاق باب الغرفة أيضا بنفس الطريقة.
• التعبير عن المشاعر و مشاركة الآخرين
من أهم القواعد في علم النفس أنه من الأفضل لصحة الطفل أن يعبر عن خوفه و قلقه بكل صراحة، بدلا من إخفائها خوفا من النقد والتوبيخ لئلا يؤثر ذلك سلبا على سلوك الطفل و تطور مخاوفه وعدم الوصول لحل، لذلك من المهم مشاركة الطفل أفكاره والاهتمام بحالته النفسية وإعطاءه الثقة للتعبيرعن قلقه وخوفه.
الاطفال بطبيعتهم أكثر حساسية وإدراكا للتغيرات و المواقف الجديدة و تظهر عليهم ردود أفعال قد تكون مبالغ فيها، وسلوكيات ينزعج منها الآباء لكن يجب تفهم حالة الخوف عند الاطفال، والتعامل معها بلطف وهدوء وليس التوبيخ أو التهديد بالعقوبة لأن ذلك يؤثر في صحة الأطفال النفسية والذهنية ما قد تصل للتعقيد.
وبذلك نكون وصلنا إلى نهاية مقالنا، والتي ذكرنا من خلالها كل ما يتعلق بالخوف عند الاطفال، و العلامات، و طرق العلاج.
وننتظر مشاركتكم بالتعليقات بصدد هذا الموضوع
[latest-selected-content limit=”5″ display=”title,excerpt” titletag=”strong” url=”yes” linktext=”إقرأ الموضوع كاملا” image=”full” elements=”3″ type=”post” status=”publish” dtag=”yes” orderby=”dateD” show_extra=”taxpos_category_before-title”]