– سوادٌ حالك لا يستطيع أحد رؤية ماذا يحدث بالداخل، غرفةٌ مظلمة، هدوءٌ تام يحيط أركانها، بردٌ قارص لا يتحمله بشر ،أيري أحدٌ ماذا يحدث بالداخل..!!؟
هل يمكن أن يتواجد آدمي في هذا الصندوق؟
الصورة قاتمة
وكلما حاولت أن أقترب أجد أن كل هذا الوصف يذكرني بكلمة دائماً ما تتردد بذهني ، ولكن ثلاث حروف ، هل لكلمة من ثلاث حروف أن تعبث بي وتهئ لي كل هذه البشاعة من الوصف ،لو كان هذا هو حال السجن ما حال السجين سأقترب واتأكد بنفسي… أيها السجين!!
صمتٌ تام .. بالكاد أسمع خطواتي.
لا .. لايمكن لأحد المكوث هنا لعدةِ دقائق ولا حتي أنا
ولكن الكلمتان مترابطتان فالسجن للسجين لن أدع التساؤلات تعيق تحركي يجب أن اخرج من هنا…
السواد يعم المكان هيا اسرعي قليلا لا تسمحي للخوف أن يبطئ خطواتك.
ماذا؟ ما هذا؟ تنهيده !!!
أحقاً ما سمعته!
نعم يوجد أحد.. أيها السجين هل تسمعني؟
_نعم أنا هنا في زاوية من زوايا غرفتي اللعينة أقتربي أكثر بالكاد تستطيعين رؤيتي.
_ لماذا أنت هنا ؟
_ السجن للسجين وهذا حالي.
_ كيف يمكنك تحمل المكوث هنا.
_ السجن للسجين وهذا مكاني.
_ صف لي حالك وبم تشعر؟
_ أأصف لكي حالي وحالُكِ من حالي !!؟
وصفتي غرفتي بأقبح الكلمات ولكن لا تعلمين ما وراء هذا الوصف، الكل يريد رؤية الظاهر ولا يكلف أحد نفسه بأن يزيح الستار لهذه الكلمات ولكن سأزيحها لكِ أنا .
لنبدل الأدوار ولتنتهي أنتي من دور السائل ولتتقمصي دور المسؤل.
_ ما الذي أتي بك إلي هنا؟
ولما كل هذا الضجيج في نبرة صوتك التي تحاولين إخفاها بهمهمه بسيطة ف الكلام؟
لمَ كل هذا الخوف من الظلام؟
تتهمين غرفتي بأبشع الكلمات فلتقصي لي أنتِ من أين أتيتِ ، فلتصفي لي كيف هو سجنكِ؟
_ لا .. أتيت من بيتي ، ولا يجب أن تنعته بسجن ، فهو منير واسع به عائلتي ولست وحيدة فأنا لم أكن يوماً سجينة مكان، يمكنني التنقل وقتما شئتُ أينما شئت…
ولكن …!
ولكن قراري ليس قراري، حرية بالاسم لا بالفعل، لا الإختيار إختياري ولا أستطيع أن أشعر بأن هذا الدار داري.
مساحة واسعة ولكني أختنق ..!
حتي حرية تحديد مصيري لم تكن من حقي ، لعبة متحركة بخيوط مشدودة وأيادٍ تحركها يَميناً شَمالاً.
قراري، إختياري ، مصيري ، حياتي ، أحلامي، كل هذا بيدي وهذا ما ظننته ولكن أنظر فيداي فارغتان وهذا لأنهما مشبوكتان بالخيوط التي تحركني .
أذاً أنا مسخٌ لا أجرأ علي قول أنها حياة وأن بيتي أفضل من سجنك فأنا سجينة بيتي وحَالُك من حالي أعتذر عن بشاعة وصفي..
_ لا تعتذري لحالك فما أنا إلا أنتي وما صوتي إلا الضجيج المنبعث من الهمهمه وما وصفك لسجني إلا وصف لبيتكي فأنا حالُكِ وما تشتكينَ حَالكِ لغريب، فأنتِ تغوطين في خيالك وما أنا إلا سجينةُ بيتي ..