Menu Close

السر العميق | قصة قصيرة

السر العميق
السر العميق
السر العميق | قصة قصيرة
كتبت : إيمان الزوام

هُنا فقط امتزجتْ الأفكار، وترابطتْ الأحداث ما بين الجيد والسيء.
ترابطت حياتنا ما بين السعادة والحزن، تشتت العقول والأفكار وتشتت القلبُ من كثرة ما يُعانيه، فالحياة مليئة بالصِعاب والتحديات، ولابد من أن نواجه هذه الحياة بإصرارٍ وعزم، فثق بنفسك ولا ترجع للخلف، كمْ من هزائم يواجهها الإنسان!
فليس كُل ما نشاهده صحيح، يوجد سرٌ عميق لهذه الأحداث، وعليك أن تكتشف ما هو هذا السر.
سأسرد لكم حكايتي بما عانيته في هذه الحياة؛
وهدفي يتعلم الإنسان من أخطاء الآخرين، فقد كانت الحقيقة مبهمة تمامًا حول سرٍ مخفيِ لم أستطع اكتشافه، ومرت الآيام ولم أصل إلى إجابةٍ بعد، فقررتُ أن أكتشفُ هذا السر.
ولكن كُنت قد أُهلكت من كثرة التفكير في هذا الأمر المعقد الذي يُشتت العقل من كثرة صعوبته.
فلقد كان السرُ مُدمر، مُحبط، ومنهكٌ للنفس والجسد عندما اكتشفته، وسأكشف لكم حقيقتي .
في السابع والعشرون من مارس
كانت الحياة قاسية جدًا، أصبح الحِمل المُتراكم فوقَ قلبي يزداد يومًا بعد يوم
ولكنني كالعادة كنت أحاول التخلص منه، كنت أشعر بالوحدة، كُنت وحدي في هذا العالم المُميت، وقد بتُ أتمنى الموتِ في كل لحظة؛ لأنه كان بالنسبة لي الحلُ الأمثل؛ للتخلص مما أنا فيه.
فحينما أنظر إلى هذه الدنيا أشعر بضيقها، لما في قلبي من معارك وصراعات، أصبح الضَلال صَديقي، ولكن أنا لم استسلم لهذا، فحينما كُنت أشعر أنني في ضياع، كُنت أنطلق إلى سجادتى وأسجد لربى باكية؛ لأنه الوحيد الذي يعلمُ ما بداخلى.
بدأتْ حكايتي بعد عدة أعوام من زواجي..!
حيث أصبحت مع الوقت أتحمل الكثير دون التفوه بأي كلمة، فزوجي كان سلبيًا بعض الشيء، لم يكن يراضينى، ولا يشعرنى بالحنان.
لم يأتِ إليّ يومًا ليَعرف ما بي، لم يسألني كيف كان نهارك حبيبتي؟
فقد كان يعود متأخرًا، ويأكل ثم يغط في نومٍ عميق.
كان يشعرني بعدم وجودي، كأنه يجلس بمفرده في هذا المنزل الذي ذهبت منه الحياة، بعدما كانت السعادة تَشُع منه، بات كئيبٌ جدًا..!
وحينما كنت أتحدث معه لأعرف ما به، يقول لي:  كُنت في العمل، ومُنهَك كثيرًا.
مع العلم أن العمل كان أربعة أيام في الأسبوعٍ فقط، لم أكن أعلم ماذا يفعل في باقي الأيام، كُنت أجلس وأصلي وأبكي بين يديّ ربي الذي يشعر بي دون التحدث بأي كلمة، يعلم ما بداخلي، ولِما لا فهو خالقي العظيم، تحملتُ معه كل هذا لعدة سنوات.
ست سنوات تحملتُ كل هذا، وأقول لنفسي كثيرًا: فلتنتظري سيأتي يوم ويتذكر وجودك معه، يتذكر ابنته أيضًا، ويشعر إنكم بحاجةٍ لَه.
ولكن هو لم يتغير إطلاقًا، بل ازداد سُوءًا، أصبح يعنّفني كثيرًا بدون سبب، كُنت أبكي أمامه كثيرًا، وتنزف عيناي، فقد سَكنَ الليل تحتها؛ مِن كَثرة البُكاء، ولكنه لم يشعر بى، لم يأخدني بين أحضانه ويقول: “لا تحزني أسفٌ كثيرًا، سأعود كالسابق” لكن كل هذا من صميم خيالي، لم يحدث قط، لذلك قررت أن أواجه مُعاناتي بمفردي، وأكتشف ما سبب ذلك التغير، وأعرف ماذا فعلت حتى أصبحَ هكذا؟
حتى قررتُ البدء في البحث،
بحثت عن رقم صديقه وعلمتُ منه أنه لم يذهب إلى العمل منذ خمسة أشهر…!
أصبحتُ كالبلهاء أسأل نفسي: أين يذهب؟
أيمكن أن يكون تزوج بغيري؟
أيكون معها كل هذا الوقت، ويتركني وحدي أعاني؟ ألهذه الدرجة قصرتُ في حقه؛ ليفعل ذلك؟
لقد كان يحبنى كثيرًا، فقد وعدني أن يبقى معي دائمًا، أن يكون ليّ فقط، لقد كان صادقًا في وعوده دائمًا.
لا!! .. لن يخلف هذه المرة أيضًا، أم من المعقول أنه مع أخرى؟
لا لا ليس لهذه الدرجة فهو مازال يُحبني، ولكن السبب الذي كان يُحيرني كثيرًا، أنه لم يذكر لي الطلاق مرة واحدة على الإطلاق، ولكن إذا كان مخلص لي، لما أصبح هكذا؟
كادت رأسي أن تنفجر من كثرة التفكير، تحدثتُ مع أختي لأسرد لها ما حدث،
وحينها شعرتُ لوهلة باضطرابها كثيرًا..
قلت لها: ماذا بِكِ؟
أجابت : لا، لا يوجد شيء، لكن زوجي محمد يتصل عليّ الآن ..
ثم أغلقت في وجهي سريعًا، مع العلم أن زوجها في الخارج، ولا يتحدث معها إلا في الليل؛ بسبب اختلاف التوقيت بين البلدين أو ما شابه ذلك، ولكن قُلت أنني أشعر بالقلق، لهذا لن أشغِل نفسي بهذا الموضوع كثيرًا.
نَسيت موضوع أختي، وبدأت أفكر في حازم زَوجي مِن جَديد، فقررتُ الاستيقاظ مبكرًا، وبالفعل استيقظت مبكرًا، وانتهيتُ من عملي المنزلي سريعًا؛ لكي أذهب خلفه، وأرى ما يحدث.
حتى أعلم أين يذهب كل يوم، أيوجد شيء يخفيه عليّ ولا يريد مضايقتي به؟
وبالفعل في اليوم الثاني فعلتُ ما قررته في اليوم الأول، وأعطيتُ ابنتي ملك لجارتنا؛ لكي تعتني بها لحين عودتي من الخارج،
وقلت لها: أنني مريضة بعض الشيء، وسأذهب للطبيب، وبعدها سأمُر لِجلب شيء للمنزل.
ذهبتْ خلفه مباشرًا، وسألتُ صاحب السيارة عن المكان الذي وصل إليه
قال: هنا أمام هذا المنزل.
شعرتُ كأنني في حلم مُزعج، لمَ يأتي إلى هنا، فهنا يوجد منزل أختي..!
لِمَ يأتي إلى هُنا، ألا يوجد غير ذلك المكان؟!
من وقتها بدأتُ أشعر بعدم الإرتياح وشعرتُ أن العالم كله مخادع، لم أشعر بشيء غير وأنا أمام سيارةٍ ورجل يصرخ عليّ، ومع ذلك أكملتُ طريقي وأنا لا أشعر بشيء.
كُنت تائهةً بعالم أخر ، لم أشعر بنفسي غير وأنا أمام اليَمّ، بالفعل فهو ما كنت أريده حاليًا؛ لأفرغ فيه عجيجي، ليشعر بمدى تَبَرُّمي، من كثرة تعبي، وأصبحتُ لم أعد أشعر بقدماي، لقد وهنت عزيمتي على الصمود، سقطتُ بِثقل أحزاني علي الرمال، بدأتُ بالصراخ، بالنحيب.
صرختُ بأعلى صوتٍ لدي، وحينها شعرتُ بأن السُقم الذي كنت أحمله منذ سنوات يخرج أمام عيني.
أصبحتُ أقول لنفسي: هل من الممكن أن يكون حازم قام بخيانتي ، أم أن هناك شيء يحدث وأنا لا أعرف عنه شيء؟
ولِم هذا المكان بالتحديد؟!
تساؤلات كثيرة راودتني، ولم أعثر على إجابة، بدأتُ أدعو وأناجي ربي؛ ليخفف ما بي من تعبٍ وألم، حينها شعرتُ بأن روحي تخرج من جسدي، كأن نهايتي قد جاءت، ها حان وقت رحيلي من هذا العالم، وسط شعوري هذا، من انهيار، وسُقم، ودموع.
يعلن هاتفي عن وصول مكالمة، ما هذا أنه حازم، ماذا يُريد؟
حينها أجبتُ على الهاتف بكل حزن ووجع: أهلًا حازم.
حازم: أين أنتِ يا صفا، أين ذهبتِ؟
صفا .. بحزن: خارج المنزل، سأعود بعد قليل.
حازم .. بصرامة: أريد أن أعلم أين أنتِ، فمن حقي معرفة مكانك الآن؟
صرخت بأعلى صوت لدي وقولت: كفى، بالله كفى إلى هذا الحد، كفاك أكاذيب، لقد مللتُ مِنك ومن أكاذيبك التي ليست صحيحة، فلتتركني أنا وابنتي بمفردنا، اِرحل بعيدًا، ولا تسأل عنا أبدًا، فليكفي إلى هذا الحد من الأوجاع، فقد ظَللتُ ست سنوات أتحمل المعركة التي بداخلي، ولم أعد أستطيع أكثر من ذلك.
كنت أشعر أن كلماتي تنزل كالصاعقة عليه، كان متفاجأ مما أنا عليه، لم يكن ينطق بحرف ولم يتفوه مبررََا لموقفه، كان هادئًا تمامًا، وأنا جالسة لا أتحرك، أبكي بحرقة.
فجأة كَثُرت الضوضاء، وأصوات سيارات كثيرة، شعرت أن المكان أصبح يعج بالأشخاص.!
قولت في نفسي: يمكن أن يكون نسيَّ هاتفه ورحل، كنت أقول له:حازم أين ذهبت؟ .. ولا يُجيبُ عليّ، لا يعطيني أي رد.
وبعد دقائق أعلن هاتفي عن وصول مكالمة فأجبت بلهفه :حازم، أين أنت؟
ولكن لم يكن ذلك الصوت الذي يدُق قلبِ له، الذى أراق روحي في حُبها،  من أقسمت على عشقه رغم قساوة قلبه..
فقلت: من؟
قال: إن صاحب هذا الهاتف أُصيب بحادث، والآن سيتم نقله إلى المشفى العام.
ثم أُغلق الخط سريعًا، حينها لم أشعر بقدماي وهي تسير في الطرقات، أصبحت أسير كالبلهاء.
وهنا شعرت بسقم مرة أخرى أكبر مما كان بداخلي،
كيف ذلك؟ لا لن يتركني حازم ويذهب أبدًا.
بدأت أحدث نفسي طوال الطريق إلى أن وصلت إلى المشفى ومن ثم سألت عن بمكانه وعلمت أنه داخل غرفة العمليات؛ لأن وضعه حرجًا للغاية؛
بدأت الدموع تغمر عيني وأنهلت على الأرض بالسقوط وبدأت أدعوا الله أن يفيق ويرجع إلينا، لم أكن أتوقع تكون هى تلك النهاية بيننا كيف نفترق؟ لا لن يحدث ذلك أبدًا. بعد عدة ساعات خرجت طبيبة من غرفة العمليات حينها أسرعت إليها بلهفه.
قلت: كيف الحال، أهو بخير الآن؟
الطبية: الحمد لله إستطعنا أن نوقف النزيف قبل أن يؤثر عليه خاصة أنه كان يتعاطى نوعًا من الكيماوي؛ لأنه مصاب بورم خبيث ولكن الآن اعتقد أنه يتعاطى في أخر جرعة له في الدواء وحالته مستقرة جدًا وسيصبح بخير يمكنك زيارته حين يفيق.
كانت الكلمات تنزل على قلبي كالصاعقة..!
لم أستطيع أن أقف على قدماي بعد هذه الكلمات.
أكان مريضًا حقًا، لماذا إذن لم يخبرني؟ كيف حدث ذلك؟
وكيف لم أشعر به؟ لقد ظلمته كثيرًا.
تسأولات كثيرة مرت في ذهني، عقلي كان مشوش من هول ما قيل، لم أكن أدرك أن يتركني ويغادر ذات يوم، ظللت أبكِ كثيرًا إلى أن وصلت حنين أختي بعد أن أخبرتها أن تأتِ إلىّ سريعا، ومن ثم أخذت تربت على كتفي وتحاول أن تطمأنني أنه سيصبح بخير.
سألتها  أكنتِ على علم بذلك؟
حنين: أسفةٌ حقًا، لكن حازم كان مصرًا على عدم أخبارك بذلك الأمر؛ لأنه يحُبك كثيرًا ولا يريدك أن تحزني.
صفا .. بحزن: لا عليك يا حنين، كل ما أتمناه الآن هو أن يفيق، لا أستطيع أن أعيش بمفردي، لا أتحمل ألا يكون بجواري.
بعد عدة ساعات أخبرتنا الطبيبة أننا نستيطع رؤية في غرفة 193؛ لأنه استيقظ منذ دقائق.
كان العجيج الذي بداخلي كثيرًا، كيف سأنظر إليه لقد ظلمته كثيرًا ولكن قررت أن أدخل إلى الغرفة واترك قلوبنا تتحدث.
كانت عيناه تحكي كلمات كثيرة وشوقًا كبيرة ومن هنا بدأت الدموع تملأ عيني، أصبح صوتي متحجرش لا يخرج كالسابق، تعلثمت الكلمات داخل فمي لم أستطع أن أتحدث ومن ثم ارتميت داخل ذراعية وبكيت بكاءًا مريرًا يمزق القلب عند سماعة.
حازم ..بضعف: أسفٌ حقًا، يكفي ذلك، لمَ البُكاء الآن؟
صفا: بل أنا من أعتذر منك، لمِ لم تخبرني من قبل بذلك؟
حازم: لأنني لا أستطيع أن أراكِ حزينة بشأني وها قد أصبحت بخير، لا تحزني أرجوكِ.
ومن هنا انتهى الحديث بيننا وبعد عدة ليال ذهبنا إلى منزلنا وكانت السعادة تعم المنزل بأكمله، وهنا يعلن قلبي أن روحه التي سُلبت مُنذ سته أعوام رجعت إليه مرة أخرى، ذهب عجيج قلبي وأنتهى الألم الذي بداخلي، وكنت سعيدة جدًا.
_لذا لا تحكم على القصة من بدايتها عزيزي القاريء، انتظر للنهاية؛ لأنك لا تعلم ماذا يحدث خلق الكواليس، عليك أن تصبر حتى تكون سعيدًا، لن تشعر بعوض الله إلا بعد الصبر، كن مثلًا يعتز به الآخرين، لا تكن حبرًا أسود يريد الجميع محوه ولا يدرك كيف يمحوه، كن كما تشاء وأعلم أن عوض الله آت لا مُحال “.
“وكأن أرواحنا تتلاقى بعد غُربة وأفتراق”.
🖤

مقترح لك ...