Menu Close

مذكرات امرأة من غزة .. كتابات من واقع المعركة

مذاكرات امرأة من غزة .. تحديث مستمر

تكتبها : عايشة العويني – غزة

أقدارنا مختلفة في الحياة …!

تلك الاقدار كتبها الله لنا وعلينا لحكمة لا يعلمها إلا هو ..
فلا مهرب من هذا
ولكن إيماني بالله ويقيني بأن الله لا يختار لي إلا الافضل
وحده العالم وسبحانه القدير .. فهو لا يكلف نفسا إلا وسعهاا
يحمل كل نفس ما تقدر عليه ..
فالايام تمضي والاقدار تروي نفسهاا
وكلنا نعايش ونتعايش مع اقدارنا
ربنا لجأت إليك ورجوتك ….
الثبات الثبات عند القضاء والقدر

مذكرات امرأة من غزة
مذكرات امرأة من غزة

إنضم لكوكب المعرفة  المكتبة الإسلامية 

مذكرات امرأة من غزة (1)

لم تكن تلك الأيام ترحل دون أن تحمل في طياتها أحداث مثيرة .

ولم يكن فصل الشتاء كأي فصل أخر .. كانت أيامه تروي كل يوم حكاية لا تشبه سابقتها ..

كنت أستيقظ مع أذان الفجر وصدى صوت المؤذن يردد -الصلاة خير من النوم – كان دفء اللحاف وصوت قطرات المطر تردد في أذني – أبقي في فراشك فالجو الدافئ هنا ليس له مثيل-

كنت أتعوذ من الشيطان ثم أتوضأ بالماء الساخن خشية البرد وأصلي وسرعان ما أعود لفراشي .. أغطي رأسي واغفو لنصف ساعة لأقوم بعدها وأبدأ بروتين يومي المعتاد

وما إن حل الصباح .. حتى وصلت رسالة على هاتف زوجي

* اليوم إجازة طارئة بسبب سوء الأحوال الجوية. *

يا إلهي إنها من أجمل الرسائل الصباحية

اليوم سيكون مميز بحضور الزوج والاولاد

جهزت الفطور فنحن نحب بأيام الشتاء أن نأكل الفول بزيت الزيتون والزعتر والمربى كدت أنسى البيض وإبريق من الشاي الساخن ..

تجمعنا حول المائدة و صوت البرد من قوته يكاد يكسر زجاج النافذة سمعنا صوت الرعد فركض الأولاد إلى .الشرفة. ليشاهدوا المطر

ينادي الزوج ادخلوا فالجو بارد جدا ..

جلسنا في غرفة المعيشة الصغار بدأوا باللعب وصوت ضحكاتهم تعلو في أرجاء البيت احضرت لزوجي كوب من القهوة مع قطعة شوكلا …

بدأت بالحديث معه أخبرته أن السنة أوشكت ع الانتهاء وأننا يجب أن نخطط للعام الجديد ولكن سرعان ما قاطعني وجملته المعتادة * إن شاء الله خير ما تستعجلي ع رزقك*

. في هذا الوقت يقاطع ابني الكبير الحديث ويسألني *شو بدنا نتغذى اليوم* أمازحه *أكيد فتة عدس*

يضحك بصوت خافت فتة عدس لااااا …

اليوم إن شاء الله مقلوبة يا بابا وأنا بدي أعملها ما ترد على إمك ..

هذا ديسمبر العام الماضي أما ديسمبر اليوم ففي جعبته الكثير والكثير

اليوم ديسمبر لا يشبه أحد

هو شهر حزين أيامه ثقال تكاد عقارب الساعة تقف لهول الأحداث

نحن الٱن لا نتذكر من الشتاء شيئا

شتاء حزين وجو كئيب

أصبحنا لا نفرح لصوت الرعد ولا نركض للنافذة لنرى المطر

بل ندعوا الله أن يلطف بنا وبالناس

وأن يؤخر المطر ولا ينزل الشتاء

ليس كرها به ولكن نعتصر ألم من حالنااا…

حين نسمع صوت الرعد لا نميزه عن صوت القصف

كل همنا أن نغلق النوافذ بقطع من النايلون

يهرع أبي قبل أن يدخل المطر.. وأمي تركض نحو النافذة الأخرى لتساعده .. صوت القصف يزيد والخوف محيط بنا

أجلس بزاوية أضع أطفالي في حضني

أحاول أن أخفف من خوفهم

لا أدري ماذا نفعل

ديسمبر الحالي لا يشبهه شيئا

مذكرات امرأة من غزة (2)

الصلاة خير من النوم

كلمات يرددها المؤذن في صلاة الفجر ليوقظنا من نومنا ونهم للقاء الله عزوجل

خمسون يوما بعد المئة لم نسمع تلك الجملة

ما نسمعه فقط صلوا في رحالكم ثلاث مرات يكررها المؤذن

ما يحزن قلبي أننا على بعد أيام من شهر رمضان

فلن نعد نسمع المؤذن وهو يردد تسحروا فإن في السحور بركة

لانهم قتلو المؤذن وقصفوا المسجد

يا وجع القلب ويا دمعة العين

لم نقدر على صلاة الفجر في المساجد

ماذا فعلوا بنا يا الله

نسمع نداؤك ولا نقدر أن نلبيه في أحد بيوتك

كل هذا في أيام ثقال حرمنا من أبسط أمور حياتنا

لم يتركوا لنا مسجد إلا وقصفوها بأسلحتهم اللعينة

لكن والله ما دام فينا طفل صغير إلا وسنبني مسجد في كل بقعة من بقاع غزة

سنبنيه بصمودنا وثباتنا وقوة إيماننا بأن الله معنا

نحن لا ننام في ليال الشتاء الطويلة

نحن نتلحف بلحاف رقيق .. نجلس في زاوية الغرفة لنشعر بالأمان

أبقى مستيقظة أغلب الوقت اتفقد صغاري من حولي

أحاول تغطيتهم بكل شيء حولي في أمل أن يبقوا دافئين

اغفوا قليلا .. من شدة التعب والارهاق

افزع من نومي ع صوت القصف من حولي

المؤذن بصوت خافت يأذن

اسمعه وهو يردد بنبرة حزن ..صلوا في رحالكم

اتجهز للصلاة

أجر بنفسي بخطوات ثقيلة نحو الوضوء بماء بارد جدا

ماء غير نظيف لا يصلح للدواب

أتوظأ وأن ارجف من البرد القارس

لم يعد هناك ماء ساخن ولا حتى فراش دافئ

اصلي وأناجي الله أن يتلطف بحالنا وحال من حولنا

أبكي لفقدان أحبتي

أبكي لدمار بيتي

أستودع من تبقى من عائلتي

ثم يبدأ الصباح بالاشراق

اشعر بجزء من الأمان

فنحن كل الليل بظلام دامس

لدينا كشاف ضوءه خافت نضيء به

ما ان يشرق الصباح حتى أستعد لمعركة جديدة

ما بين احضار رغيف خبز او علبة فول

او أركض لاحضار قنينة ماء نظيف للشرب

كنت سابقا اعد فطار مما تشتهي الاعين

اصبح حلمنا ان نجد رغيف خبز

اشتهى اطفالي البيض فلم نجده

صغيري يريد بعض الحلوى ولكني لم أجد

هذا هو القهر بعينه

مذكرات امرأة من غزة (3)

رمضان كريم

عندما يخطر ببالي اقتراب شهر رمضان .. تطير الفرشات من حولي..

فأنا وعائلتي دائما نعد العدة لاستقبال الشهر الفضيل ..

والله لا أخفيكم كيف نتسابق انا وزوجي لاحضار الزينة ونجهز أفكار للمشغولات اليدوية ..

في كل مرة نجهز أفكار لا تشبه سابقتها

نبدأ قبل باسبوع بمشاهدة فيديوهات منوعة عن افكار للزينة وكيفية عمل فانوس كبير

نذهب سوياا لسوق الزاوية المشهور نشتري من افخم الاشياء ونحضر كل ما تراه اعيننا

نجهز البيت .. نصمم فانوس كبير للبيت واخر لنزين به الشارع

نعلق أحبال الزينة والاضواء المختلفة

نحضر الطبول لصغارنااا

لا انسى السنة الماضية تشارك زوجي واخوته الشباب في تزيين الحارة

صوت ضحكاتهم تعلووو والحارة كلها تشاركهم فرحتهم ..

اما رمضان هذا استقبلناه بحزن وأسى

فكل ما اشاهده الان فيديوهات عن القصف والدمار والموت

سوق الزاوية اصبح مقبرة للشهداء

بيتي هدم

شوارعنا لم يعد لها معالم

حارتنا استبدلت الضحكات باللوعة والاهات

رمضان هذا

بدون زينة ولا بيت ولا حتى عائلة

أي رمضان سيأتي والحزن خيم في قلوبنا وعيوننا لا تفارقها الدمع..

مذكرات امرأة من غزة (4)

مما أبكاني قبل أيام

حين ردد صغيري  كلماته عليّ بقوله

والله العظيم المدرسة والامتحانات أحسن من الحرب

أيه القارئ قد تكون هذه العبارة سهلة على مسمعيك

ولكن وقعت بقلبي كسهم مسموم ..

أتدرك ما خلف هذه العبارة

أتممنا اثنان وخمسون يوما بعد المئة

في ظروف قاهرة .. عشنا ما هو أسوأ من المووت

والله إن الموت أسهل ولقاء الله من أحب اللقاءات ..

لا بيت يحوينا ولا عائلة مجتمعة ولا حتى أدنى مقومات الحياة متوفرة

كبر صغيري وأصبح رجل في وقت المفروض ان يكون طفلا يلعب ويلهو ويتعلم ويذهب للمدرسة وللاماكن الترفيهة حتى دور العبادة حرم منها

اصبح مهام الصغيري ان يستيقظ مبكرا مع ساعات الفجر يصلي ويذهب ليحضر ربطة الخبز وربما يأتي بها او لا يأتي

يعود ليتناول الفطور مما قسمه الله لنا والحمدلله نحن أحسن من غيرنا ودائما اردد عليه تلك الجملة

ثم يذهب ليجمع بعض الحطب وفرحته لا أكاد أنساها حين يأتي بحطب سعره رخيص عن اليوم السابق

والمضحك المبكي عندما يأتيني بأسعار الخضار ويقولي هذا اغلى من امبارح  اضحك لانه كبر فجأة وأصبحت أعتمد عليه وأبكي لانه حمل هم أكبر من عمره ..

ثم أحاول جاهدة أن يضيع الوقت مع اخيه الصغير باللعب لكن سرعان ما يقول لي شوف في اخبار اليوم .. مين قصفوا ؟! مين استشهد ؟! في هدنة ولا لأ ؟!

ثم نعيش بأيام متتالية تشبه بعضها البعض

حين يذهب للنوم لا بد أن يسألني سؤاله المعتاد ماما مطولة الحرب ؟!

ليتني استطيع ان اكتب عن كمية الضغط النفسي لذا صغيري

اي قلب يتحمل كل هذا الاسى من قهر وظلم

,كيف استطيع ان امسح من ذاكرته كل هذا الألم

كيف سينسى ابن التاسعة من عمره عدد مرات النزوح وفي كل مرة اصعب من سابقتها ..

هل يستطيع ان ينسى هذا الاسى .. الظلم .. الخوف ؟!

يااارب هونها علينا

..
بقلمي عايشة العويني


إقرأ أيضا: 

إنضم لكوكب المعرفة  المكتبة الإسلامية 

مقترح لك ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *